-بعد مرور خمسة اشهر على الهرب-
في يوم دافئ يكاد يكون حاراً، بعد غروب الشمس، وصل الصغيران للمكان الذي سكناه، زقاق واسع شبه فارغ لم يطل عليه الا باب خلفي لاحد المتاجر.
وخلف كومة الصناديق الفارغة، جلس ميكا وهاياتو على الارض ككل يوم يتناولان الطعام القليل الذي حصلا عليه قبل قليل من مال عملها.غروب الشمس هو نهاية يومهما، مازال الاثنان يخشيان التجول في الشوارع ليلاً او مفارقة بعضهما للحظات.
كانا يبقيان في تلك الزاوية يتحدثان ويستندان على بعض حتى ينامان.لكن اليوم حصل شيء مختلف، كُسر الهدوء الذي يلفهما حين اضاءت السماء فجاةً!
رفع هاياتو راسه ليحدق بالالوان التي زينتها، كما اتجهت عينا ميكا نحوها.شيء عجيب اخر لم يره هاياتو في حياته جعله يبتسم باشراق. امسك كتفي ميكا هاتفاً وعيناه لا تفارقان السماء: اخي أترى ذلك؟ أتراه؟
رد الاشقر ضاحكاً: اجل اراها هاياتو، انها الالعاب النارية.
التفت الاصغر اليه باعجاب : العاب ؟؟
عيناه اللامعتان بسعادة وفضول لا يضاهى تجعل ميكا يبتسم كالعادة : اجل، قرأنا اعلاناً عن مهرجان اليس كذلك؟ لابد انها تابعة له.
تحدث هاياتو بحيرة : اهناك العاب نارية في كل مهرجان؟؟
نظر ميكا له بابتسامة : اجل، انها جزء اساسي منه، يطلق الناس الالعاب النارية لتضيء السماء كل ليلة طوال ايام المهرجان.
اقترب هاياتو اكثر بسعادة وعيناه تبعثان بريقاً طفولياً اخاذاً: اريد اطلاقها!
بدت الحيرة على ميكا : حقاً؟.. لكن.. لا يمكننا شرائها..
لم تتلاشى ابتسامة هاياتو الواسعة رغم هذا الخبر : لابأس! اريد مشاهدتهم، كيف يفعلونها!
ميكا: تريد ذلك؟..
ابتعد هاياتو ليستد ظهره للجدار ويحدق بالسماء بسعادة ومرح : تكفيني مشاهدتها الان! اريد رؤيتها عن قرب! في المرة القادمة سارسم في السماء والونها كما يفعلون لكن لاباس بالنظر فقط حالياً! دعنا نذهب لمكانها اخي! هيا!
نظر اليه في اخر كلامه بحماس شديد فلم يتزك لميكا خيار، ابتسم الاشقر قائلاً: حسناً، يمكننا الذهاب غداً.
هتف هاياتو: رائع!
...................................................................................
في اليوم التالي، اليوم الثاني من المهرجان الذي يستمر لثلاثة ليالي، اتجه ميكا وهاياتو لمركز المدينة حيث بؤرة المهرجان والمكان الرئيسي لاطلاق الالعاب النارية بقيا هناك بعد غروب الشمس منتظرين وقت اطلاقها.
اضاءت المصابيح الصفراء الشارع وعكست ظلالاً متحركة جميلة، بعثت الزينة الملونة التي ملأت الشارع بهجة جعلت ابتسامة هاياتو تتسع.
ابتسامة طفولية سعيدة لالوان لم يتخيل رؤيتها هكذا.ابتسم ميكا بسعادة حين راى فرحته تلك.
تقدم هاياتو بسرعة لمنتصف الشارع قبل ان يبطى ويسير بهدوء، عيناه تحدقان بكل شيء حوله باعجاب.
تقدم ميكا سريعاً ليسير بجانبه فامسك هاياتو ذراعه: ميكا! ما هذا؟نظر الاشقر لحيث اشار صديقه، للكشك الملون المليء بالالعاب، قال : هذه.. اشبه بمسابقة، تحدي! ان استطعت الفوز به ستاخذ لعبةً.
نظر هاياتو له بحيرة : وانت فشلت؟
ابتسم ميكا : لن تاخذ شيئاً.
عبس هاياتو لكن لا يمكنه قول شيء، هو يعلم انهما اساساً لن يستطيعا المشاركة ليكون احتمال الفوز او الخسارة.
تجولا في شارع المهرجان كله حتى حان وقت الالعاب النارية، حين كان هاياتو متحمساً ينتظر ان تُلون السماء، انفجر شيء خلفهما افزعه.
العصى التي تطلق الالعاب كانت تحدث ضجيجاً كان اشبه باطلاق الرصاص بالنسبة لهما !عصى اخرى انفجرت قربهما ليلتفت هاياتو نحوها بقلق! تتالت الانفجارات وسط صراخ الناس وفرحهم ليتراجع هاياتو اكثر متشبثاً باخيه: ميكا..
نظر الاشقر له بحيرة وشيء من القلق، يدرك تماماً ما يفكر فيه هاياتو الان، تلك الاصوات اعادت له الذكريات نفسها، لعب افراد العصابة وتهديدهم لهما، استخدامهما كاهداف للرماية!..
انزعج هاياتو من الاصوات بالقدر الذاته وخاف منها. لم يكن ميكا يحبها منذ البداية اساساً!
تزاد الانفجارات حولهما جعل هاياتو ينكمش على نفسه ويمسك ذراع ميكا بقوة هامساً: لنذهب.. لا اريدها.. لم تعجبني!تفهم ميكا ذلك فحرك راسه بندم : حسناً، لنغادر.
استدارا مبتعدين ليعودا لمنطقتهما بعد خيبة امل طفيفة تلقاها هاياتو، ليس وكان ميكا لم يتوقع امراً كهذا لكن تشبيه يا للالعاب بالرسم على السماء جعله يظن انه قد يحبها.
...................................................................................في اليوم الثالث والاخير من المهرجان، اتجه الاثنان لمكان مرتفع قليلاً وبعيد عن مركز المدينة ليشاهدا الالعاب النارية دون اصوات الانفجارات المرتفعة، كانا بالكاد يسمعان صوتها حين تتناثر في السماء.
اخرج ميكا عشائهما وجلس بجانب اخيه، اعطاه ربع السندويش واخذ الربع الباقي وهو يتأمل ابتسامة هاياتو السعيدة الواثقة : مشاهدة الالوان من هنا افضل!
ابتسم ميكا: اجل، بعض الاشياء تكون اجمل حين تبقى بعيدة عنا.
عانقه هاياتو بقوة : جيد انك لست من بين هذه الاشياء!
ضحك ميكا بخفة وبادله العناق.
النهاية