ماذا ان راى ميكا وهاياتو الشابان نفسيهما الصغيرتين من الماضي قبل الهرب واستطاعا لمسهما والحديث معهما؟
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•
قطرات الماء تسربت من الصنبور.. سقطت في بحيرة ذكرياتهما لتتموج تلك الليالي الباردة في ذهنهما.
يفتح وعيه على صوت الصراخ اليائس، و التهديدات عديمة النفع!
في اول بقعة عرفها من هذا العالم القاسي، في مكان لا يصل نباح كلب اليه، داخل منزل صغير مهترأ، حيث امسك الرجل طفلاً يحمل في عمره رقماً واحداً فقط، وثبتوه على الارض.الرعب في صوته المرتجي يقسم القلب، نظراته المرتجفة تجعل كل عين قاسية تنكسر، الا اعين هؤلاء الرجال الذين ابتسموا باستمتاع، واحدهم يضع وتداً على منتصف ذراعه استعداداً لخرقه، بينما الاخر بدأ بالفعل جرح ساقه، والثالث يناقشهم عن امكانية سلخ جزء من جلد كتفه.
تحرك الصغير اسود الشعر بقوة محاولاً التحرر: لااا!! دعني!! دعوني!! ساقتلكم!! سانتقم منكم!! لاااا! ... اعدكم سافعل!! ساريكم الالم الحقيقي!! .... اااااه.... تو.... توقف.... اااااه
.... امام ذلك الطفل، وقف شاب كالشبح يحدق بهم دون ان يراه احد من الرجال! عيناه الحمراوين تشعان بغضب جم، نار ثائرة تلتهم روحه تطوق لاطلاق لهيبها، قبضته المشتدة كبركان ثائر على وشك الانفجار! ... ولم ينقصه الا نظرة منكسرة من عيني ذلك الطفل المرهق ليطلق جماح غضبه!
الوسيلة الوحيدة للتحرر من هذا الالم، هي التخلص من المسبب! ومنح نفسه الصغيرة امنيتها!
تقدم هاياتو الكبير مباشرةً ليقتل اولئك الثلاثة بلا تردد! سالت دماءهم على الارضية الخشبية العتيقة واجسادهم تسقط تباعاً ليتحرر الطفل من قبضتهم، ويسحب لاحضان دافئة!
وسط جثث الثلاثة، انحنى هاياتو الكبير جالساً على ركبته ليعانق نسخته الصغيرة بكل قوته! مسح على راسه بحزن مواسياً يمده بالحنان الذي حرم منه فسالت دموع الطفل المرتجف بعد ان كان مصدوماً! أجاءه المنقذ اخيراً؟
ضاقت عيناه بحزن شديد فرفع ذراعيه يتمسك بمن امامه سامحاً لصوت نحيبه بالارتفاع ليتردده صداه في سماء تلك الليلة المقمرة! حرك الشاب راسه وهو يحاول دفن الطفل في صدره: لاباس.. احسنت عملاً... احسنت بالصمود!.. لا تدع احد يلمسك! ستكون بخير دوماً! ستكون بخير.. طالما تتمسك بارادتك!
...................................................
الظلام الحالك يسيطر على عالمه.. الاصوات المشوشة.. كرر لنفسه كثيراً عبارة واحدة «لا شيء هنا، كل شيء بخير، عالمي طبيعي»
لكن ربما حان الوقت ليرى الواقع الذي انكره..
فتح عينيه ببطى ليرى الصورة التي حاول دفنها، راى الطفل الاشقر يتم تقيده على المنضدة.. من قبل والده وزميله. يئس الاشقر من التوسل لمن كان ملجئه، يئس من طلب الرحمة منه: لا تفعل ابي! لا تدعني!! حررني!! ارجوك، ساكون مطيعاً! اعدك ساكون فتى جيداً! لن اعصي حرفاً من كلامك!! ارجوك لا تؤذيني! ابي!!
ابتعد والده ليجهز ادواته بينما يتكلم جاك: لن يتوقف عن البكاء، هل احرق عينيه؟ لا يحتاجهما باي حال.
ضحك نيكولاس بخفة ساخراً: لا، انا احبهما.
ارتجف جسد الطفل برعب حقيقي وهو يرى برودة اعصاب والده... ضاقت عينا الشاب بحزن وهو يحدق بملامح نسخته الصغيرة المدمرة.. حتى حرك الطفل رأسه ببطئ نحوه! لقد راه!
فتح قبضته المقيدة باتجاهه كانه يحاول الوصول اليه : ساعدني!... ا... ارجوك!.. اخرجني!... ارجوك!!
كان يريد التمسك باي احد.. يريد النجدة من اي مكان.. يريد شخص يمسك يده، يأتمنه على مشاعره، وسلامة ما بقي عقله!
حدق الشاب به قليلاً ثم تقدم، بخطوات هادئة.
مد الطفل ذراعه اكثر قائلاً برعب: ارجوك... ارجوك انقذني!!لكن الشاب لم يمسك تلك اليد..
وقف ميكا الكبير خلف نسخته من الماضي ورفع يديه بطى، امسك راسه ليحركه للجانب ويجعله ينظر للسقف.. ثم ربت عليه بهدوء ناطقاً بصوته الخافت: لاباس.. كل شيء سيكون بخير..
ضاقت عينا الطفل حين راى سكين والده فوقه تستعد لتمزيق صدره..
وضع الشاب يده على عينيه ليغطيهما مانعاً اياه من النظر: انسى اين انت، افصل عقلك عن جسدك، لا تفكر باي شيء حولك..
فتح الطفل فمه صارخاً بالم فظيع بينما ينطق الاكبر بهدوء يشوبه الحزن الدفين رغم الكلمات القاسية على روحه: دعهم يفعلون ما يريدون، لا يمكنك ايقافهم! يمكنك التحمل فقط... تحمل.. تحمل!... لينتهي الامر بسرعة.. وتتمكن من الراحة!
النهاية