وضع " سيف " أخر قطعة من قطع الشطرنج وهو ينظر له بانتصار قائلاً " مات ملكك ... يا صهري .."
ابتسم له " مالك " ثم صفق بيديه بأعجاب وقال له " أرفع لك القبعة ... لم ينتصر عليّ شخصاً من قبل سوي والدي ... "
كان " سيف " علي وشك اجابته لكنه بتر كلماته وهو يسمع صوت السيدة " فاطمة " تقترب منهما بسرعة ، ثم وقفت أمام عيناهما المتسائلة ، وصاحت بخوف
" أدركني يا مالك ... صبا ليست موجودة بغرفتها .... "
اتسعت عيناهما بخوف ، بينما هب " مالك " واقفاً محاولاً الحفاظ علي أخر ذرات تحكمه وقال " لربما كانت بأي مكان أخر ... "
تحرك " سيف " بخوف شديد وهو يقول " هيا لنبحث عنها .. لربما كانت بالحديقة ... "
نظر له " مالك " وقال " أبحث عنها أنت بالحديقة ... وسأصعد أنا للطابق العلوي يا سيف ... "
تحركت السيدة " فاطمة " مع " سيف " الذي هرول مسرعاً للخارج ، بينما صعد " مالك " إلي أعلي ....
دلف " مالك " إلي الثلاث غرف الأولي من الرواق الكبير بالدور العلوي ، وهو ينادي باسمها قلبه يسبق لسانه ، وصل لغرفتها المفتوح بابها ، دلف بسرعة وهو ينادي بصوت أعلي ، فتح الشرفة لاتساعها ولم يجدها ، اقترب من باب الحمام الصغير بركن الغرفة وهو يدعو الله أن تكون بداخله ، فتحه بلهفة راجية ، لكنه لم يجدها به أيضاً ، خرج متهادي الكتفين بفقد الأمل ، لكن عيناه اتسعت وهو يقترب من المنضدة المجاورة للفراش ، نظر لسطحها بقلب تتسارع دقاته بقوة ، وهو يراها ، قلادة والدته الحبيبة ، تقبع علي سطح المنضدة برفق كأن اليد التي وضعتها قد ودعتها وداع حار باكي ، وهي تعدل من سلسلتها الكبيرة أمام عينيه حتي ظهر أمامه يلمع .. " مالك " ..
قبض علي القلادة في يده بقوة وهو يعتصرها في كفه حتي جُرح ، بينما الجرح الحقيقي بقلبه وعيناه التي اشتعلت بغضب جارف وهو يتمتم بصوت صريع " صبا .... "
***
ثلاثة أيام ، وهو يبحث عنها في كل ركن من المدينة ، نظرات الخوف والذعر لا يمتلك سواها ، ورغم قوته وثباته إلا أنه أهتز بكل كيانه ، يمنع إحساس الرعب من التملك منه أكثر من ذلك ، لم يستطع طوال الأيام القليلة الماضية من استدعاء الراحة ولو لدقيقة ، قلبه فارقه منذ أيام .. وروحه تبعته بكل طاعة .. لم يتبق سوي جسد أُنهك في البحث عنها ، حادث كل من له علاقة بها ، بحث في كل مكان ، دمر منزلها من القهر وهو ينادي عليها برجاء ، رحلت عنه .. تركته وذهبت هكذا .. لا .. تالله لو ذهبت للجحيم سيكون خلفها .. تلك الغبية .. هل تريد قياس حبها بقلبه .. حسناً لتعود فقط حتي يخبرها أنها أغلي عليه من روحه .. أن تلك المضخة التي تتهادي بأيسر صدره .. تهمس لها .. عودي .. اللعنة علي عنادها وغباءها .. ما يؤلم قلبه حقاً هو مرضها .. ماذا قد يحدث لها .. شابة بجسد طفلة وعيون كحبات البندق .. ماذا بوسعها أن تفعل هذه ... الاسوأ لم يأتِ بعد .. جميع أفكاره تنتهي نهاية سوداء إذا حلت بها ..
أنت تقرأ
رواية قشر البندق كاملة الجزئين _ إسراء رضا
Romanceوأخيراً .. أرتوي .. رحلة شاقة .. وليالٍ عديدة من الوحدة الضارية .. شتات عقل أوشك أن يودي بحياته .. كم تنماها وهي بين يديه تماماً كما هي الآن ... هذه المرة هي المبادرة ... هي من تريده ... شوقه أضني قلبه العاشق .. وقوته نفذت وصلابته انهارت ... والمت...