الفصل الخامس والعشرون والأخير

395 19 5
                                    

النداء الأخير للطائرة المتوجهة إلي مطار أبو ظبي ، علي السادة المسافرون سرعة التوجه إلى الصالة رقم __






جر حقيبته متوجهاً إلي الصالة المقصودة وهو يغطي ألم عيناه بنظارته الشمسية السوداء ، يشعر أنه قد ترك جزءاً منه هنا ... وفر هارباً بالباقي ...



سواد عيناه أصبح أشد ، ويداه أصبحت تهتز كرجل ستيني مصاب بالزهايمر ...

وكلما انغلقت عيناه سهواً ، أنتفض جسده برعشة دامية وشفتاه تهمسان بنداء صامت مكتوم ومحرم عليه ..

أصبحت نظراته مخيفة ، لا يحدق سوي بنقطة واحدة علي الأرض وجسده يهتز معها ببطء كمريض محموم ..

وصل إلي الباب الحديدي ووقف بمكان الانتظار  ..

لكنه حرك عنقه بسرعة ، عندما استشعرت أذناه همس منادي يعرفه عن ظهر قلب ، كان يعتقده إحدى هلاوسه المجنونة الجديدة ...

حرك عيناه بالمكان كله ، وقلبه يحثه أن يسرع ، بينما عقله لا يستوعب ولا يصدق ! ..

حتي ظهر طيفها القادم نحوه ... وهي تسرع بخطاها وتناديه باسمه أن يتوقف ! ..

لم يصدق عيناه وهو يسرع نحوها حتي توقفت هي أمامه وقالت "    مصطفي   "

فهمس وهو مازال يتبع هلاوسه "   عائشة   "

فابتسمت وقالت برجاء باكي " أرجوك ... لا تذهب .. "

صوتها جعله يعلم أنها أمامه حقاً ، فتغيرت نظرته ونبرته تماماً وقال " عائشة ... أنا ... "

فقاطعته هي بنبرة حاسمة ، جعلت دماؤه تتوقف في مجاريها عندما قالت " مصطفي  .. أنا أحبك  .. "

اتسعت عيناه وهو يشعر بأجمل أحلامه وأسعدها ، فقال بصوت لاهث " هل .. أنتِ .. "

فأكملت مقاطعه أيضاً " أنا أحبك .. أرجوك لا تذهب ... لقد ... لقد سامحتك يا مصطفى  ... "



فاهتزت ذراعيه وهو يميل ويرفعها إلي قلبه قائلاً بصوت عالٍ " يا الله ... أشكرك يارب .. أشكرك يارب  ..  "

أنزلها وعيناه تجريان عليها وقبل أن يهمس بما أراد ، راها تقترب منهما ، فأقبض وجهه .. بينما استدارت " عائشة " وقالت وهي تتعلق بذراعه وتشير لها " لا تتركنا ... وتذهب .. جميعنا بحاجة إليك ... "

فاقتربت منهما السيدة وهي تقول ببكاء " سامحني يا ولدي ... كن كريماً مثلها وسامحني  ... عد لبيتك وزوجتك ... سامحني أرجوك .. "

نقل بصره بينهما ، ثم ما لبث أن ألقي بنفسه بين ذراعيها وهو يبكي قائلاً " أرجوك لا تقولي ذلك يا أمي ... "

فاحتضنته بقوة وهي تجهش بالبكاء ، ثم ابتعدت عنه وقالت وهي تمسح وجهها بألم " لقد أخطأتُ بحقكما كثيراً ... أرجو أن تغفرا ليّ .. "

رواية قشر البندق كاملة الجزئين _ إسراء رضا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن