الخاتمة
عندما عشقوا صغار
قلبهم ضجَ وحار
ظنّوا الحبّ كتابة للأشعار
وبالقبلات وتقديم الأزهار
ما عرفوا أنّه خطر كالبحار
وأنّه مثلها عميق دونما قرار
لا يتقن الغوص فيه إلّا الكبار
بعضهم في غمرة الحبّ ثار
وبعضهم من الخشية ولّى الفرار
وآخر هجر بصمت دونما اخطار
ورابع ضلّ وأخذه بالمظهر الاغترار
سنوات ودولاب الدنيا فيهم دار
كبروا وكبرت قلوبهم وملّت من الاصطبار
وفار الشوق فيهم وحينها اتخذوا القرار
لقلب الحبيبة سوف يشقون الغمار
علموا أنّ الحياة دون الحبيبة الخير فيها باندثار
علموا أنّ العشق ليس فيه لواحد انتصار
وأنّه ليس في اعترافات الحبّ انكسار
الحب ليس حرب طاحنة وإنّما انصهار
لا خير في حبٍّ ليس فيه للحبيبين ازدهار
.............................................بعد شهر ونصف
دخلت مي غرفة حماتها على استحياء بعد أن طرقت الباب، أطلّت برأسها وشاهدت حماها يجلس بالقرب من زوجته المستلقية على ظهرها على السرير فيما معتز يجلس على كرسيّ قريب منها يقبّل يدها وخدّها ويتغزّل بها بينما يغمز لوالدته مدّعيا أنّه يغيظ والده الذي كان يقوم فعليا بطرده من غرفته زاجرا إيّاه على قلّة أدبه
ابتسمت مي وأخبرتهم أنّ العشاء جاهز وينتظرهم على الطاولة فابتسمت لها والدته بامتنان وشكرتها قائلة: يسلم ايديكي حبيبتي ويعطيكي العافية تعبتك معي هاليومين
نفت مي وأجابتها قائلة بأدب: لا تعب ولا شي المهم إنتي تتحسني "عمتي" وتصيري منيحة وما بدنا غير شي
كان معتز ومي يبيتان في بيت أهله منذ يومين وذلك بعد أن ازدادت أوجاع مرض "الدسك" المهلكة لظهر والدته فقرّرت حينها مي أن تبقى لديهم حتّى يتحسّن وضع حماتها لا سيّما وشقيقته لم تنته بعد من عملها المتعلّق بامتحانات الثانوية العامّة وسلفتها الأخرى لديها أطفال يصعب عليها المبيت معهم خارج البيت في حين كانت هي متفرّغة الآن بعد أن أنهت فصلها الدراسيّ بالجامعة
سألت أم معتز ابنها قائلة: متى بدك تروح عالعقبة إنت وولاد عمتك
أجابها بينما عيونه تتّبع تفاصيل زوجته بلا شبع: بكرة من الفجر بدهم يروحوا بس إحنا خلص لغينا الروحة
قطّبت ام معتز وسألت: ليش؟
فأجابتها مي مبتسمة: معلش "عمتي" بنروح مرة تانية بس تتحسّني
أجابت أم معتز قائلة: لا والله بتتصّل هلّأ فيهم وبتخبرهم إنّك رايح معهم
اعترض معتز قائلا: بس
قاطعته والدته من جديد: ولا بس ولا شي أنا بكلّ الأحوال كنت راح أحكيلك بكرة تاخد مرتك وتروحوا على بيتكم ياسمين اليوم خلّصت دوامها وخبّرتني إنها جاية من بكرة فما في داعي تعطلوا مشاريعكم عشاني
ابتسمت لها مي وقالت: ليش في أغلى منّك يعني نلغي كلّ شي عشانه؟
ابتسم معتز بسعادة بينما يسمع والدته تترضّى عليها وتدعو لها بأن تنهي شهور حملها بالسّلامة حتّى تقرّ عيونهم جميعا برؤية "يوسف"
ابتسمت مي وتضرّجت خجلا بينما تلحظ نظراته المشتاقة التي يرميها بها والتي تحكي حكايا شوق لا ينضبّ لا سيّما وهي التي رفضت تماما أن يقربها في بيت أهله حياءا وخاصّة أنّ زمجراته العنيفة التي تصاحب عاطفته الحارّة الشغوفة غير مضمونة الكتم ممّا يعني أنّ فضيحتهما ستكون علنيه
خرجت مي من الغرفة تؤكّد عليهم أن يلحقوا بها فالعشاء سيبرد فيما عيناه كانتا تتبعانها يكاد بعناية يلتهم تفاصيلها الأنثوية التي باتت أكثر اغواءا الآن بينما هي تخطو بشهر حملها السادس وفي الواقع هو بحياته لم ير امرأة تبدو بكلّ تلك الاشراقة والجمال أثناء الحمل كما تبدو مي وهو لا يعلم أسبب ذلك انتباهها على تناول كل ما هو صحّي ومفيد في هذه المرحلة حرصا منها على صحّة الجنين أم أنّها ببساطة تلك السعادة المجنّحة التي تحلّق فيها منذ علمت أنّها حامل
في الحقيقة هو يكاد لا يصدّق حتّى الآن كيف أنّ الله عوّض عليهما ومنذ أوّل ليلة جمعتهما معا ببذرته التي زرعها في رحمها وبرعمت لتكون طفلهما الذي ينتظرانه بشوق ولهفة... يوسف... بل ليكون صادقا مع نفسه أكثر هو لا يصدّق حتّى الآن الطريقة التي سارت عليها تلك الليلة... هو لم يكن حقّا قد خطّط أو توقّع لما آلت عليه الأمور بل إنّه قد كان فعلا ينوي الصبر عليها وكان لا يريد أن يقربها إلّا برغبتها وبموافقتها لكنّه لم يستطع... حقّا لم يستطع مهما حاول وهرب وقاوم فقد كانت مجرّد رؤيتها تؤجّج نيرانا مستعرة في قلبه وروحه فتحرق جسده بنيران الحبّ والرغبة... نيران لم يكن ليطفئها إلّا هي... حبيبته وزوجته التي لم تقل له لا... لم توقفه رغم تلك الدموع التي كانت تنهمر غزيرة على وجهها دون أن يدرك لها سببا ولم يسأل لعلمه أنّ الإجابة قد تسؤه إلّا أنّه اكتفى بوقتها باحتضانها والتربيت عليها بينما كان هو بنفسه بحاجة لمن يربّت عليه والجنون في جسده وعقله قد ازداد بدلا من أن يهدأ... جنون يلهب حواسه حتّى الآن يقضّ مضجع رجولته ولكنّه يرفض حتّى أن يستكين لأفكاره أو أن يستمع إليها كي لا يخسر عقله ونفسه فيكتفي في كلّ مرة ببثّها هي تفاصيل ذلك الجنون فيحكيها لجسدها أفعالا!
.............................................
أنت تقرأ
عندما يعشقون صغاراً(الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملة
Romanceرواية بقلم الكاتبة المتألقة نيفين أبو غنيم.. الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة نيفين ابو غنيم..