غبار الذكريات

616 19 4
                                    




باب قديم و كبير أمامه ساحة كبيرة جدا ، تسمى من فخامتها " الساحة المقدسة " !
تقف هي محدقة بهذا الباب الكبير الذي شهد ازمنة كثيرة و رأى قصص لا تعد ولا تحصى ،  لا يذكرها التاريخ فقط ترسخ في ذاكرته هو فقط !
تخطو خطواتها الي الامام متجهة نحو الباب الملفت للأنظار ولكن مع كل هذا الهواء حلق شالها الأسود المزين بالتطريز الفلسطينية - الذي شرته من احدى أسواق القدس العتيقة - في سماء الزرقاء الواسعة ليدع شعرها يتلاعب بخصلاتها السوداء ذات الليل الطويل ليطير كأسير حكم عليه مؤبد و فرج عنه فجأة دون سابق إنذار ليرى ضوء الشمس الذي حرم منه بعد ان حكم عليه ان يكون أسير الظلام الي الأبد ! لم تعطي إهتمامها للذي حلق بسماء الوطن ، لانها كانت مشغولة بالحوار مع هذا الباب المثير للإهتمام ..!

و انا اكتب بعض خربيش الكلمات تخطو هي خطواتها لتقتحم ما وراء هذا الباب القديم ....

تنحى رأسها احتراما لهذا المكان المقدس و لبرائة جدرانه و عفت رسوماته .
تكمل طريقها لتصعد الدرج ، درجة درجة خطوة خطوة حتى تصل الي حوض الشموع ، تسقط عينها على صندوق الشموع لتضع تبرعاتها بصندوق النقود و تأخد شمعة و بيدها الاخرى تحمل صورته ، تنظر محدقة بنور الشموع المضئ و ترفع يديها بإتجاه احدى الشموع المغرية للنظر لتسند رأس سمعتها على تلك الشمعة المضيئة لتلتقت النار الذي كانت تحرق قلبها قبل ان تحرق رأس هذه الشمعة المسكينة التي ما كان ذنبها الوحيد غير انها خلقت شمعة ضعيفة لتضئ دربها و حياتها بعض ان انتفط شمعة قلبها !

أغمضت عينيها بكل رقة و همست " يا إلاهي ارحمني من عذابه ، يؤلمني قلبي كثيرا يا أبتاه ، فأسمع صوت عبدا ينده أملا برحمتك الكبيرة ! "

رفعت الصورة الى عينيها العسليتنان الكبيرتين الرطبتنان من وجود دمعة محبوسة داخلهما تطالب و تصرخ باسم الحرية !

لتحدث بكل تفصيلها ثم تتمتم ما تقرأ عليها من كلمات أغنية  تحكي قصة وجعها مع قلبها ....

"بعرف راح تنزل دمعة .... دمعة تطفئ الشمعة
تضوي على هب العتمي و يطل نهار
و تشتي علينا تشتي إيام و حبك إنت "

تنزل دمعتها من ما تقرأ معلنة إنتصارها عليها .....

تسرع يدها لتمسحها و تضع الشمعة التي كانت بيدها الاخرى و تهمس " ربما انت الحقيقة التي لم أقوى يوما على تصديقها " ..

غرست الشمعة بين الشموع بعد ان مسحت دموعها اللواتي بدأنا بالسيلان كشلال نهر ...
و إستعدت للخروج

لتطير الصورة المحبوب لتصتدم بالأرض الذكريات
التي يدفنها مع الزمن غبار الذكريات ...!

ذكريات على حافة التدميرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن