10

83 4 0
                                    

                               *****
ما هذا الكائن الغبي؟ أنهى طعامه ولا يزال هنا, ما قلة الذوق هذه؟ أتممت صُنع الشاي ووضعته أمامه, ثم اعتذرت؛ للذهاب لغرفتي, لكن زوج أمي هل سيُرضيه تصرفي هذا؟
-"تعالي وجالسي خطيبك قليلاً, لِمَ هذه العجلة؟"
أذعنت للأمر كارهةً, وجلست مقابلةً له, وبدأت أرفع حاجبيَّ, وأُحرِك يديّ وقدميّ, وهو ينظر لي ويتجاهلني, أريد أن أكسر أسنانه التي لم تنستر بشفاهه منذ أن عُقد قِراننا, ما به؟ هل أعجبته اللعبة وصدقها؟.
-"حياة: شاركينا الحديث يا باتي, ما بك صامتة؟"
-"بتونيا: رأسي يؤلمني, وأزعجني الضوء كثيراً"
همَّ واقفاً وأخيراً, ثم قال:
-" استأذنكم.. يجب أن أغادر, هذا يكفي لليوم"
ماذا يقصد ب لليوم؟ هل سيزورنا يومياً؟ أُقسم أنني سأقتله لو فعلها"
قال موجهاً كلامه لي:
" غداً سآتي لأصطحبك إلى صالون التجميل, كوني جاهزة في الساعة العاشرة صباحاً"
-"بتونيا: ولِمَ صالون التجميل؟"
-"حياة: ما بك يا ابنتي, غداً سنقيم حفل خطوبة لكما؛ ليعلم الجيران والأقارب أنك خطبتِ"
-"بتونيا: وما الداعي لذالك؟ أخبريهم بالهاتف؟"
-"زياد: باتي ما بكِ؟ لِمَ ترفضين كل شيء, وتنغصين فرحتنا بكِ؟ لِمَ كل هذا العناد؟"
احتد صوته وهو يكلمني, فنظر إليه وسيم وقال:
" لتُعاند وتتصرف كيفما تشاء, فرحتها وهي أدرى بها"
أما أبي فارتاحت ملامحه وقال:
" أنا أتحدث من أجلك, أنتم أدرى"
وانسحب من بيننا إلى غرفته, ما الذي يحدث؟ آه يا رأسي سيقتلانني هذين الإثنين.
رافقت وسيم إلى الباب, وقلت:
" ماذا يحدث بينكما؟ أرى والدي للمرة الأولى يتصرف هكذا, أخبرني ماذا تخفيان؟"
-"وسيم: لا نخفي شيئاً, لكنك الآن أصبحتِ خطيبتي, ولا يحق له فرض قراراته عليك, صحيح كوني مستعدة في العاشرة, سنأتي أنا وسلمى لاصطحابك"
-"بتونيا: هيا اذهب قبل أن أرتكب جريمةً بحقك"
أغلقت الباب ورائه, وعدت إلى غرفتي, لا أريد أن أُصادف والديّ, أريد أن أعاقبهما بمفهومي المتخلف عن العقاب, لقد تعبت اليوم كثيراً, ويجب أن أنام, فينتظرني غداً يومٌ طويل.
آه.. أيُعقل أن أعيش تلك المرحلة التي ينتظرنها كل الفتيات هكذا, بالإجبار وبهذا العمر؟ سأساير الجو لأرى ما العقبات التالية؟

استيقظت على صوت أذان الفجر, توضأت وصليت, ثم توجهت للمطبخ لأتناول شيئاً قبل استيقاظهما, وحينما هممت لأُخرج الخُبز, دخل والدي. ما هذا الحظ العاثر؟ أعدته أدراجه, وهممت بالخروج من المطبخ,
أمسك والدي بيدي, وقال:
"هلَّا جلستي لنتحدث قليلاً؟"
-"بتونيا: أريد أن أنام؛ فاليوم سيكون مُتعب كما تعلم"
-"زياد: لن أُطيل عليكِ, هيا اجلسي"
-"بتونيا: تفضل, ها أنا أستمع"
-"زياد: أعتذر منكِ يا ابنتي, أنا أعترف أنني قسوت عليكِ كثيراً, أعلم أنكِ تريني كوحشٍ يُدمر مستقبلك وحياتك, لكن يا ابنتي ستعلمين لاحقاً أن ما فعلته من خوفي وحرصي عليكِ, الآن سيطمئن قلبي؛ فوسيم شاب طموح عطوف, قوي القلب, أستطيع أن أضع إبنتي أمانةً لديه."
أطرق للحظات مُفكراً, ثم قال:
"أشعر يا ابنتي أن أجلي يقترب, لا أريد أن أترككِ دون سند, أعلم أنني لم أكن سنداً لكِ, وهذا الأمر لم أراه إلا الأمس, عندما صفعتني بكلماتك التي غُرِزت بصدري, وحين رأيت خوف وسيم ولهفته عليكِ ارتحت؛ لأنني أعلم أني سأترككِ لرجلٍ يحفظك, ويقف بظهرك كالجبل"

بتونيا زهرة المجرة 🌸 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن