الفصل الثامن والعشرون

4.8K 106 4
                                    

الفصل الثامن والعشرون

بعد أيّام ثلاث

ارتعاشات جسدها كانت تبدو واضحة لكلّ من يراها... كلّها ترتعش... قلبها جسدها وحتّى أفكارها... من يراها كان ليظنّ أنّها بِكرا تُخطب للمرّة الأولى ليس وكأنّها تزوّجت من قبل ومرّتين لرجلين كان هو أوّلهما... معتز!!

حروف اسمه تتشكّل واضحة في عقلها فتصرخ روحها بألف آه وآه... أتعيش حلما أم واقع... لا بل هو واقع... واقع استحقّته بعد سنوات طويلة من المعاناة والحرمان ولكن... ترى هل معاناتها انتهت أتغيرّ فعلا وتغيّرت أم أنّهما يخفيان تحت القشرة الخارجية ثوراتهما مخنوقة تنتظر الإذن بالإنفجار... لا... لا هي لن تسمح لتلك الأفكار بأن تغزو روحها فتضعفها... هي قد اختارت وامرأة مثلها بعمرها هذا وقد خبرت من الحياة ما خبرت حريّ بها أن تكون قادرة على قيادة حياتها وتسييرها كما تشاء وإن كانت قد استطاعت أن تستمر لخمس سنوات كاملة مع فادي ناسية أنّها أنثى متناسية أنّها انسانة لها مشاعر يحقّ لها أن تحسّ بها فالأولى أن تكرّس ذاتها لأجل سعادتها هي أخيرا... سعادتها التي هي موقنة أنّها لن تكون إلّا معه هو!

أصوات عالية لرجال كثر انتزعتها من لجّة أفكارها فناظرت ابنة أخيها المراهقة الحالمة ذات الثلاثة عشر ربيعا والتي كانت تقف منذ حوالي النصف ساعة أمام شبّاك غرفة عمّتها تراقب الطريق ما بينهم وبين بيت أبي معتز بحالمية منتظرة قدوم عريس عمتها المجنون

نظرات اثارة وحماس تناقلتها الطفلة ما بين النافذة وعمّتها بينما تقول: عمتو عمتو ناس كتير كتير

ركضت مي بسرعة نحو النافذة تنظر منها لتقف أمامها مبهوتة وتهمس بذهول: المجنون!!

المجنون... لقد همس بها لها تلك الليلة في العرس وقد كان كلّ ما قال قبل أن يجرّه يوسف خلفه ليكملا سطرا طويلا من شباب اجتمعوا لأداء دبكة شعبية ترأسها هو... معتز... كما اعتاد دوما أن يفعل... وكما اعتاد دوما أن يكون... كان مذهلا

" كم يوم وجاهة ما صارت لغيرك راح تكون ببيتكم"

وها هو رجل الأفعال ينفّذ كلامه... بحرفيّة... بجلبه كلّ ذلك العدد الضخم من الرجال الكبار عُمرا ومقاما... ماذا!! أليس ذلك الرجل الواقف بجانب عمّها أبي معتز المرتدي طقما رماديّا ويغطّي رأسه بشماغ أبيض بخطوط سوداء متقاطعة هو قريبهم النائب في البرلمان !!

يا إلهي... ما الذي سيفعله أهلها الآن... صحيح أنّهم قد استعدّوا لاستقبال جاهة كبيرة أخبرهم بها والده بالأمس ولكنّهم لم يتوقّعوها بهذه الضخامة

المجنون الـ... حبيب!!

بعد دقائق قليلة كانت مي تدخل غرفة الضيوف الكبيرة بفستانها الطويل مكشوف الذراعين بقماشه المشمشيّ وزهراته الصغيرة الخضراء ووريقاتها الكحلية والذي التصق بجسدها الممشوق مكتمل الأنوثة بفتنة مغرية

عندما يعشقون صغاراً(الجزء الثاني من سلسلة مغتربون في الحب)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن