بدأ شعاع الشمس في التسلل ببطء من نافذتها القديمة ، ألوانها الصفراء مع زرقة السماء ترسم لوحة جميلة رغم تهالكها ، ترسل لعقلها النائم ذبذبات شعاعية فتصل إليها مباشرة كأنها هي المقصودة..
وأصوات الطيور الغاضبة حولها تزعجها أكثر ، أصوات الصباح الباكر تماماً كطيور سندريلا لكن الفرق أن الأميرة أصبحت ملكة ذات يوم ، أما بالنسبة لها فهذا هو ثانِ المستحيلات بحياتها بعد تمتعها بنوم هادئ بالطبع...
مطت ذراعيها بكسل لتحاول بهما مساعدة عينيها المرهقة علي فتحهما ، وككل صباح اصطدمت يديها اليمني بحافة الفراش ، فصرخت بصوت مكتوم وهي تتمتم بخفوت متألم " يا الله ، كل صباح يحدث نفس الشيء ، بالله هل صابتني عين الحسود كما تدعي نساء الحارة "
فتحت عينيها الناعسة فانساب منهما سائل القهوة البني الذي ورثته عن والدتها رحمه الله عليها ، كانت "صبا " فتاة جميلة بشكل يرهق العقل فهي لم تمتاز بالبشرة الشقراء أو العيون الزرقاء لم تر نفسها فاتنة كباقي الفتيات ، لم يكن بها شيء ملفت أو مميز سوي تلك العينان اللتان كانتا بلون القهوة الممزوجة بخليط أخر لذيذ لا تعرفه ، يُغلف كوبي القهوة خاصتها بعض البقع السمراء الدقيقة ، فتظهر كهدية جميلة وخاصة جداً ، مع شعر أسود غجري كثيف ولكنه لم يكن غريباً كعينيها كأن الله قد وهبها تلك الهدية فقط لترهق بها الناظر لهما وما أكثرهم !!
نظرت حولها ببعض النعاس ثم نهضت بعدما ألقت نظرة سريعة للملف الموضوع علي سطح مكتبها البسيط ، فتنفست الصعداء وكأن تلك النظرة قد صرفت عنها هاجس فقد ذلك الملف الذي أمضت شهور في تجميعه بشكل لائق للوظيفة ال ..المليون ربما فقد توقفت عن معرفة عدد مرات محاولاتها لإيجاد وظيفة منذ زمن بعيد..
أخذ جسدها الهزيل مدة حتي يساعدها للوصول إلي دورة المياه ، فخرجت منها بعدما خاضت شبه حرب أهلية مع خشب الباب الذي يحتاج إلي الهروب من يدها كل يوم بعدما ينال صفعة تليق به فتتزايد المسافات بين الكسور التي تغطيه ، ادت فرضها وهزت رأسها في محاولة لنفض الأفكار السامة التي تخبرها أن تتراجع عن تلك المقابلة قبل أن يقذفها صاحب العمل بأقرب كرسي سيقابله ، نعم من ذا الذي سيقبل بموظف لا يملك خبرة ليوم في هذا المجال ، حاولت كثيراً التراجع لكن حاجتها لمثل ذلك العمل تنهرها بشدة ، يعلم الله كم تود شنق نفسها كي ترتاح من تلك الحياة بأكملها ولكن جبنها الخفي يمنعها من لف خيطاً رفيعاً حول عنقها ، زفرت بقوة وهي تتحرك باتجاه الباب وهي تحدث نفسها بأنها لن تحاول حتي التفكير في كيفية للحصول علي فطور لهذا اليوم ، وإلا ستضطر غير راغبة في الوصول لمقر الشركة زحفاً وهي بالتأكيد لن تضحي بهذه المقابلة من أجل أمر بسيط كالطعام !
أغلقت الباب ، وهي تعد بصوت هامس " ١..٢.." ، وابتسمت عندما فُتح باب الشقة المجاورة لها وظهرت من خلفه فتاه بسيطة مثلها ولكنها كانت شقراء ببشرة سماوية جميلة و لتكتمل لوحة جمالها كان غطاء عينيها كثيفاً يظهرها كفتيات المسلسلات الكرتونية ، " سبحان المعبود من جمال عينيكِ "
أنت تقرأ
رواية قشر البندق كاملة الجزئين _ إسراء رضا
Romanceوأخيراً .. أرتوي .. رحلة شاقة .. وليالٍ عديدة من الوحدة الضارية .. شتات عقل أوشك أن يودي بحياته .. كم تنماها وهي بين يديه تماماً كما هي الآن ... هذه المرة هي المبادرة ... هي من تريده ... شوقه أضني قلبه العاشق .. وقوته نفذت وصلابته انهارت ... والمت...