الفصل الثلاثون

4.3K 100 1
                                    

الفصل الثلاثون

ابتعد يوسف عنها ذاهلا ونظر إليها بانشداه ليدرك حينها حالتها غير الطبيعية خاصّة وهي تنقضّ عليه وتضرب صدره بلكماتها الغاضبة: حكيتلك كلّه إلّا الماضي... وإنت قبلت بس إنت كذاب... الماضي لأ اشترطت عليك وإنت كذبت... إنت كذبت يا يوسف... خدعتني... أنا خلص... خلص ما بدّي إيّاك... طلّقـ....

طلبها للطلاق كان يوشك على الخروج من فمها حين كتمه هو بفمه بجنون ليسحبها معه حاشرا إيّاها بإحدى الزوايا المخفية حيث القسم شبه فارغ تقريبا...

طعم الشوق وطعم الغضب وطعم الدموع شكّلا بالنسبة إليه وصفة للجنون... جنون مطبق أفقده عقله بينما كلمة الطلاق التي أوشكت على الخروج من فمها كانت كما راية حمراء في حضرة ثور هائج فكيف... كيف تجرّأت على التفوّه بها وهو الذي لا يحيا إلّا من بين أنفاسها... كيف من بعد تلك السعادة الغامرة التي عاشا بها تسهل عليها كلمة كتلك بكلّ تلك البساطة... كيف من بعد كلّ الحبّ الذي أحبّها به ترمي به تلك الرصاصة غير مبالية به إن مات بعدها أو عاش

أمّا هي فتلك الاستجابة العنيفة التي ضربت جسدها اثر ملامسة شفتيه لشفتيها امتزجت مع غضبها وأذابته ليشكّلا معا شغفا مجنونا أوهن مقاومتها وزاد من ارتجافة جسدها وضعضع واجهتها الصلبة التي كانت تحاول التمسّك بها منذ أيّام أمامه

ذائبان غائبان في دنيا أخرى أفزعهما صوت صراخ قويّ متألّم لإحدى المصابين بالقسم فابتعدا عن بعضهما ينظران إلى بعضهما في ذهول وصوت لهاثهما يملأ من حولهما المكان

بنظرات مهزوزة محمّلة بالذنب راقبت زاكية الشغف يختفي من عيون يوسف فلا يخلّف من وراءه إلّا الغضب فهربت منه بعينيها وهمست بتردّد: يوسف...

فقال لها يوسف بصوت مخشوشن من اثر العاطفة التي كانت وقال: يبدو لي إنّه يوسف غلط بطريقة تعامله معك...

وضعت زاكية يدا مرتعشة على مقدّمة قميصه وهمست: كل بلايزي المستّرات "المحتشمات" يا بدهم غسيل يا كوي... خلصوا أواعيي اللي تركتهم ببيت عمّي ولبست هاي البلوزة من دون ما أركّز فيها

كازّا على أسنانه قال يوسف وكأنّما لم تقاطعه أصلا: غلطت بدلالي إلك... غلطت لمّا حبّيتك لهالدرجة من دون ما أطالبك تحبّيني بالمقابل... والنتيجة هيها "ها هي" رخّصتيني وبدّك ببساطة تلغيني من حياتك وكإنّي ما كنت

كانت كلمات يوسف كما ضربات قويّة تنزل على رأسها واحدة تلو الأخرى تنغرس في قلبها فتدميه بقوّة فقالت بصوت شاحب مهزوز: أنا كمان بحبّك بس... بس إنت... إنت...

فقاطعها ناهرا: لو كنتي حبيتيني يا زوزو ما كان طلعت منّك كلمة الطلاق بكلّ هالبساطة وكإنّه اللي بيناتنا اشي تافه وضحل وسخيف بدّك تنهيه هيك بس عشان غرت عليكي... بس لإنّي ما احتملت واحد حقير يتطلعلك تطليعة واطية زيّه بسبب طريقة لبسك المستهترة... أنا يا زوزو هيك لهون قدّمت كل شي عندي أمّا الباقي فصار عندك

عندما يعشقون صغاراً(الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن