النداء الأخير للطائرة المتوجهة إلي مطار أبو ظبي ، علي السادة المسافرون سرعة التوجه إلى الصالة رقم __
جر حقيبته متوجهاً إلي الصالة المقصودة وهو يغطي ألم عيناه بنظارته الشمسية السوداء ، يشعر أنه قد ترك جزءاً منه هنا ... وفر هارباً بالباقي ...
سواد عيناه أصبح أشد ، ويداه أصبحت تهتز كرجل ستيني مصاب بالزهايمر ...
وكلما انغلقت عيناه سهواً ، أنتفض جسده برعشة دامية وشفتاه تهمسان بنداء صامت مكتوم ومحرم عليه ..
أصبحت نظراته مخيفة ، لا يحدق سوي بنقطة واحدة علي الأرض وجسده يهتز معها ببطء كمريض محموم ..
وصل إلي الباب الحديدي ووقف بمكان الانتظار ..
لكنه حرك عنقه بسرعة ، عندما استشعرت أذناه همس منادي يعرفه عن ظهر قلب ، كان يعتقده إحدى هلاوسه المجنونة الجديدة ...
حرك عيناه بالمكان كله ، وقلبه يحثه أن يسرع ، بينما عقله لا يستوعب ولا يصدق ! ..
حتي ظهر طيفها القادم نحوه ... وهي تسرع بخطاها وتناديه باسمه أن يتوقف ! ..
لم يصدق عيناه وهو يسرع نحوها حتي توقفت هي أمامه وقالت " مصطفي "
فهمس وهو مازال يتبع هلاوسه " عائشة "
فابتسمت وقالت برجاء باكي " أرجوك ... لا تذهب .. "
صوتها جعله يعلم أنها أمامه حقاً ، فتغيرت نظرته ونبرته تماماً وقال " عائشة ... أنا ... "
فقاطعته هي بنبرة حاسمة ، جعلت دماؤه تتوقف في مجاريها عندما قالت " مصطفي .. أنا أحبك .. "
اتسعت عيناه وهو يشعر بأجمل أحلامه وأسعدها ، فقال بصوت لاهث " هل .. أنتِ .. "
فأكملت مقاطعه أيضاً " أنا أحبك .. أرجوك لا تذهب ... لقد ... لقد سامحتك يا مصطفى ... "
فاهتزت ذراعيه وهو يميل ويرفعها إلي قلبه قائلاً بصوت عالٍ " يا الله ... أشكرك يارب .. أشكرك يارب .. "
أنزلها وعيناه تجريان عليها وقبل أن يهمس بما أراد ، راها تقترب منهما ، فأقبض وجهه .. بينما استدارت " عائشة " وقالت وهي تتعلق بذراعه وتشير لها " لا تتركنا ... وتذهب .. جميعنا بحاجة إليك ... "
فاقتربت منهما السيدة وهي تقول ببكاء " سامحني يا ولدي ... كن كريماً مثلها وسامحني ... عد لبيتك وزوجتك ... سامحني أرجوك .. "
نقل بصره بينهما ، ثم ما لبث أن ألقي بنفسه بين ذراعيها وهو يبكي قائلاً " أرجوك لا تقولي ذلك يا أمي ... "
فاحتضنته بقوة وهي تجهش بالبكاء ، ثم ابتعدت عنه وقالت وهي تمسح وجهها بألم " لقد أخطأتُ بحقكما كثيراً ... أرجو أن تغفرا ليّ .. "
أنت تقرأ
رواية قشر البندق كاملة الجزئين _ إسراء رضا
Romanceوأخيراً .. أرتوي .. رحلة شاقة .. وليالٍ عديدة من الوحدة الضارية .. شتات عقل أوشك أن يودي بحياته .. كم تنماها وهي بين يديه تماماً كما هي الآن ... هذه المرة هي المبادرة ... هي من تريده ... شوقه أضني قلبه العاشق .. وقوته نفذت وصلابته انهارت ... والمت...