الفصل الواحد والثلاثون والأخير
دخل عمر الملحق الذي يحكي حكاية جنون صاحبه وشتاته وخطى بقدميه بسرعة على أرضها ناسيا ما ترامى فوقها من أسبابٍ للخطر متجها إلى طاولة الزينة يلتقط من بين ما تبعثر عليها من أغراض الرسالة المهترئة غافلا عن شظية زجاج صغيرة اخترقت قدمه وقد كان منع أمّه من الدخول إلى الغرفة محتفظا بمفتاحها معه كي لا تعيد تنظيفها ولا ترتيبها مفضّلا أن تبقى على حالها فتحاكي فوضى ودمار يشعر بمثله بداخله
بيدٍ مرتجفة أمسك عمر الرسالة وأعاد قراءتها مسخّرا قلبه وعقله وروحه في تحليل حروفها وتفكيك جزيآتها والبحث فيما وراءها حتّى وصل لجزئها الأخير فزادت ارتجافه يديه وارتعاشة روحه وتهليلات قلبه
"ربّما تستطيع حينها أن تصخي السمع فتصغي لنداء قلبك لعلّه يقودك حيث حريّتك فتجد عصفورتك التي مهما غرّدت وحلّقت إلّا أنّها أبدا لن تبتعد عن السرب لأنّها مهما حصل ستظلّ دوما... نصيبك"
"أبدا لن تبتعد عن السرب... ستظلّ دوما نصيبك"
"لن تبتعد عن السرب"
"لن تبتعد عن السّرب"
"لن تبتعد عن السّرب"
كانت الكلمات تتردّد في عقله وقلبه فيما خطواته تتسابق إلى جميع غرف المنزل يفتحها ويغلقها في هوجائية مجنّحة دون أن يجد فيها مبتغاه فيتراكض من بعدها على سلالم البيت المؤدّية إلى حيث شقق إخوته ولكنّه وما إن وصلها لم يضطر لأن يبحث فيها إذ حينها وجد من يمنعه من اقتحامها فكرم... كان له بالمرصاد وعندها... لم يحتج لكثير من الذكاء ليفهم فقال بخيبة مريرة: كيف هُنت عليك؟ شو عملت أنا لكلّ هالقسوة والغدر منكم؟!
أمسكه كرم من كتفيه قائلا بحزم وصلابة: إحنا ما غدرنا ولا خُنّا... إنت ما سألت وإحنا ببساطة ما جاوبنا... شو عملت وشو خلّى "جعل" رحيق تعمل هيك ما بعرف وبشو حضرتك مزعلها كمان ما بعرف كلّ اللي بعرفه إنها تحامت فيّي وطلبت تلجأ لبيتي وإمّي وافقتها وبما إنّي بعرف زي ما كل أهل البيت بيعرفوا لأي درجة رحيق بتحبّك وبتموت فيك فأكيد ما عملت هيك غير في شي كبير مدايقها منّك
نظرات الغضب والخذلان كانت لا تزال تملأ عيون عمر لا يصدّق أنّهم كانوا يرون معاناته تلك وبالرغم من ذلك لم يكلّف أحدهم نفسه بأن يخبره أو حتّى يلمّح له بشيء حتّى أمّه و... غزل... كيف هان عليهم جميعا كيف!!
وكأنّما الأفكار التي كانت تصرخ من بين عينيه قد أصابت إدراك كرم فهزّه بقوّة من كتفيه وقال بصوت بان فيه اللين: أمّا كيف هُنت علينا فبعمرك ما بتهون عمّور إنت وصيّة أبونا الله يرحمه اللي بعمرها ما بتنزل الأرض... بس لمّا ألاقي حالي مُخيّر بينك وبينها فآسف.. راح أضطر أختارها مش لإنّي بفضّلها عليك أو لإنها أهمّ لأ بس لإنّه الدنيا كلها إلك... أرضها فراش وسماها غطا.. إنت شبّ ما بتعدم الحيلة بتدبّر حالك... أمّا هي من بعد ربنا ما إلها غير هالبيت... بيت أبو كرم الزلمة الأصيل المقدّر اللي العيبة ما بتطلع من بيته وعشان هيك من هلّأ بحكيلك لو دخلت هالشقة وما عرفت كيف تطّلعها منّها معك راضية وبتضحك فآسف هالبيت راح يتعذّرلك.. رجليلك ما راح تخطّي مرّة تانية فيه طول ما هي موجودة فيه عشان هيك بنصحك تدخل هلّأ وما تطلع منّه إلّا منتصر أو... منتصر وتذكّر...
شدّد كرم على عضدي عمر -الصامت بلا أدنى تعبير يظهر ما بفكّر فيه- وضربهما بخفّة وقال بخبرة: المرة "الامرأة" غير كلمة حلوة وصدر حنون ما بدها.. عقلك معها خلّيه دايما موجود وصاحي بس أبدا لا تخلّيها تحسّ غير بقلبك!
......................................
من بهو الشقّة بالداخل كانت رحيق ترتعش شوقا وخوفا بينما أصوات مبهمة لعمر وكرم تصلها... دموعها تنهمر مدرارا على وجنتيها تكاد لا تصدّق أنّ لحظة اللقاء آنت... لا تصدّق أنّه قد تعذّب فعلا لتلك الدرجة بفراقها لا تصدّق بأنّه قد اختار البحث عنها... اختار أن لا يتجاهل غيابها... اختار أن... يختارها!!
من بين دموعها ابتسامة لا تكاد تُرى شقّت طريقها كما شمس خجولة من بين المطر فهي رغم كلّ شيء سعيدة... سعيدة رغم ما ذاقته من مرارة الفراق... رغم ما اعتراها بالأيّام الماضية من صقيع البعد ولكنّها حلاوة اليقين كفيله بأن تنسيها كلّ العلقم الذي تجرّعته ليس فقط الأيّام السابقة إنّما السنوات... اليقين الذي لا يأتيها إلّا منه هو مهما أخبرتها به غزل... مهما أكّدته لها حماتها... والدته بل والدتها هي والتي ذهبت إليها باكية بحرقة في صباح ذلك اليوم تحمل بين عينيها مخاوفها وشكوكها التي لا تهدأ ولا تفتأ تستيقظ بين كل فترة وأخرى عن كون عمر لا يريدها وأنّه مجبر عليها تبثّها وساوسها عن مستقبل سيفطن به أنّه لم يعشق ويحبّ ككل شباب جيله وأنّ من حقّه أن يعيش ذلك الجنون وهي بوقتها لن يكون بيدها شيء تفعله لمنعه لا سيّما وهي تدرك صحة كلامه لكنّ الآن هي بحاجة لأن تعرف وتتأكّد أنّه يريدها حقّا حتّى وبيده أن يتخلّص منها دون أن يضطر لأن يطلب منها المغادرة فالظروف متاحة لكلاهما كي يختبرا فرصهما ويعيشا تفاصيلها وهي تريد أن تستغلّها حتّى لا يأتي يوم تندم فيه أنّها لم تفعل وكل ما تريده منها دعمها والوقوف بجانبها وأن لا تغضب عليها أو تفهمها بشكل خاطئ
بالطبع غزل وخالتها أمّ أحمد واللواتي رغم معارضتهنّ لجنونها إلّا أنّهن لم يبخلن عليها بالدعم وكذلك فعل كرم، وحدها سراب من آمنت بصحّة هذه الخطوة وقالت بأنّ من حقّها أن تزلزل له عالمه كي يرى الثوابت فيه والتي تتمثّل بها هي أمّا زوجها أحمد فقد اعترض قائلا أن ما يحصل جنون لن تتحمّل عواقبه إلّا هي وأنّه ليس من حقّهم تعذيب عمر دون أن يقترف ذنبا يذكر
كانت رحيق قد انغمست بالكامل في تفاصيل الأيّام الماضية وفجأة شهقت وتراجعت للخلف عندما فُتح الباب على حين غرّة لتجد أمامها عمر يقف لوحده... فيما اختفى كرم من وراءه وهي التي ظنّته سيبقى قليلا فقط حتّى تهدأ أنفاس عمر الغاضبة ويصبح أكثر هدوءا وتقبّلا...
عيون عمر المشتعلة غضبا والمخيفة أرعدت أوصالها فبدأت خطواتها بالتراجع لا إراديا فيما عيونها تتّسع ما بين هلع واشتياق فيما كان صوتها قد بدأ بترديد اسمه مقاطعا هدير أنفاسها وصخب نبضاتها مستنجدا به هو دون شعور: عووومااار... أأننااا... ححبييبي
عيون عمر الافتراسية الخطيرة وخطواته الرشيقة التي لاحقت خطواتها ببطء وثبات ذكّراها بمنظر النمر الذي يترصّد فريسته بكلّ ذكاء ونباهة وخطورة فازداد الخوف في قلبها بينما تتساءل إن كانت حقّا قد أفسدت الأمر هذه المرّة أمّا هو فجمود وجهه كان لا يشي بنيران صدره المستعرة والتي كان يحاول جاهدا السيطرة عليها كي لا تنفلت من بين يديه فتلسعها كما احترق هو بها لأيّام طويلة: عوومااار وحبيبك؟ طيب ما في ابن عمي وتقبر قلبي كمان مشان عمر هالمسكين الأهبل اللي ضحكتي عليه وعملتيه مسخرة ومضحكة وتسلاية قدّام أهله يسكت ويسامحك بسرعة؟
شحب وجه رحيق وهمست بينما تمدّ ذراعها له تلامس صدره بينما تهمس بصدمة: لااا عمر حبيبيي
شهقت رحيق من جديد بينما يضرب عمر يدها يبعدها عنه بعنف وكأنّه لا يحتمل حتّى لمستها ويصيح بها قائلا: أوعي تقولي حبيبي... حبيبك؟ ولإنّي حبيبك قرّرتي تتركيني هيك بكلّ هالبساطة بعد كل شي صار بينّا؟!
هزّت رحيق رأسها بينما تتلمّس يدها المتألّمة وتقول بصدق موجع وقد بدأت الدموع تملأ عينيها: ايه... ايه لإنّي بحبّك... تمنّيتلك السّعادة حتّى لو مع غيري... فكّرتك ما بتحبني... خفت ييجي اليوم اللي تقدر تقهرني فيه إنت... إنت كنت ما بدّك ياني... هربت منّي ورحت سافرت... كنت كتير بارد معي... وجّعتني كتير...
انتهت كلمات رحيق بالتصاق ظهرها بالحائط من خلفها إلّا أنّ ذراعيه سرعان ما التقطتاها بينما يصرخ بها قائلا بقهر وصدمة: هلأ؟ هلّأ تذكرتي تحاسبيني مشان الماضي يا رحيق؟ وبالهجر؟! بتعاقبيني لإنّي خفت عليكي منّي وقرّرت أحافظ عليكي... بتعاقبيني لإنّي فكّرت فيكي قبل ما أفكّر بحالي وأنا عم بقرّر أسافر لحتّى أبعد عنّك... إنتي بتعرفي شو يعني تتجوّزي عمرك أربعتعشر سنة "14" تتحمّلي مسؤولية بيت وأسرة ومتطلبات زوج هو بنفسه لسّة ولد بيمدّ إيده لأهله ليوخد منهم مصروف بدّه يتقاسموا معاكي وبدل ما تكوني مسؤولة منّه بدّك تكوني إنتي وإيّاه مسؤولين من العيلة كلها؟! بتعرفي أنا لو ما سافرت شو كان وضعك هلّأ؟ بتعرفي قدّيش كان ممكن نكره بعض؟ زوجة لأستاذ جامعي وأم لطفلين على الأقل... آه مهو أنا بعمري ما كنت راح أتخّلى عن طموحي العلمي بينما إنت شو؟ بلا شهادة غرقانة بمسؤوليات كتير ما بتناسب عمرك الصغير اللي زادته الهموم الضعف... بتدبلي واللي قدّك بعدهم عم يتفتّحوا... يا رحيق أنا لمّا تركتك أعطيتك فرصة تعيشي حياتك زيّك زي غيرك من بنات جيلك... وجودنا مع بعض كان خطر إنتي كنتي حلوة كتير وبكلّ يوم بتكبري فيه قدّامي بتحلوّي أكتر وأكتر غير طبعا تقرّباتك اللي كنتي تهلكيني فيها وأنا... أنا شب صغير لسّة من المراهقة ما طلع إله يومين و... ضعيف... أنا... أنا كنت أتعذّب يا رحيق وكان لازم أبعد!!
كانت قبضتي عمر كما كمّاشتين تعتصران كتفي رحيق بقوّة يحاول بها التفريغ عمّا يعتريه من قهر وألم وشعور بالغدر أمّا هي فغافلة عن ذلك الألم بكتفيها كانت تستمع لكلماته مصدومة من الطريقة التي كان يفكّر بها والتي لم تكن تعرف عنها شيئا وكم كانت سعيدة باعترافاته التي تسمعها للمرة الأولى فهو إذا لم يكن محصّنا منها بالكامل كما كانت تظنّ فهمست بذهول ودموعها لا تزال مستمرة بالهطول: بس... بس إنت بعمرك ما قلت يا عمر... وتصرّفاتك معي... كلها كانت... جافّة وأنا كنت خاف... خاف زعلك ترجّعني للمخيّم... بعيد عنّك... عنكن كلكن... كنت حاول إرضيك وإرضيكن كلكن لإنّي حبيتكن وكرهت المخيّم وعيشته...
همس حينها عمر وقد بدأت واجهته الغاضبة بالتصدّع بينما الشفقة عليها والحزن يؤثّر في صموده فيما عيناه تتأمّلان محيّاها بألم: كلّ استجداء منّك إلي كان يتعبني... كان يحسّسني إنّي... إنّك.... بتدوري رضاي كنوع من بحثك عن الأمان... امتنان وخوف... تصرّفاتك أبدا ما كان فيها حبّ... كنت خايف من اللحظة اللي راح يظهر فيها أبوكي أو حد من قرايبك زي ما صار بالزبط وتلاقي فيهم الأمان اللي بتدوري عليه وتقرّري تتركيني كمان زي ما صار بالزّبط... أو زيّ ما أنا فكّرت إنّه صار... حاولت أحمي قلبي منّك بس ما قدرت... كل مواجهة بيناتنا كنت أطلع منها أنا الخسران... عيونك... ضحكتك... كلامك الحلو... دلالك غنجك ريحتك حبّك... كلّها أسلحة حاربتي قلبي فيها وشنّيتي هجوماتك العنيفة عليه لحتّى غلبتيه واستسلم إلك راضي ومبسوط وتعلّق فيكي وما عاد يقدر يضخّ دم حروف اسمك مش مكتوبة فيه... اليوم اللي صار فيه زواجنا حقيقي... اللي صار بينا... كان أحلى شعور حسّيت فيه بحياتي... كان شعور صادم ومن كتر حلاوته ومثاليته مخيف بس... بس من حبّي إلك ما قدرت... ما قدرت ما أفكّر فيكي وبالسعادة اللي حرمتك إنّك تشعري فيها بيوم عرسك حسّيت إنّه كل شيء عملته بحياتي مشانك راح عالفاضي وإنّه كلّ حبّك إلي تحوّل لكره وكل امتنان تحوّل لخيبة
كانت رحيق تستوعب كلماته وواحة غنّاء تزهر جميلة نابضة بالحياة وبالأمل في داخل روحها فعُمر يحبّها حقّا.. عمر لم يبتعد رافضا إيّاها وكارها.. لم يحزن ليلتهم الأولى معا لأنّه كره ما حصل وخابت تطلّعاته إليه أو لأنّ أمله فيها قد خاب أو حتّى لأنّه قد نال منها ما أراد وانتهى.. هو فعل كلّ تلك الأشياء لأنّه يحبّها حقّا يحبّها!!
مرّغت رحيق رأسها بصدره بينما تجهش قائلة: وأنا ادّايقت مشانك خفت كون خيّبت أملك خفت كون خرّبتلك حلمك بعروس بنت بنوت بليلة زواجنا... خفت ما كون متل ما إنت كنت بتتخيّل، بس إنت بعد عرسنا كتير تغيّرت معي صدّقت إنّك بتحبني وإنّك عنجد بدّك إيّاني وما بتقدر تستغني عنّي... لحتّى طلب منّي عمّي روح معه وإنت سكتت... ما قلت شي وقّفت تطّلع عليّ متل كإنّك عم تنتظر منّي وافق بس مستحي تقلّي
مشدوها ضحك عمر وأبعد رأسها عن صدره لينظر إليه قائلا: إنتي هبلة؟ أنا سكتت مصدوم إنّك ما رفضتي بنفس اللحظة... ما حبّيت أقرّر عنّك وانتظرت القرار يكون نابع من قلبك وما أعمل متل ما أبوكي الله يرحمه اضطر يعمل من قبل... ما حبّيت أسحب من بين إيديكي الفرصة اللي انسحبت منّك زمان لإنّه الظروف أجبرتك!!
ضحكت رحيق متنشّقة أنفاسها المبتلّة وقالت بذهول وسعادة: يا الله شو كنّا هبل!
يدا عمر اشتدّت حول كتفيها يبعدها عنه ويسألها غاضبا بتحذير: شووو؟
شحبت رحيق وانقطعت أنفاسها وقالت: يي يي ولي على آمتي يقطعني أمانة لا تزعل منّي ابن عمّي والله مو قصدي
كتم عمر ابتسامته ونظر إليها متسائلا بصدق: خايفة أزعل أطلقك وأرجعك للمخيّم؟
نظرت رحيق لعينيه تشوّش عليها الرؤيا دموعها التي ما توقّفت بعد: خايفة تزعل فقلبي يتعب!
خلع عمر حجابها عن رأسها وقال هامسا: سلامة قلبك من التعب... بس برضو... حسابك تقيل وزعلي صعب... عشر أيّام يا مفترية حارمتيني منّك... عشر أيّام قريبة هالقد منّي وشايفتيني بتقطّع قدّامك قلبك ما حنّ... كيف هُنت عليك؟!
ابتسمت رحيق وقالت بشجن: مشانك لحتّى ما ييجي اليوم اللي تندم فيه على تصرّفك النبيل معي ومع بابا الله يرحمه... كنت عم موت كل يوم بعيدة عنّك عم بستنّاك تلاقيني وتيجي لتخطفني من جديد على حصانك الأبيض... نشف قلبها دلع يا حرام وهي شايفتني كل يوم عم ببكي وعمّو كرم بيحكيلها عمور زعّلها وبدنا نخبيها عنّه لحتّى نعاقبه وما يرجع يعيدها...
ضحك عمر وقال: عشااان هيك البنت الها كم يوم مو طايقتني وأنا مفكّر لإني ما عم بلعب معها ولا معبرها... رحيق؟
مستمتعة بحضنه غارقة بتأمّل تفاصيله أجابته ساهمة: امممم
فقال باسما: ممكن أعرف ليش لسّة بتعيطي حبيبتي؟
ضحكت رحيق رغما عنها وازداد بكاءها بينما تقول: من الفرح حبيبي مو مصدقة إنيّ معك وبحضنك!!
قرّب عمر رأسه من رأسها وقال متوعّدا: ومستعجلة ليش عالدموع اصبري هلّأ راح يلزموك وأنا بطلّع كل دقيقة قضّيتها بتعذّب وأنتي بعيدة عنّي... كلّ دقيقة حرمتيني فيها منّك راح أطلعها على بدنك دقيقة... دقيقة... عشر أيّام يا ظالمة!!
قهقهت رحيق ومسحت دموعها بظهر يديها كما الأطفال بينما تقول بسعادة: وإذا عوّضتك عنهم؟
ابتسم لعينيها قائلا بينما يهزّ كتفيه: بشوف وبقرّر
ابتسمت رحيق بمكر ودلال انثوي هيّج مشاعره المنهارة أصلا وأمسكت يديه قائلة: اليوم الأوّل
وقبّلته على يده اليمنى ثمّ أمسكت اليسرى وقبّلتها قائلة: اليوم التاني
ومن ثمّ وللهفة قلبه رفعت جسدها على أطراف أصابع قدميها وتعلّقت ذراعيها برقبته وقبّلت خدّه الأيمن قائلة: التالت
ثمّ ارتفعت بشفتيها نحو جبينه تمتمت بفرح: الرابع
وأكملت جولتها إلى خدّه الأيسر هامسة: الخامس
فزمجر هو حينها مرتعشا وقال بخشونة: مطوّلة لتوصلي للعاشر؟!
ضحكت رحيق بصوت رقيق وقبّلت رقبته قائلة: السادس... والسّابع
قالتها بينما تنتقل مقبّلة ذقنه الخشنة ومن بعدها تحبو بشفتيها لزاوية فمه فتقول لاهثة الأنفاس: التامن
أما التاسع فكان قبلة ناعمة كرفرفة فراشة حطّت على أنفه قبل أن تنظر لشفيته بشوق وتقول بصوت مبحوح: العاشـ....
قبلة جامحة ذوّبت شفتيها تاه بها هو بحلاوة رحيقها فخارت لها قواه قبل أن يرفعها ويحملها كما طفلة صغيرة من تحت ركبتيها وأسفل كتفيها بعنف بينما يتّجه نحو باب الشقّة فيقفله قفلتين بالمفتاح من الداخل منتقما بعقله من غزل التي نبّهته لهذا الأمر يوما ويذهب نحو غرفة الجلوس فيرميها على إحدى أرائكها الواسعة بينما يهمس لها بعنف: شكرا لتعويضي عن أوّل عشر دقايق من ال 14400 دقيقة اللي انحرمت منّك فيهم أما الباقي اتركيهم علي بعرف كيف أعوضهم بطريقتي بس معلش بدّك ما تواخزيني يا بنت عمّي تعبااان مخنوووق راح أضطر أعمل عدّ عكسي وأبدأ من الرقم الأربعتعشر ألف وأربعمية
قهقة رحيق ضاعت من جديد بتلك الدوّامة العاطفية للذيذة المؤلمة التي سحبها عمر لعمقها وفجأة ومن بين الصخب العاطفيّ حولهم شهقت رحيق فزعة تدفع عمر عنها فجفل قائلا باختناق وألم من البعد المنهك الذي فرضته عليه: شو في وجّعتك
فأشارت رحيق بوجهها المخضّب نحو قدمه وقالت بصوت متهدّج: رجلك بتنزف!!
بهت عمر وقال غضبا: بالله عشان هيك بعّدتيني يعني هاد وقته؟!
مال عمر من جديد عليها فأبعدته من جديد هامسة: بتوجعك؟!
فقال بحنق وغضب يكاد يشعر بجسده يوشك على الانفجار من شدّة الكبت: يمكن... ما بعرف... مش حاسس فيها بس إذا بدّك تضلّي كتير شاغلة بالك فيها ممكن أقطعها وأريحك منها يعني
قطّبت رحيق مصدومة من عنفه قبل أن تنظر حولها وتهتف من جديد بفزع: ياعيب الشوم وسّخت البيت وعبّيته "ملأته" دم
ابتسم حينها عمر بشرّ قائلا: أقل واجب... وعفكرة إنتي كمان في إلك مفاجأة بتستنّاكي ببيتنا... رحيق ممكن تسكتي شوي... كرم حكالي ما أطلع من هالشقّة غير منتصر أو منتصر وأنا ناوي أطلع منتصر وشايل الغنيمة على كتفي كمان!
قالها عمر وثبّتها بمكانها منتزعا منها غصبا ولولة الهزيمة فيما هتف هو بصرخات النّصر الحماسية....
.................................................. ......................
أنت تقرأ
عندما يعشقون صغاراً(الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملة
Romanceرواية بقلم الكاتبة المتألقة نيفين أبو غنيم.. الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة نيفين ابو غنيم..