نظرت له " صبا " باستفهام حقيقي ، انعقد حاجباها بعدم فهم ، يجلس أمامها منذ عودتها من محل الملابس الذي ابتاعت منه فستاناً لحضور خِطبة " عزة " ..
ينظر لها نظرات بها غضب ممزوج بشك لا تعلم ما مصدره ، يحرك ساقيه بتوتر كلما حانت منها التفافه باتجاهه ، تكاد تجزم أنه لولا وجود والده الآن ، لكان انقض عليها أشبعها ضرباً بعد رؤيتها لعينيه تشع بهذا الوميض المرعب ، تململت في جلستها قليلاً ، فنظر لها بأعين قاتلة ، يا ألهي ... ما تلك النظرات التي تتعدي طلقات الذخائر ، نعم .. خرجت بدون علمه لكن نظرات عينيه تعني أن الأمر قد فاق ذلك ، همست لنفسها وهي تنظر نحوه مرة أخري " تُري ماذا فعلت هذه المرة لاستحق تلك الجمرات الذي يقذفها نحوي .. "
مرت دقيقتين وهي تستمع لأصوات حركة الساعة الرتيبة ، حتي وجدته يتحرك واقفاً وهو يقول محادثاً والده " سأصعد لأخلد للنوم يا أبي .. تصبح علي خير "
نظر لهما السيد "عبد العزيز " والذي يلاحظ حرب العيون التي يخوضونها منذ حضرت ، لكنها قبل أن تبدي اعتراضها المعتاد ، وجدته يمسك برسغها بقوة ألمتها حقاً وهو يهدر بصوت كالدم " هيا يا صبا ... "
اغلق الباب خلفه بينما هي فركت يدها بألم وهي تقول " ماذا بك ... لقد ألمتني ... "
تقدم " مالك " إلي خزانة ملابسها وهو يسألها بصوت أقسمت أنه جعل أوصالها تهتز قائلاً " ما هذا يا زوجتي العزيزة ... !؟ "
نظرت " صبا " لما بين يديه ثم اجابت بتلقائية " ما هذا ... ؟ "
امسك بالملف الورقي وهو يقدمه لها قائلاً بنفس نبرة الصوت المخيفة " أنظري بنفسك ... "
تلقت منه الملف وهي تنظر به ثم ما لبثت أن صاحت بأمل " الملف المفقود .. أين وجدته ؟ "
ازداد احمرار عيني " مالك " وهو يقول مقترباً بهدوء مخيف " وجدته بحقيبتكِ ... "
رفعت بصرها نحوه بقوة وهي تسأله بعيون متسعة " ماذا .. ماذا تقول !؟ "
لكن الهدوء تبخر والسكون تشنج مع عضلات جسده وهو يتحرك نحوها ويقبض بيديه علي ذراعيها صائحاً برجفة تقشعر لها الأبدان " ماذا أقول !؟ ... أقول الحقيقة ... أقول ما فعلتيه .. لم أكن أتخيل يوماً أن يصل بكِ كرهك لي لهذه الدرجة ... والذي لا اعلم سببه من الأساس .."
قاطعته ببطء وهي تعيد الكلمة بصدمة وقالت " هل تعتقد أنني ... "
لكنه منعها وهو يبرد صوته أكثر ويقول " أعتقد ... ! ... وصل بكِ كرهكِ الأعمى لذلك .. لسرقتي ... خيانتي ... "
برقت عيناها بسرعة وهي تدفعه عنها قائلة " هل جننت .. أنا لم ... "
هزها وهو يصيح بأخر تعقله " كاذبة ... لقد وثقت بكِ ... لا أعلم لما ... لكنني فعلت ... عشقتك وتقبلت وقوفك أمامي وصراخكِ بوجهي بأنكِ تكرهينني ... صبرت عليكِ حتي وصل صبري لمنتهاه ... قبلتُ بجميع شروطك الغبية حتي اتمتع برؤيتكِ أمام عيني ... خفتُ عليكِ كأنكِ أبنتي ... أقلق علي نومك وطعامك وحتي أدويتكِ أصبحت أحفظ مواعيدها عن ظهر قلب ... تماديتِ كثيراً بما لم أكن أقبله من غيركِ .. لا تتماثلين لكلمة واحدة أمركِ بها ... حتي كرهكِ تقبلته ... هل تعلمين ماذا يعني أن تقول زوجة لزوجها أنها تكرهه ... هل تدركين وقع الكلمة .. ورغم ذلك .. كنت أكتم الشعور بداخلي ... والآن ماذا .. ترسمين خططاً حتي تضرين بيّ وبعملي ... أليس كذلك .. "
أنت تقرأ
رواية قشر البندق كاملة الجزئين _ إسراء رضا
Romanceوأخيراً .. أرتوي .. رحلة شاقة .. وليالٍ عديدة من الوحدة الضارية .. شتات عقل أوشك أن يودي بحياته .. كم تنماها وهي بين يديه تماماً كما هي الآن ... هذه المرة هي المبادرة ... هي من تريده ... شوقه أضني قلبه العاشق .. وقوته نفذت وصلابته انهارت ... والمت...