الفصل الثالث والعشرون
بعد أيّام
كانت سيّارة عماد تدخل الحيّ الذي يقطن به عندما لفت نظره خمسة من الشباب الغرّ صغيري العمر هم أقرب للمراهقة منهم للشباب يخطون في كلّ حين خطوات قليلة قبل أن يتوقّفوا ويلتفّوا حول شخص ما ليحدّثوه في حماس يظهر واضحا من أذرعهم التي تلوّح هنا وهناك
ما إن اقترب منهم وجد نفسهم ينظر لهم في فضول يبحث عن ذلك الشخص الذي يلتفّون حوله بكلّ ذلك الاخلاص ليكتشف مصدوما أنّها أنثى وسرعان ما غضّ البصر قبل حتّى أن ينظر إليها رغم استغرابه من تلك الأنثى التي تمشي بين كلّ أولئك الشباب وتتحدّث إليهم بكلّ تلك الأريحية بالشارع العام من دون أن تخشى لفت الأنظار إليها إلّا بالطبع إن كان هذا... ما تبحث عنه
استغفر عماد الله بسرّه قبل أن يلفت انتباهه تلك الجمل المتناثرة بالإنجليزية والتي كان يتحدّث بها الشباب بانطلاق حينا وبتعثّر أخرى حينها لم يستطع مغالبة فضوله فوجد عيناه تبحثان عن تلك التي استطاعت جرّ خمسة حولها كقطيع من الخراف مشمّلة ألسنتهم كما تهوى نفسها وحينها فقط....
كانت آنجلا تستمع بتركيز فائق إلى كلمات الأولاد التي كانت تنهال حولها بكرم يعرّفونها بها على المنطقة حولهم وعلى أفضل الباعة والتجّار والمتاجر وعلى أجمل المناطق في مدينتهم التي لا يجب عليها تفويت زيارتها والأهم أنّهم سبق ووعدوها بأن يبحثوا لها عن شقّة صغيرة بأجر معقول في ذات المنطقة التي تقطن بها حاليا عندما فجأة صوت حادّ لفرامل سيّارة تتوقّف أمامهم بجنون قطع تدفق كلماتهم
صوت انصفاق الباب بقوّة جعلها مرغمة تبحث عن ذلك الهمجيّ الذي يقوم بتصرّف كهذا دونما مراعاة لمشاعر الآخرين أو دون المبالاة بإزعاجهم ولكنّها وقبل حتّى أن تراه علمت أنّه هو... كيف... لا تعلم ولكن ربّما شرارات عينيه لسعتها قبل حتّى أن تراها... لا هي لم تكن شرارات إنّما كانت براكين فائرة ترمي بحممها عليها وعلى كلّ من حولها فتحرقهم جميعا وذلك كلّه قبل أن تلامسهم حقّا!!
.................................................. ......................
لا تعلم ما الذي جعلها حقّا تقبل بمقابلته أخيرا... أسبوع كامل أجّلت الأمر فيه مرة بعد الأخرى حتّى عدمت الحيلة أخيرا وقد نفذت جميع أسباب رفضها أمام كثرة الحاحاته وقد جاء لها شقيقها الكبير بوجهه السمح البشوش الذي يتقطّر طيبة فيتحدّث إليها ببساطة منطقه يسألها عمّا يمنعها من الاستماع إلى معتز وإنهاء هذا الأمر أخيرا
"ليش... أقعد معه وأسمعه ليش... شو لفايدة... رجعة ما راح أرجع... الكلام ما راح يغيّر شي... تعب القلب ليش!!"
هذا كلّ ما استطاعت مي قوله له في حينها فكيف بالله ستخبره أنّ تفاصيل كثيرة بينها وبينه كانت قد حسبتها محيت من ذاكرتها عادت للبروز من جديد في جدران قلبها وعقلها وحتّى جسدها وكأنّما ما كانت إ لّا نقوش محفورة فيهم تكاثفت عليها أتربة الزمان وعند أوّل سحابة مطر غسلت لتتضح من جديدّ... لم تكن تعلم حينها بينما تتكلّم أنّ كلّ حروفها تنطق بما يخيفها... بما يؤرقها ولكنّه شقيقها أدرك وفهم مخاوفها ولأجل هذه المخاوف بالذات يريدها أن تراه فتكمل حياتها من بعدها على بيّنة بلا ندم ولا "لو" وكترجمة لما يفكّر به قال: لإنّه هو شايف العكس
أنت تقرأ
عندما يعشقون صغاراً(الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملة
Romanceرواية بقلم الكاتبة المتألقة نيفين أبو غنيم.. الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة نيفين ابو غنيم..