4

129 4 0
                                    

                                 *****

 استيقظت على صوت والدة سلمى كانت تسألني: 

-"هل أنتِ بخير عزيزتي؟" 

عندما لم أجبها, أعادت طرح السؤال مرة أخرى, رفعت رأسي ببطئ, وقلت :

-"بخير" 

صوت رنين جرس المنزل...

 ارتبكت, لا بل قلبي هبط بين قدمي, ربما شعرت بما سيُصيبني, انطلقت سلمى تفتح الباب, إنه صوتُ أبي " يا رب ألطف بي"

-"بتونيا..."

ارتعدت قدماي, وضاق نفسي, عادت نبضات قلبي تتسارع من جديد , حتى أنني لم أقوى على الوقوف. صوت أبي يصدح بعنف:

-" ماذا تفعلين هنا؟ وأين حجابك؟ ارتديه بسرعة"

التفت باحثةً عن حجابي, أخذته والدة سلمى, وأعطتني إياه, أمي كانت تُمسك بيد والدي؛ خوفاً من أن ينقض علي أمام الجميع, ارتديت حجابي وتوقفت, وفي هذه اللحظة, دخل وسيم, عندما رآه والدي: قطب ما بين عيناه, وبدأ يشتمني, تقدم مسرعاً نحوي, أمسكني من نفس المعصم الَّذي لواه البغيض, وشدني إلى الخارج: سحبني إلى المركبة, وألقاني على المقعد الخلفي, ثم قاد المركبة بسرعة, وهو يتهدد, ويتوعد. 

طوال الطريق كنت أدعوا الله :أن يجعل غضبه برداً, وسلاماً علي.

الآن أصبحنا أمام المنزل, جررت قدماي ببطء, لم أعد أسمع نبضاتٍ لقلبي, ربما توقف. أمي المسكينة تتبع والدي, وتتوسل إليه أن يهدأ, ويفكر بروية قبل أن يُحاسبني. 

وعلى الباب خلع حزامه: وأخذ يضربني, والدتي تُحاول دفعه عني؛ لكنها لم تستطع التمكن منه, ضربني حتى احمر جسدي, هربتُ منه باتجاه غرفتي, فلحق بي, ولم يكتفي بالضرب, والشتم, أخذ المقص وبدأ يُقلم شعري, ولولا أمي لما تبقى لي شيئاً منه, ثم خرج وأغلق باب غرفتي بالمفتاح. كانت حالتي يُرثى لها. 

ما المصيبة التي ارتكبتها لأعاقب بهذه القسوة؟ نظرت إلى الشعر المتناثر على بلاط الغرفة, وخنقتني العبرة, أمسكت بخصلاتٍ قريبة مني: ضممتها إلى قلبي, ورحت أنحب. لم أتجرئ حتى على رفع نفسي؛ فآلامي غلبت فضولي لرؤية نفسي بشعرٍ قصير, لا بل قصيرٍ جداً, أخذت أتحسس رأسي, يداي ترتجفان, وقلبي ينقبض. عاهدت نفسي حينها: أن اكره والدي, ولا أغفر له أبداً. أما وسيم فانتقامي منه سيكون مُختلف. 

استيقظت على صوت آذان الفجر, كان قد غلبني النعاس في مكاني, على الأرض, وبالقرب من شعري.

  كانت نظرتي مختلفة هذه المرة, كانت نظرةُ قوة, وتحدي. تمسكتُ بطرف السرير أساعد نفسي على النهوض, اتجهت إلى الحمام: توضأت, وأخذت أرتدي ملابس الصلاة, أتممت صلاتي, ورفعت يداي إلى الله, لم أكن أدري بما أدعوه, رفعتهما, واكتفيت بذرف الدموع. 

بتونيا زهرة المجرة 🌸 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن