1

699 7 0
                                    

-"إما الاحتضان أو الطلاق".
قلتُ جملتي هذه و وليت متجهةً إلى المطبخ, فلم أعد أحتمل أكثر, عشر سنوات كانت كافية؛ لتجعلني أطلب حقي في أن أكون أم, وأعيش تفاصيل هذه الكلمة, كانت أُمنيتي الوحيدة أن يُقال لي: "مبروك أنتِ حامل".
-"هل تذكري ما قلتُ لكِ في الماضي؟"
قال هذا: وهو يصفق الباب, ويرمقني بنظرات اللوم والحسرة.
-"نعم, لكنني اكتفيت من الصبر, ولوم عائلتك لي على أنني المُسبب بالعقم, لم أطلب منك الكثير, أريد طفلاً يناديني ماما. ألم تتمنى ذلك قط؟."
-" وهل تظني أنني لم أطرح فكرة الاحتضان أمام والدتي؟"
-" وماذا قالت؟"
التفت إلى يمينه موليني ظهره وقال:
-"رَفَضَت, وزمجرت, وخافت من كلام الناس, وظنونهم, ثم أنهت كلامها بأنها لا تُريدني؛ إذا فعلتها. حتى أنها طلبت مني الزواج بأخرى. ماذا أفعل؟ أعطني حلاً مناسباً؟"
-" لا نُخبرها بأننا سنحتضنُ طفلاً "
-" وكيف ذلك؟ إجراءات الاحتضان تحتاج لوقت, وشروط كثيرة."
قاطعته هنا, وكلي حماس بأنه يوافقني الرأي :
-"دعنا نجرب, ثم نقرر, أرجوك."
وبعد حوارٍ طال قال:
-" على بركة الله. لكن إذا لم يتم هذا الأمر؛ ستُغلقين قصة الاحتضان كلها."

ما حيلتي إلّا إن أُجاريه لشوقي لكلمة ماما, نحن الإناث منذ نشأتنا نحلم بالأمومة: فترانا نرعى الدمى, ونداريها, إلى أن نتزوج فيصبح حِلمُنا الوحيد طِفل نبيع الدنيا لأجله, ننتظره بفارغ الصبر, فكيف بهذا الانتظار على سدى؟. كم ذرفتُ مِنَ الدموع خفيةً عن زوجي؛ كي لا أشعرهُ بالذنب .

أذكر قبل سنين حينما صارحتْ أمي بأني أريد الطلاق, قالت لي:
"إياكَ يا ابنتي! هذا امتحانٌ لكِ كامرأة, يجب أن تُظهري الوفاء له. "
قُلتُ لها : لكنني أريد طفلاً. أنتِ لا تعلمين بحالي وأنا أقف أمام مدارس الأطفال, في الحدائق, المطاعم, بكل مكان. وأنا أُراقب الأطفال, وأَتَحَسر على حالي. عادت وصفعتني بكلماتها:
" وكلام الناس, ألا تخافين من كلمة مطلقة؟."
ومن بعد هذا الحديث لم أفتح موضوع الأطفال قط, ولا حتى مع زوجي. أما اليوم فقد طفح الكيل.

في اليوم التالي اصطحبني زوجي إلى مديرية التنمية الاجتماعية, قدمنا طلب لاحتضان طفلة؛ لأن زوجي أراد هذا تحسباً للمستقبل, ولمعتقداته بأن الطفلة مهما كان ستبقى في المنزل, أمام ناظرينا. طلبوا منا وثائق عدة: كدفتر عائلة, وحجة إسلام, وصورة عن عقد الزواج, وتقرير طبي عن عجز زوجي, وأن يكون دخلنا جيداً.
و بعد مرور أسبوع.. زارتنا أخصائية اجتماعية؛ للاطمئنان على وضعنا الاجتماعي, والاقتصادي, والسكني, وأخبرتنا أن ننتظر دورنا, لا أٌخفيكم فرحتي كانت لا توصف, وأحلامي قيد التحقيق.

-"حياة..."
رفعتُ عيناي عن كتاب العناية بالأطفال, وحدقتْ به.
-"ماذا سنخبر والدتي إذا أتى دورنا في الاحتضان؟ وكما تعلمين, لا يوجد لديهم أطفال أقل من عمر السنة؛ أي ستفتضح كذبتنا في بدايتها."
-"ما رأيك في أن نسافر لبلدةٍ مجاورةٍ؟ هكذا لن تكشف كذبتنا, نختفي عن الأنظار لفترة, وخلال هذه المدة نُخبرها بأنني حامل."
-" أتظنين أن هذا بالأمر السهل؟ وعملي ماذا أفعل به؟ وما الكذبة التي سأخبرها بها؛ لتصدق أمر السفر؟ "
-"نتدبر ذلك, أرجوك لا تُغير قرارك بهذه السرعة, ألم تكن منشرح الصدر قبل أيام؟ أتركها للمولى. "
كنت أقول كلماتي وقلبي يرتجف, هل سيغير رأيه؟ هل سيُحطم حلمي قبل أن يتحقق؟. يا رب "اللهم إني مغلوبٌ فانتصر".

بتونيا زهرة المجرة 🌸 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن