الوسادة الناعمة

451 27 18
                                    

كان هاياتو البالغ من العمر ثماني سنوات مستلقياً على سرير والدته محدقاً بالسقف بغضب و عبوس شديدين .
تشاجر مع والده مجدداً و الاكبر حبسه هنا كالعادة، كأن لديه مكان اخر يذهب اليه .

تنهد بانزعاج يتمنى فقط ان لا يحرم من الطعام، لكن بعد أن فكر لثوانٍ راى ان هذا لا يهم فهو يمكنه التسلل للمطبخ و اخذ اي شيء لاحقاً . لن يدع والده يتحكم بكل تحركاته .

انقلب للجانب ليحدق بالجدار مفكراً بأخيه، هو دافعه الوحيد للعيش، لو لا رغبته بعدم تركه بمفرده في هذا العالم لكان ذهب لوالدته منذ زمن .

و على ذكر والدته، نهض فجأة عندما خطرت له فكرة لقضاء الوقت افضل بقليل من التحديق بالاثاث و حسدهم عن طريق الخطأ .

اتجه للخزانة ليفتحها و يرى ما اخفاه عن والده من ثيابها الجميلة .
اخرج فستاناً ازرق و جلس على الأرض ليضمه لصدره مستنشقاً رائحته .
مجرد وجود شيء يخص والدته الحبيبة بين يديه يجعله يتخيل نفسه في حضنها الدافئ .

اغمض عينيه مبحراً بخياله معها و هو يتلمس بيده الفستان الناعم .
كان ذو قماش سميك شتوي يبعث الدفئ و الراحة .
يتمنى لو يبقى يحتضنه للابد إلا أن والده سيأخذه لو راه !

خطرت له فكرة فجاةً فرفع رأسه محدقاً بالسرير قبل ان يبتسم بمكر !
نهض و احضر الوسادتين اللتين كانتا عليه و اخرج من الخزانة علبة صغيرة، كانت ادوات الخياطة الخاصة بهانا .

التقط مقصاً و مزق الوسادتين ليخرج الصوف منهما ثم قطع جزء من الفستان ليفرشه أمامه .
أعاد جمع الصوف بعد ان تناثر و وضعه وسط القماش ثم لفه ليصبح شكله دائراً و قص الزائد منه و اخاطه ليتحول لوسادة زرقاء دائرية جميلة من الامام و تخفي كارثة خياطته خلفها !

أحتضنها و قد اعجبه ملمسها . يمكنه استنشاق رائحة والدته طوال اليوم ألان .
اخفى ما اخرجه من اغراض ثم اخذ الوسادة ليقفز على السرير بسعادة و ينام محتضناً إياه .
بعد تفكيره بوالدته خطر ميكا بعقله ليفكر " انا متاكد انه سيحب الوسادة ان راها ! هل يمكنني صنع واحدة له ايضاً ؟ لكن كيف احصل على هذا الشيء الذي بداخلها ؟ ... تذكرت ! هناك وسادة بغرفة ابي ! هو لا يستحقها بالطبع لذا ساخذها عندما يخرج ! ممتاز ! "

ضحك بخفة و هو يتخيل كيف ياخذها و كيف ستكون ردة فعل اخيه عندما يريها له متناسياً ما سيحل به عندما يكتشف والده ما فعل فهو لا بهتم باي حال !

و في اليوم التالي انتهى عقاب هاياتو ففتح هيرغو قفل باب غرفة هانا و خرج لاداء اعماله فذهب هاياتو لغرفته و اخذ وسادته و عاد ليكرر ما فعله أمس و قد اختار اكثر قماش ناعم و مريح ليصنع وسادة أصغر حجماً من السابقة لكنها ستكون اسهل بالحمل .

احتفض بها حتى يحين موعد ذهابه لمقر العصابة و هو متشوق لاعطائها له .

عندما دخل البوابة برفقة والده تلاشى كل غضبه فور ان وقعت عيناه على ذو الشعر الاشقر يسير بجانب ولي امره مخفضاً رأسه كالعادة فركض نحوه متجاهلاً والده و من حوله ليصرخ باعلى صوت : ميكا !

توسعت عينا ميكا بصدمة و خوف فاستدار فوراً ليحتضنه هاياتو بقوة كادت تسقطه !
احاطه بذراعيه هامساً : هاياتو !

نظر له بقلق ثم لوالده فرأى نيكولاس يبتسم لهما و لم يشعر بأي انزعاج او معارضة صادرة منه فاحاط صديقه بقوة اكبر معبراً عن شوقه : افتقدت كثيراً هاياتو ، سعيد أنك بخير .

العبارة الاخيرة كانت جملة ميكا المعتادة عند كل اجتماع لهما فهو يخشى حصول شيء لهاياتو في غيابه .

جرى هيوغو نحوهم بسرعة ليعتذر من نيكولاس على تصرف ابنه و يسحبه بعيداً عن ميكا الا ان هاياتو تمسك به بقوة و التصق بجسده كأنه وضع صمغاً خارقاً بينهما حتى أمر نيكولاس هيوغو بتركهما و ارسلهما الى زنزانتهما برفقة احد الحراس .

ارتاح ميكا لان والده لم يفعل شيئاً فصوت هاياتو كان مرتفعاً جداً و قد افزعه و فور جلوسهما في زاوية الغرفة اخرج هاياتو الوسادة التي صنعها ليقدمها له : ميكا انظر لهذا ! ما رأيك ؟ صنعتها بنفسي !

حدق ميكا بها بحيرة و لمعة الحزن لا تفارقه كالعادة فوضعها هاياتو بين يديه قائلاً : أمسكها، أنها لك، وسادة مريحة اكثر من التي لدي !

- وسادة ؟ لي ؟

تاملها قليلاً و سرعان ما ظهرت ابتسامة خافتة على وجهه : جميلة، انها ناعمة جداً، و دافئة ايضاً !

ختم كلامه مقرباً اياها من وجهه بسعادة ليهتف هاياتو بثقة : قماش امي يجعل اي شيء دافئاً ! لابد أنك استشعرت وجودها فيه !

ضحك ميكا بخفة لينظر له : حقاً ؟ لم استشعر ذلك !

تفاجئ هاياتو و نظر له بعبوس : كيف هذا ؟ رائحتها فيه لهذا هي دافئة و منعشة !

رد ميكا بابتسامة لطيفة : انا وجدت رائحتك و هذا يجعلها اكثر من دافئة . شكراً لك اخي .

تلك الابتسامة تجبر هاياتو على رسم واحدة مشابهة على وجهه دائماً تاركاً كل ما يسبب العالم له خلف ظهره فرد بسعادة : لاباس، رائحتي موجودة في الخيوط ربما ! المهم ان ترتاح عندما تنام عليها دون كوابيس .

أومأ ميكا إيجابًا مبتسماً: سافعل .

النهاية

(^O^☆♪-ميكا و هاياتو - قصصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن