حين كان عمر ميكا و هاياتو لا يتجاوز الثلاثة عشر عاماً، تحديداً بعد اشهر قليلة من تورط هاياتو ودخوله المدرسة لارضاء صديقه، كانت حرارته مرتفعة فسهر ميكا بجانبه، نادراً ما يصاب هاياتو بالحمى لكن حين يفعل تكون قوية عليه، ما ان تمر نصف ساعة على انخفاضها حتى تعود لترتفع مسببةً القلق للاشقر فبقي بغير له الماء ويضع القماش المبلل على جبينه.وفي المساء، وضع ميكا يده على رأس هاياتو يقيس حرارته، سرعان ما ابتسم بخفة مفكراً «جيد، انخفضت اخيراً»
ابعد وعاء الماء وتامل وجهه الساكن، يستطيع الحركة قليلاً والاطمئنان من عدم استيقاظ هاياتو فنومه لا يكون خفيف جداً ليشعر بهبوب نسمات الرياح كما يفعل عادةً حين يكون مريضاً.
فكر ميكا «ماذا افعل الان؟ لا استطيع النوم فقد ترتفع حرارته مجدداً دون ان اعلم... عليّ استغلال الوقت لكن بماذا ؟.. مؤسف انني لا استطيع العمل في هذه الساعة وانا اراقبه.. سادرس اذن»
نهض ليفتح حقيبته ببطئ شديد وهدوء تام ليخرج كتاباً منها ويعود للجلوس على الارض بجانب السرير. بدأ يقرأ تحت ضوء الممر الخافت الذي يصل للغرفة وعيناه تهربان لهاياتو كل بضع دقائق. هو بالفعل يستطيع امضاء ساعات بالقراءة دون ان يشعر باي ملل او تعب فهذا ما كان يفعله في منزل والده لسنوات.
مر الوقت سريعاً، سريعاً جداً بالنسبة للنائم، حين بدأ يستعيد اتصاله بالواقع شعر بيدٍ دافئة تمسك يده فاسفر وجهه عن ابتسامة طفولية ملؤها السعادة والرضى، ليفتح عينيه ببطئ مستشعراً الراحة والحب الذي يفتقده.
لكنه صدم برؤية اخيه غارقاً في شيء اخر غيره، غارقاً بين صفحات كتاب مدرسي مندمجاً بالقراءة ! على الرغم من انه يمسك يده الا ان هذا غير مرضي نهائياً للمريض هنا فنهض فوراً ليسحب الكتاب منه سريعاً صارخاً: لا، هذا غير مقبول ابداً! ساحرق هذه الاشياء التافهة التي تسرق اخي!
قالها بنبرة حزينة باكية وهو ينهض ليتخلص من الكتاب بعد ان افزع ميكا لكن الاخير تدارك الامر بسرعة لياخذه منه: لا هاياتو! عد للنوم!
نظر له الاصغر بحزن يكاد يبكي ووجهه محمر بفعل الحرارة السابقة :لا، انت كنت تحبني انا والان لا تهتم بي! لماذا؟ لا اريد ذلك! اريدك معي!
نظر ميكا له بقلة حيلة ودهشة خفيفة ليتنهد : انا معك هاياتو، اهتم بك واحبك كثيراً جداً.
رد الاخر بانزعاج : تحب الكتاب اكثر مني!
ابتسم ميكا سراً لجنون اخيه وصوته الباكي الظريف ثم وضع الكتاب جانباً : لا افعل اخي، الان عد للنوم، مازال الوقت باكراً جداً.
جعله يستلقي وهو يسمح على شعره بحنان فسحبه هاياتو لجانبه بعبوس وحزن: لا تتركني!
ضحك ميكا والصق جبينه بجبين اخيه: لن افعل بالطبع، سابقى هنا! والان وارتح جداً.
نهاية