الفصل السادس

377 11 0
                                    

" آلاء ..صدمتها سيارة ..."          

كان وقع الكلمات عليها ، أكبر من قدرتها على التحمل ، لم يستطع وعيها أن يفسر تلك الكلمات تفسيراً أخر ..تشوشت الرؤية أمامها سريعاً..اهتزت الأرض أسفلها كزلزال عنيف مدمر.. انسحبت من حولها ذرات الأكسجين الموجودة بالغرفة ، شعرت برئتيها تكاد تنفجر وقلبها الصغير ينتفض من الوجع القاسي ، التوت قدميها باهتزاز عنيف ..وما هي إلا بضع دقائق حتي أعطي لها عقلها إشارة الهروب التي تعرفها خلايا جسدها عن ظهر قلب ..سقط جسدها محدثاً صدي دوي في أرجاء الغرفة ..وزوايا قلب أحدهم ..تبعها صوت شيئاً أخر يسقط بجوارها ..فلم يكن سوي "عهدة " أحدهم !

هوي قلب" مالك " وفؤاده العليل ، أنحني بكامل جذعه إليها وهو يرفعها بين يديه ويهمس بأنفاس متقطعة "

صبا ...صبا ...أجيبيني ...صبا...أفيقي ...صبا ... افتحي عينيكِ بالله عليكِ "

رفع بصره بغضب يأكله وصرخ " من أنت ...وماذا قلت لها للتو ؟ "

اقترب منهما " محمود " وهو يجيبه " أنا محمود ...خطيب صديقتها ..ولقد صدمتها سيارة منذ قليل "

كان " محمود " يتكلم وهو يبارز دمعاته حتي لا يجهش ببكاء كالأطفال ، مد يده إليها وهو يقول " صبا ...صبا أفيقي بالله عليكِ "

قبض " مالك " علي رسغه بقوة ألمته حقاً صارخاً " ابعد يدك عنها.... أنظر يا هذا... تحرك الآن سريعاً وأخبر سيارة الإسعاف أن تتوجه إلي مشفي ....، في شارع .... ، هيا لا تنظر لي هكذا "

تحرك " محمود " بسرعة وهو يخرج هاتفه ويشرع في التنفيذ ، كأنه كان يريد من يدفعه دفعاً ، فقد هربت منه شجاعته وهو يتلقى هذا الخبر الذي وقع عليه كسحب الروح ببطء من الجسد ، ولم يستطع بعدها النطق ببت كلمة ، لقد انطفأت اليوم عيونه ، " ...أرجعي ليّ يا ضوء عيوني ..."

هدر " مالك " بقوة وهو يرفعها بين ذراعيه وجسدها مرتخي كالأموات ، نظر ل " سمر " وقال وهو يأخذ نفساً متألماً كحاله " سمر ...أبقي هنا ...وألغي جميع مقابلات اليوم ولا تخبري احداً بما حدث ... مفهوم "

نظرت " سمر " للفراغ الذي تركه ورغماً عنها شهقت ببكاء علي حال تلك الفتاة التي قد لا يمر يوم يخلو من تجرع المصائب بحلقها ، دفعت الباب وتهاوت علي مقعدها وعيناها تتسارعان بقذف الدمعات ، همست بداخلها بضعف يستحق الشفقة " ليس البلية في أيامنا عجبا ، بل السلامة فيها أعجب العجب ... أعان الله القلوب علي ما يعتليها من هموم "

                      ................................

اجلسها " مالك " برفق بجوار مقعده وهو يقبض علي حزام الأمان الخاص بسيارته علي كتفها ، عدّل من وضع رأسها ثم أغلق بابها بألم يصعق الروح ، دار حول السيارة بسرعة وجلس خلف عجلة القيادة وحرك مفتاحها بارتباك وهو يلقي نظرة أخيرة علي جفنيها النائمين ، ثم انطلق بها كالسهم قاصداً المشفى المذكور ...

رواية قشر البندق كاملة الجزئين _ إسراء رضا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن