حين كان عمرهما 12 عاماً، وتحديداً بعد سنة وسبعة اشهر من هربهما، بدأ الاثنان يعتادان على العمل، وعلى الناس. تعلما كيفية العيش بمفردهما وجمعا بعض النقود ليتحسن وضعهما قليلاً، مازالا لا يملكان مكاناً يعيشان فيه الا انهما بدآ يشتريان طعاماً اكثر وافضل ليقل شحوب هاياتو ويصبح وجهه مستديراً قليلاً ظريف الشكل، بات ميكا لا يقاوم قرصه واللعب به وذلك لم يكن يزيد الا من سعادة هاياتو. تحسنت نفسيتهما كذلك في تلك الفترة وقل خوفهما ليستطيعا الاندماج مع العالم.
في احد الأيام، وجد ميكا عملاً في محل لبيع الزهور فذهبا لمساعدة مالكته على خدمة الزبائن، كان عملهما يقتصر على الاهتمام بالنباتات وتنظيف المكان وجلب الأغراض التي تطلبها، لم يكن الامر صعباً والشخصية الودودة لمالكة المتجر بعثت لهما الراحة كذلك ليكملا. كان المكان لطيفاً بالنسبة لهما وهادئاً، احب هاياتو الاهتمام ببتلات الزهور الصغيرة فاستغل الوقت بعد انتهائه من التنظيف بترتيبها حسب الألوان.
على الرغم من كونه قد فعل ذلك من تلقاء نفسه دون اخبار صاحبة المتجر الا ان الامر اعجبها حين نظرت له من الخلف ورات ابتسامته البريئة وسعادته. تقدمت اليه لتنحني بجانبه مبتسمةً: ماذا تفعل يا صغير؟
التفت لها سريعاً وابتسم بثقة: اعدت ترتيب الزهور. الا تبدو جميلةً هكذا؟ متناسقة!
ضحكت المرأة بخفة وقرصت وجهه : اجل، جميلة مثلك صغيري.
تلك الحركة فاجئت هاياتو واخرجته من استمتاعه بما يفعل! بل تلك الكلمات الغريبة التي نطقتها جعلته يحدق بها بدهشة وعدم فهم: مثلي؟..
كان ميكا يعمل في الطرف الاخر للمحل خلف هاياتو مباشرةً وجذبته تلك النبرة الخافتة الحائرة لينظر لصديقه سريعاً. توقف عن العمل وبقي يراقب تلك المرأة وهي تقرص وجنتي هاياتو بمرح وتلقي عليه عبارات الثناء والتشجيع: هذا صحيح، احسنت، لديك موهبة بالتنسيق على ما يبدو، جعلت المكان يبدو اكثر اشراقاً.
احمرت وجنتا هاياتو بشيء من الخجل لأول مرة وهو يرى نظراته الفخورة السعيدة بينما ينظر الأشقر لهما بهدوء وشيء من الدهشة مع عدم الرضى. ينظر لملامح هاياتو التي يرسمها له دوماً ويديها اللتان تعبثان بوجه أخيه.
بعكس الشخص السعيد هنا بأول مديح يحصل عليه من احد بعد ميكا وهانا، واول من يقرص وجنتيه بهذه الطريقة اللطيفة بعد اخيه، ميكا لم يعجبه الوضع.
بعد ثوانٍ ابتعدت صاحبة المتجر وشكرتهما على مساعدتها فقد شارف اليوم على الانتهاء.
اعطتهما النقود المتفق عليها ليغادرا واحدهما سيطير من السعادة.
حينها كان ميكا يمسك النقود وينظر له بطرف عينه بعبوس طفيف غير راضي عن ابتسامة هاياتو التي تقول انه انفصل عنه بعالم اخر. قرصه فجأةً بقوة ليخرجه من شروده قائلاً بعبوس: هاياتو! كيف سمحت لها بلمسك ؟
تفاجئ المعني مما فعله ميكا فجأةً ووضع يده على خده بحركة لا ارادية الا انه سرعان ما ابتسم بسعادة قائلاً: يدها ناعمة !
فعبس ميكا وقرصه مجدداً بشكل اقوى ليهتف هاياتو: ماذا ؟!
تقدم الأشقر عليه متنهداً بخيبة وشعور الخيانة يخترق قلبه : لا شيء !
شعر الاخر بالحيرة ثم تبعه بسرعة ليسير بجانبه متسائلاً: ما بك اخي؟ ازعجك شيء؟
حرك ميكا رأسه للجانبين بخفة: لا.
فكر هاياتو قليلاً ثم ابتسم حين شعر انه ادرك المشكلة: انت جائع اذن !
نظر المعني له بدهشة وحيرة :ماذا؟ لست كذلك!
فابتسم الأصغر ببراءة وصوت معدته ارتفع : انا كذلك .
امسك ذراع ميكا ليسحبه سريعاً مردفاً: دعنا نذهب لتناول شيء بهذه النقود، هيا.
ميكا لا يقاوم جماله في النهاية فابتسم: حسناً، لك ذلك.
اشتريا شطيرتين ليجلسا ويأكلا في مكان ما بين الازقة فباشر هاياتو بذلك سريعاً بينما تأمل ميكا وجهه بسعادة ضاحكاً بخفة، قبل ان ينقر على خده الممتلئ بالطعام ويقول: لا تسمح لاحد بقرصك مجدداً غيري، انت لي انا فقط حسناً؟
يحب هاياتو سماع ذلك منه وان لم يبدو عليه ذلك لانشغاله بالطعام الا انه اؤمأ إيجاباً بسعادة: حسناً اخي.
النهاية..