الفصل السابع عشر
بعد أسبوع
كانت تستمع إلى الحوار الدائر بين أمّها وزوجة أخيها الأكبر اللواتي كنّ جالسات معها في غرفة الضيوف يستقبلن إحدى الزائرات... شقيقة معتز "ياسمين"
بعد تبادل المجاملات المعتادة والسؤال عن الحال والأحوال خرجت كلتيهما وتركنها وحيدة معها... ابتسمت لها مي ابتسامة واهية لا روح فيها باضطراب قبل أن تبدأ بسؤالها عن زوجها وأطفالها، كلمات مختصرة وبسيطة أجابتها بها قبل أن تباغتها بقولها: شكلك منيحة!
رسمت مي ابتسامة على وجهها وقالت غير مستغربة: ما بعرف ليش كلكم كنتوا متوقعين غير هيك... يعني صحيح إنّه أنا زعلت على خسارتي لابني
بس... كمان أنا مبسوطة عشانه... هيك أريحله
نظرات الاستغراب في عيون "ياسمين" جعلتها تكمل متداركة: مو أحسن ما ينولد يتيم؟
"حسنا هذه بعض الحقيقة" فكّرت مي فهي قطعا لن تخبرها أنّ ألمها لفقدها لطفلها لا شيء أمام راحتها لكونه لم يولد ويكبر ليجد من يعايره يوما بشذوذ أبيه وربّما يطعنونه هو أيضا في رجولته... هي لن تخبرها أن فقده يبقى أفضل بكثير من أن يجد يوما أشباحا تطارده لرجال عاشقين من ماضي والده القذر وبالتأكيد سيكون أفضل أيضا بكثير من أن يتربّى في كنف جدّ قاسِ القلب بلا رحمة ولا ضمير... حسنا في الحقيقة هي عندما تفكّر بهذه النقطة بالذات قد تجد سعادة في كلّ ما حصل
قد يتهمها الناس باللؤم والحقد لو عرفوا كمّ الشماتة التي شعرت بها بينما توقف أبا فادي عن تجبّره أخيرا... كم شعرت بالراحة وهي تنتقم لفادي من أبيه مقوّضة كبره وتعنّته فتقطع بذلك كلّ ما كان يربطها بأبيه و... به
تذكر مي جيّدا تلك اللحظات التي اقتحم بها أبو فادي غرفتها بعد أن جاء ومنذ الصباح الباكر كي يطمئنّ على وضعها أو... وضع الجنين فيصدم بإجهاضها له ليلا...
*
*
ذرّة من العقل كان يملكها من بعد موت ابنه الوحيد فقدها بينما يشتمها ويصرخ بها متّهما إيّاها بتعمّدها لإنزال الطفل كي ترتاح من عبئه
لا مبالاتها وهدوءها الشديدين أثارا حفيظته فجنونه ليجد نفسه يتقدّم للتهجّم عليها جسديا فتنزع هي عنها حينها ثوب الصبر والصمت وترفع أصبعها أمام وجهه مهدّدة بلا خشية ولا رأفة: كلمة وحدة كمان وسمعتك وسمعة ابنك راح تصير على كلّ لسان... لو كان خوفي على سمعة ابني سكتتني من قبل فهلأ ما في إشي بالدنيا راح يمنعني عن نشر غسيلك الوسخ انت وابنك بكلّ مكان... ما راح أخلّي لا فيس بوك ولا محطات اذاعية ولا حتّى جرايد إلّا وراح أحكي فيها عن قصة المطلقة اللي استغلها الرجل الوقور هو وابنه لحتّى تستر على فضيحتهم... لحتى تثبت إنّه ابنه زلمة بينما هو شاذ من ورا فعايل أبوه الرجل المثالي فيه... الإشي الوحيد اللي بيمنعني حاليا إنّي أعمل هيك هو إكرامي لفادي لإنّه برغم كل إشي أحسنلي وهو عايش وبعمره ما أساءلي... لكن لو ما حلّيت عنّي وتركتني بحالي ساعتها عليّ وعلى أعدائي بالنهاية فادي مات وكلّ اللي راح يحكوا عنّه الناس كيف إنّه كان مسكين وكيف إنّه كان ضحية لقسوة أبوه معدوم الضمير اللي رماه بإصلاحية من دون ما يسأل فيه... وبالنهاية الناس كلها راح تكون مبسوطة وسعيدة بإنّه نسل هيك عيلة وسخة... انقطع
أنت تقرأ
عندما يعشقون صغاراً(الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملة
Romanceرواية بقلم الكاتبة المتألقة نيفين أبو غنيم.. الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة نيفين ابو غنيم..