الفصل التاسع

19.3K 717 106
                                    

الفصل التاسع
#عروس_مع_وقف_التنفيذ

يخترق الهلع كل ذرة فينا ، و يتملكنا شعور باغض بالاختناق رغم فساحة العالم من حولنا .. حين نقف مرتعبين علي حافة الفراق ..
حينها لا تشعر بـ شىىء سوا ذلك الآلم الذي يعتصر قلبك الرقيق بين قبضتيه .. يشبهه البعض منا بآلم مفارقة الروح للجسد.. و لكن ذاك آلم وقتى ينتهى بـ عروچ الروح الي بارئها ...
أما آلم الفراق فـ يظل باقياً لا يزول أثره بهذه السرعة حتي و ان زال؛ تبقي تلك الغصة حبيسة ذلك القلب الآنى ..
ذاك الشعور  نفسه الذي تملك "حُسنية" و هي تجلس في رواق المشفى العام الذي نقلت إليه "نرجس" ...
كانت عيناها مقرحتين من شدة البكاء .. و جسدها ينتفض باستمرار كلما رأت أحد من الطاقم الطبى يدلف أو يخرج ..

لا يطفىء لوعة الأم علي فلذتها أى شىء؛ و لا تجدى معها عبارات التواسى المتكررة و لا الأيادى الممتدة لتربت علي خاطرها ..

"اهدي يا عمتو أن شاء الله نرجس هتبقي كويسه .. و اهو الدكتور طمنك عليها من شويه ...و أنهم دلوقتى بيعملوا لها غسيل معدة عادي .. عشان الحبوب اللي بلعتها دي .. يعني هتبقي كويسه"

كانت تلك مؤازرة "فرح" لـ عمتها ، فى حين كان "عاصم" يجوب الأرض أمامها ذهاب و ايابا .. يكاد يجن من تلك الفتاة لا يصدق  أن عقلها أرشدها الي فعل تلك الجريمة الشنعاء في نفسها ...

التقتط عيناه  الطبيب حين خرج من الداخل و خلع القناع الطبي عنه بارهاق شديد ...فـ اندفع مع البقية نحوه يسأله عن حالها بلهفة بالغة :

"طمنا يا دكتور ؟!"

رد عليه بارهاق يخالطه نهيج أنفاسه السجينة خلف ذاك القناع  :
"الحمد لله ربنا ستر و لحقناها .."

أطلقوا العنان جميعا لـ أنفاسهم المسلوبة وجلاً من تلك الكارثة التي حلت بيهم.. مرددين عبارات الشكر و الحمد لله القدير..

اما هو فـ انفرد بالحديث جانباً مع الطبيب ليقول له بـ حزم :

"طبعا مش محتاج اقول لك يادكتور اني مش عاوز اي حد يعرف بسبب دخولنا هنا .."

أومأ له بالايجاب ليردف قائلا بصوت رصين:

"مفهوم طبعا.. حاليا هنحطها تحت الملاحظه الطبيه و بكره هيشوفها الدكتور النفسي و يتكلم معاها..."

قطب حاجبيه باستنفار و حدة قبل أن يسأله بحزم  :

دكتور نفسي ليه؟!

فسر له الآخر بهدوء قائلا ً :

لأن اي حالة انتحار بتدخل المستشفي عندنا  لازم  نعرضها علي طبيب نفسي عشان نشخص حالتها و الدوافع الحقيقية ورا اقدامها علي فعل زي دا .. و بعدين بنبدأ مع المريض جلسات تأهيل نفسى لحد ما يتعافى ...

غمغم بتفهم و هو يدس يده في جيب بنطاله...  يجول الأرض بعينيه كمن يبحث عن شيء وقع منه سهواً ، يفكر في كلامه بتروى ... قبل أن ينظر إليه مرة اخري  و يهتف بـ حزم :
مفيش داعي للشوشرة دى .. اللي حصل دا بسبب خلافات عائلية محبش أنها تخرج برا العيله...
قابل الاخر رده بحزم مماثل :
دي حالة انتحار يا عاصم بيه .. و المفروض اني أبلغ فيها الشرطـ...

عَروس مع وقف التّنفيذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن