الفصل السادس والعشرون

242 7 0
                                    



الفصل السادس و العشرون
كالعاصفة الهوجاء دخلت قسم الشرطة تُريد الدخولَ إلى رئيسهِ دون إذن ... وقف أحد الضباط أمامها يقطع عليها الطريق :
_ سيدتي ..هل أستطيع مساعدتك ؟؟
تمسكت بحقيبتها تحاول السيطرة على إضطرابها :
_ أريد مقابلة المقدم مهاب حالاً
قال الضابط بهدوء :
_ اعتذر منك سيدتي..المقدم مشغول للغاية و لا يمكن مقاطعته ... يمكنني تقديم المساعدة سيدتي ؟
قالت و هي تزفر بقلة صبر :
_ شكراً لك .... لكن الأمر شخصي
_ كما قلت لك سيدتي... المقدم ...
قاطعته و هي تقول بحدة :
_ اخبره أن زوجة العقيد زياد طارق ترغب بمقابلته
تجمدت عيناه و هو يحدق بها ... ابتلع ريقهُ بصعوبة و هو يقول :
_ سوف أخبره حالاً ..لكن أرجوا منك الإنتظار هنا
دخل إلى المكتب الداخلي و خلال دقيقة خرج و من خلفهِ مهاب مسرعاً ...
_ سيدة ياسمين ... أهلاً بكِ تفضلي
لحقت به إلى الداخل و هي تحاول السيطرة على أعصابها ... لحظة إغلاقه الباب سارعت لسؤاله متلعثمة:
_ أين هو زياد ؟؟
نظر إليه مشفقاً على حالها و قد لاحظ احمرار عيناها و هو يقول :
_ لا أستطيع أن أخبرك بذلك سيدتي ..لكنه بخير لا تقلقي
قالت سريعاً و هي تشد على كفها بقوة :
_ لقد توفي والده قبل قليل ..يجب أن أكون بجانبه عند تلقيه الخبر
قال بصدمة و حزن حقيقي :
_ الرائد طارق توفي .. رحمه الله
قالت و قد فقدت السيطرة على دموعها :
_ أرجوك ... أخبرني أين يمكن أن أجده ... لا يجوز أن يكون وحيداً ....يجب أن أكون إلى جانبه أرجوك .. أرجوك
أغلق عينيه و هو يدلك جبينه بقوة :
_ سيقتلني بسبب فعلتي ...أنه يسكن منزل الشاطيء.. سأكتب لك العنوان
قالت متلهفة و هي تمسح دموعها سريعاً :
_ لا ..لا داعي أعرف مكانه جيداً ..شكراً لك مهاب ..ممتنة لك
خرجت و تركت مهاب مشغول البال على صديقه و هو يهمس :
_ كان الله في عونك صديقي ...يبدو أنك لن تحصل على مساحة للهدوء حتى تلتقط أنفاسك ..عليك أن تستمر بالقتال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعيون ناعسة تطلعت إليهِ حالمة ...يعقد ربطة عنقهِ و هو ينظر إليها بهيام مبتسماً بجاذبية جعلت قلبها يخفق سريعاً .... نهضت تقترب منه و هي تقول بدلال ذوب قلبه :
_ لما عليك أن تغادر حبيبي .... بالأمس فقط عدنا من باريس .. ابقى معي قليلاً بعد
تنهد و هو يطلق آه عميقة .... ضم و جهها بين كفيه و هو يهمس لها :
_ حوريتي الفاتنة ..لا رغبة لي بالبعد عنك للحظة و لكن العمل لا يرحم
زمت شفتيها و هي تعدل ربطة عنقه ..قائلة بغنج :
_ لا .. أنت تحب العمل أكثر مني
ضحك بقوة و هو يرفعها عن الأرض يقبلها بشغف جعلها ترتجف من قوة مشاعره ....ضمها أكثر لصدره حتى هدأت و ذابت معه ... تراجع قليلاً و هو يقول بصوت أجش :
_ يبدو أنني لن أذهب للعمل أبداً
ضحكت بخجل و هي تطوق عنقهُ سعيدة ... أما هو كان يتلمس جسدها ...يتأكد بأنه لا يحلم .. بأن سلام بين يديه زوجته و عائلته .... هذه السعادة حقيقية وليست خيالاً أو وهماً ... أخرج نفساً ساخناً من صدره و هو يبعد نفسه قسراً عنها
_ سلام .... يجب أن أذهب .... أرجوكِ
ضحكت بخفة و هي تبتعد عاقدة ساعديها بغضب طفولي
_ اذهب ... بالأساس أنا مشغولة اليوم ....
رمقها بنظرة معاتبة و هو يرش عطره الفرنسي الفاخر
_ منشغلة عني ؟؟ ماذا ستفعلين اليوم ؟
_ اممممم ... سوف أزور أهلي .... و قبلها سألتقي ياسمين لنزور حمزة في المشفى ...هل تصدق أنه استفاق من غيبوبته ليلة زفافنا!!! .... إنها معجزة
أرتدى سترته... و من ثم ضم سلام لصدره قائلاً :
_ لأنك وجه الخير حوريتي ...
علا صوت هاتف سلام ينبه لورود اتصال .... تركت قصي بعد ان طبعت قبلة على خده ....
_ أهلاً ياسمين .... أنا بخير .... ما الأمر ؟؟ هل تبكين ....؟؟
نظر قصي لسلام قلقاً و هو يدس يده بجيبه
_ حبيبتي .. لا بأس ..البقاء لله .... لا .. لا تقلقي ... أراكِ قريباً ...إلى اللقاء
أسرع قصي بسؤالها عن ماهية الأمر ....قالت سلام بحزن :
_ والد زوجها زياد ..توفي اليوم
أغلق عينيه و هو يهز رأسه محولاً ربط الأمور
_ والد زياد ؟؟ الرائد طارق .... و الد زياد
هزت رأسها بأسى و هي تقول :
_ يجب أن أكون إلى جانبها في بيت العزاء
شعر قصي بأنه يسقط من قمة جبل شاهق ليرتطم بأرض صخرية مسننة مزقت جسده لألف قطعة ...قال لسلام بصوت مختنق :
_ يجب ان أذهب الآن
خرج دون أن ينتظر جوابها ...أسرع يضرب الأرض بقدمية بقوة يكاد يحطمها .... نبضه يهدر بعنف يكاد يمزق قلبه .... أنفاسه تتسارع بجنون ... حد الإختناق ...فراغ ملأ صدره فجأة
ركب سيارته الجديدة ... و كما المجنون قاد بالطرقات غير ملتفت لإشارة أو أولوية ... متجاهلاً نفير السيارات المحتجة .... لا يعلم لما اختار الذهاب إلى هناك بالذات .... إلى الحي القديم !!!
دخل إلى المبنى المهجور و المتهالك ... صعد للدور السادس يقطع الدرجات سريعاً كما لو أنه على موعد ما يخشى فواته ... لا يعلم سبب شراءه لهذا المبنى الذي لا يحمل في طياته سوى ذكريات سوداء .... حطمتهُ .. سحقتهُ .... جعلتهُ نصف انسان ...
ما إن فتح باب الشقة الصغيرة و صدره يهدر كمرجل قديم .... حتى تلاحقت الصور و الذكريات تنهش وعيه ..مستعيداً كل مشاعره القديمة .... هو يرى أمه على الأريكة تضم نفسها ..شاحبة ..مشتتة .... رجال غرباء يدخلون المنزل .... أمه تأمرهأن يلتزم الغرفه ..يسمع أصواتهم يصرخون و يضحكون ... تأتي لتنام بجانبه باكية و هي تضمهُ .... ها هم الجيران يقتحمون منزلهم ...يكيلون الضربات لأمه بوحشية .. يلقون الإتهمات في وجهها " ابن الخطيئة ذاك يستحق القتل معك و الحرق" ... عاجز عن الدفاع عنها .... صوت ذلك الرجل ينفث سمومه بوجهها " اسمعيني جيدا ...... ذلك الصبي لن أعترف به ابناً لي و انت تعلمين بأني قادر على مسحك عن وجه الارض ... كل شهر سأرسل لك مبلغاً من المال لتنفقي عليه وعلى نفسك و احذرك ان اتصلت بي فأنا لن ارحمك ...سأقتلك "
هو والده ... لقد حكم على أمه بالموت لحظتها ... و حكم عليه بالتجرد من أي أمل في حياة طبيعية ... تذكر أيام تسوله اللقمة ..نومه تحت المطر في الزقاق و الطرق
قادته خطواته إلى المطبخ .... خلع ربطة عنقه و حل ازرار قميصه يستجدي الهواء ... جلس حيث البقعة التي غرقت أمه فيها بدمائها ...نفس المكان الذي قضى فيهِ اياماً نائماً على صدرها ميتة حتى فاحت رائحة جثتها ....
همس لأمه بكلمات ممزوجة بالوجع و الألم و الضياع ..الطفل ذو ست سنوات عاد بتحطمه و ضعفه ... مرر أصابعه على الأرض المغبرة حيث استكان جسدها
_ ماما ... لقد مات ....بابا قد مات .... الرجل الذي حطمك مات ... فقط مات ... لما أشعر بالحزن و الضياع ... لما هذا الفراغ بصدري قد تشكل أسوداً .... يفترض بي الإحتفال و الرقص على قبره ... و لكن أنا ... أشعر بالحزن يذبحني بنصله المشتعل ....لقد عشت حياتي أتغذى على كرهه ... على الغضب منه .... و الآن ماذا ؟؟
نام على الأرض القذرة التي أثقلت بالأتربة .. الحشرات اتخذته مسكناً.... وبكى كما فعل طفلاً خسر أمه و إنسانيته .... بكى طفولته و شبابه الذي ضاع و هو يسعى خلف ثأر لم يتحقق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
وصلت الى المنزل البحري بعد قيادتها مسافة طويلة و متوترة ... شعرت بالإرتياح لرؤية سيارته واقفة أمام المنزل ... لكن القلق هاجمها عندما فوجئت بالباب مفتوحاً على مصراعيه ... دخلت سريعاً و هي تنادي زياد ... لكنها لم تتلقى رداً ... بحثت في كل ركن لكن عبثاً .. خرجت إلى الشاطيء تبحث عنه ... مشت بضع مترات حتى وجدته يقف أمام البحر و الموج يضرب حتى خصره دون أن يتحرك من مكانه ... أسرعت إليه ... تعثرت بسسب كعب الحذاء العالي .... خلعته و ركضت إليه حافية ...
وصلت إليه و هي تناديه لاهثة....نظر إليها بوجوم ... كان شاحباً للغاية ...عيناه تلمعان بحزن أصبحت تدركه جيداً ...قالت بهمس :
_ انت تعلم !!
هز رأسه ببطء و هو يعود لتحديقه في البحر دون أن ينطق بكلمة .... لاحظت هبوط صدره و نزوله السريع .. إنه يشتعل من الداخل ...
وضعت يدها على ذراعه و هي تقول :
_ البقاء لله ... ادعو له بالرحمة
أغلق عينيه بقوة وقد تشنج جسده بأكمله ... لقد ارتكب والده ذنباً عظيماً .... كم يخشى عليه من الحساب و العقاب ... لا مفر لهُ .. لقد أصبح في دار الحق و العدل
شعرت بتوتره و انفعاله و تيبس جسده.... لم تهتدي للتصرف الصحيح في هكذا موقف ... تعلم جيداً معنى أن يخسر الإنسان أحد والديه ... لازالت ذكرى وفاة والدتها تدمي قلبها و تؤلمها ... لا يمكن أن يلتئم جرح كهذا ....
وقفت أمامه غير عابئة بالموج القوي الذي ضربها أحاطت خصره و ضمته إليها .. شعرت بقلبه يضرب سريعاً تحت وجهها يكاد ينسلخ من صدره... دمعت عيناها ألماً على حاله .... أحاطها بذراعيه يبحث عن بعض الدفء و السكينة ... قال بصوتٍ مبحوح رافعاً رأسه إلى السماء :
_ أنا .... أنا لم أبكي أبي و قت وقوع تلك الحادثة له ...لقد سحقته تلك السيارة أمامي بعد ان أبعدني عن طريقها .... لم أرد أن أخيب ظنه بي .. لطالما قال ان الرجال لا يبكون ... تماسكت من أجله فقط ... كل هذه السنوات ...كتمت مشاعري أصبحت كالرجل الآلي .... لكن في الفترة الأخيرة انفجرت ... أصبحت عاجزاً عن تمثيل دور البارد ..فقط عندما سقط قناعه أمامي ...سقط قناعي .... انكشف ضعفي
رفعت ياسمين عينيها تنظر إليه بعدم فهم .. أدركت انه يفرغ ما في صدره فقط ... همست لهُ بحنان :
_ زياد ... أنت بشر ... لا يجب أن تكتم مشاعرك الطبيعية ... هكذا خلقنا الله ...
كأن كلماتها منحته الإذن للإنهيار ... بكى على كتفها كطفل صغير ... و هو يقول متعباً :
_ لقد قاطعته في الفترة الأخيرة ... عاقبت رجلاً عاجز بغباء .... نصبتُ نفسي القاضي و الجلاد ... كنت .. كنت فقط ادخل غرفته أنظر إليه من بعيد و أرحل ببرود ... لم اعد أخبره بكل شيء .. لم أعد أقرأ له من كتبه المفضلة ...لم أساعده بتناول طعامه و دواءه كما كنت ... لقد كنت ابناً عاقاً
استمر بالبكاء و ياسمين تشاركه مدامعها .... لا تعلم كم مر من الوقت و لكنها بدأت ترتجف من البرد و المياه قد غمرتها تماماً ... انتبه لحالها .... ابتعد عنها ليجد شفتيها قد أصبحت زرقاء و وجهها شاحب يرتعش ...
_ ياسمين !!! أنا آسف لندخل سريعاً إلى المنزل
مشت إلى جانبه و هو يحيطها بذراعه
_ أنا بخير ..يجب ان نعود إلى منزل أهلك
قال و هو يقربها إلى صدره أكثر:
_سوف تمرضين إن بقيت بهذه الثياب المبتلة ... أنت ترتجفين بشدة
إن كان يظن ان سبب ارتجافها هو البرد ... فهو مخطيء تماماً ... قربه الشديد منها و شعورها بأنفاسه الساخنة ... جعلت الشوق في قلبها يتفجر .. ترتجف حباً و هيام ..... حاولت جاهدة ان تبعد تفكيرها عن هذا الأمر
دخلت إلى المنزل معه .... سألها إن كانت تملك ثياباً لها في السيارة .. نفت ذلك ... قال لها أمراً :
_ أدخلي الى الحمام و ابقي تحت المياة الساخنة لن أتأخر ...
غير ثيابه المبتلة وخرج سريعاً .... اما هي فأسرعت تستجدي الدفء تحت المياه الساخنة ... تفكر بعشقها الذي يكبر أكثر و أكثر حتى أصبح هو نبض قلبها و هواء صدرها و أسمى أمنياتها .... لم يعد الأمر مجرد امتنان و شعور بالأمان
بعد ربع ساعة عاد زياد يحمل طقماً رسمياً كحلي اللون... سمعته يقول بأنه ترك الثياب على السرير... أسرعت بالخروج و ارتدت ما أحضره و خرجت إليهِ....
كان يقف في الخارج و قد استعاد صلابته و قوته المعهودة... اقتربت منه و هي تخبره بأنها جاهزة للإنطلاق ..قال زياد :
_ تعالي معي ... سنحضر سيارتك في وقت آخر
جلست إلى جانبه في سيارته .... كانت رحلة العودة هادئة و صامتة ... لكن القلوب كان لها كلام آخر ... أمسك كفها و وضعها على ساقه و تمسك بها بقوة .... استرخت في مقعدها تنعم بلمساته و قربه ... و قلبها يناديه و يقسم على حبه
وصل منزل طفولته و شبابه .... وقف أمامه يتأمله وصور ذكرياته مع والده تتراص أمامه سريعاً... وقفت ياسمين الى جانبه أمسك ذراعها ... نظر إليها يستمد القوة من ابتسماتها المشجعة ... تقدم إلى الداخل لتسير الأمور بتلقائية .... رجال العائلة يقدمون التعازي و هو يرد عليهم بآلية ... بحث عن أمه بين الوجوه.. وجدها تجلس و من حولها النساء يطيبن خاطرها .. ما إن رأته حتى أسرعت إليهِ تبكي على صدرهِ ... قبل يديها و وجهها يحاول تهدأتها .... و بعد فترة استكانت جلست قائلة :
_ بعد صلاة العصر سوف يأخدونه للصلاة عليه بالجامع القريب ... لقد اهتم صديقك مهاب بكل شيء ... و من ثم بعد الصلاة سوف سوف بقومون بـ ...
عادت تبكي بقوة و زياد يحتضنها ... قالت بتلعثم و همس :
_ لقد رحل والدك زياد .... رحل حزيناً و نادماً على ذنب يتآكلهُ اتجاه أخيك الضائع
وقف زياد و هو يقول بثبات منبهاً امه :
_ أمي هذا يكفي ....سوف أصعد إليهِ الآن ...
ما إن استدار حتى وقعت عيناه على صاحب العيون الغريبة ... يقف جامداً ينظر لزوجة أبيهِ ... أفكار تصرعه و تزيد من ذلك الفراغ في صدره
يشعر بالذنب و الندم على أخيك الضائع ... هل تتحدث عنه هو ؟؟.. يشعر بالندم و الذنب !!! ضائع!! هل بحث عنه ؟؟!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استقر على السرير في منزله .... ساعدته اماني و هي تشد الغطاء عليه بسعادة .. تبتسم له و تلمس وجهه لتقنع نفسها بأنه عاد إلى المنزل أخيراً ...اقترب سامر منه وهو يقول :
_ حمداً لله على سلامتك حمزة
_ شكرا لك سامر ... أخيراً انتهى عهد النوم في المشفى و فوضى الأطباء و الممرضين ...
_ حمداً لله ... المهم أنك الآن بخير
قالت سعاد و هي تمسك ذراع سامر :
_ سعيدة بعودتك حمزة ...لكن يجب أن أغادر الآن للحاق بياسمين في بيت العزاء
_ بلغي زياد تعازي الحارة أرجوكِ
خرجت سعاد و هي تهمس لسامر ببضع كلمات تحت نظر ليليان الجالسة إلى جانب حمزة ... النار تشتعل بصدرها ...توشك على الإنقضاض عليها لتكسر ذراعها التي تلمسه بحرية
قال سامر بعد خروج سعاد مخاطباً أماني و ليليان :
_ فتيات .. أريد التحدث مع حمزة على انفراد .... أرجوكما أن تخرجا قليلاً
خرجت الفتاتين و حمزة ينظر إلى سامر بقلق ..قال سامر و هو يمرر أصابعه بشعره :
_ هل تذكر يا حمزة أول شئ أخبرتك بهِ لحظة دخولك إلى منزلي...قبل 22 عاماً ؟؟
استوى حمزة بجلسته و هو يجيبه متردداً :
_ قد تقبل أي تصرف مني و إن كنت على خطأ و لكن بشرط التزامي الصدق معك و الصراحة
_ أنت تحفظها جيداً و لكنك خنت الثقة التي منحتك إياها
عقد حمزة حاجبيهِ غير قادر على معرفة سبب هذا الغضب المفاجيء
_ سامر أنا لا أفهم ..ما الذي حدث لتشكك بصدقي ؟؟
قال سامر و هو يدلك رقبته بعصبية :
_ لنبدأ بإخفائك حقيقة مرضك عني و رفضك العلاج منذ البداية
_سامر أنا....
قاطعه سامر و قد فقد أخر ذرات صبره
_ حمزة ... ما قصة حذيفة ؟؟
تجمدت نظرات حمزة على سامر يحدق به
_حذيفة!!!
_ليليان تردد بأنه قتل ... و انت قبل استفاقتك من الغيبوبة قلت أيضاً أنه قتل ..حذيفة لم يمت بجرعة زائدة من المخدرات كما أدعيت سابقاً
أرخى حمزة رأسه الى الخلف عائداً للصور القديمة التي مزقته لسنوات
_ بل مات بجرعة زائدة لكن ... هو لم يتعاطها بنفسه لقد تم اقحامها بجسده جبراً
قال سامر يجلس بقرب حمزة و هو يقول :
_ هل للمنظمة أكس علاقة بهذا الأمر ؟؟
هز حمزة رأسه إيجاباً و هو يقول بأسى و ألم :
_ لقد قتلوه بدم بارد ...فقط لأن حظهُ السيء جعلهُ شاهداً على صفقة أسلحة مشبوهة صدفة ملعونة جعلته يسمع تفاصيل الإتفاق في مقر الشركة التي كان يعمل بها ... مدير شركته و شخص مجهول .. إحدى كاميرات المراقبة رصدته قريباً منهم .... ..عاد إلى المنزل و أخبر ليليان بالأمر .... طلب منها الذهاب لمنزل أمي لتبقى سالمة ... أمسكوا به و هو في طريقه للتبليغ عنهم ... و غادر للأبد .... جعلوه يبدو كمدمن أفرط بالتعاطي ...
صمت و هو يطلق نفساً مشتعلاً بعد أن أزاح عبأ السنين عد كاهله ... قال سامر محاولاً السيطرة على ألمهِ على ابن عمه :
_ وكيف ربطت الأمر مع المنظمة أكس ؟؟
قال حمزة و هو يفرك كفهُ بتوتر :
_ أنا الذي فعلت ..بعد أن أخبرتني ليليان بالأمر ..بدأت التحري ... تقاطعت طريقي مع شخص يعمل في منظمة شباب بلا حدود .. و كان بدوره قد تحرى عني و علم عن قدراتي في مجال الحاسوب ... أدخلني بالأمر و أخبرني عن المنظمة و نشاطها
نظر إليه سامر معاتباً :
_ لكنك لم تثق بي لتخبرني بكل هذا !!!
وضع حمزة يده على كتف سامر و هو يقول :
_ أضع روحي بين يديك مطمئناً و واثقاً .. لكن لم أرد أن تحترق بنار الثأر كما حدث معي ..
ابتلع سامر ريقه و هو يقول :
_ لهذا رفضت فكرة دخول زياد المنظمة ..لا تريد أن يتورط بالأمر مثلك
_ كنت أنت صوت العقل بالنسب لي يا سامر ... كنت تعيدني للطريق الصحيح في كل مرة انساق فيها خلف مشاعر الغضب
تفاجأ حمزة بلكمة على كتفه ..
_ أيها الأحمق كدت أن تخسر حياتك بسبب غباءك ...
هم بتسديد لكمة ثانية لكن حمزة استوقفه قائلاً :
_ لقد خرجت من المشفى لتوي .. أجل العراك ليومين أو ثلاثة
ضحك سامر و يضم حمزة إليهِ و هو يقول :
_ لقد كبرتُ على هذا يا فتى ارحمني
_ سوف تسمعك سعاد و تظن أنها تزوجت من رجل عجوز
_ سوف أضربك أيها الأحمق .... لا أصدق أنك سوف تصبح أباً لطفل
_ ماذا؟؟!!!
ضرب سامر جبهته و هو يقول :
_ لقد زلّ لساني سوف تقتلني أماني
قال حمزة بحيرة و ضياع :
_ حامل ؟؟ أماني حامل !!!
وقف سامر و هو ينادي أماني متوتراً .... دخلت سريعاً و هي تقول
_ ما الأمر سامر ؟؟
_ تحدثي لزوجك .... آسف ... سوف ألحق بسعاد ....
خرج يغلق الباب و أماني تنظر إلى حمزة ترفع حاجباً
_ ما بال سامر ؟؟
_ تعالي يا أماني ..اجلسي إلى جانبي
جلست و هي تحدق به قلقة :
_ هل حدث شيء ..هل أنت بخير ؟؟ ما الأمر ؟؟
_ شششش ...لا تقلقي حبيبتي .... أنا بخير ..لكن سامر قال أنك ححح.. حامل ؟؟
ضحكت بخجل و هي تتجنب النظر إليهِ .... تعبث بغطاء السرير
_ كنت أريد أخبارك بنفسي في منزلنا ..لم أرد أن أخبرك بأمر كهذا في المشفى
رفع حمزة وجهها و هو يقول :
_ أماني ... حبيبتي .. أنا
تناول شفتيها بيث لها فرحاً و شوقاً و حباً أزهر أمله من بين عتمة بدأت تنجلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم زياد اتجاه قصي المحدق بأمهِ ... أمسك ذراعهُ و هو يقول بحزم :
_ اتبعني الآن ...
صعد كلاهما إلى الطابق الأعلى ... دخل زياد غرفة و الده و تبعهُ قصي سريعاً .... أغلق الباب كما لو كان يخشى أن تنفضح مشاعره أكثر .... لكنه تيبس أمام الجسد الساكن و المغطى .. شعر بان مصيدة ذات أسنان حادة أطبقت عليه ... أراد الهرب ... شعر بأن الهواء من حولهِ قد نفذ ...
تقدم زياد من والده ... كشف وجهه وقبل جبينه ... جلس إلى جانبهِ يزفر نفساً ساخناً .... قال دون ان ينظر لقصي :
_ ألن تقترب قصي ؟؟
اتكأ قصي على الباب قبل أن تخذله قدماه .... قال و هو يرخي ربطة عنقه:
_ لا .. لا
قال زياد بحدة دون أن يلتفت إليهِ :
_ ما الأمر ؟؟أنت لم تخشهُ حياً .... أتخشاهُ ميتاً ؟؟
حدق قصي بزياد طويلاً .... لف الصمت الصاخب الغرفة المعبقة برائحة الموت ... دس قصي يده بجيبهِ .... تقدم ناحية جسد والده .... وقف ينظر لوجههِ الساكن الهاديء .... أمتلأت عيناه بالدموع ... لكنه ألجمها بقسوة ... قال بصوت متحشرج :
_ سبع سنوات ....
نظر إليه زياد و هو يقف بمواجهته ينظر إليه و قد اسودت عيناه كما أخيه غضباً و حزناً و ألماً ... قال قصي وهو يعري جروحه أمام زياد :
_ كان عمري سبع سنوات عندما رأيته لأول مرة ... يومها لم يعترف بي كابن ... هدد أمي بالقتل .... عرض عليها مبلغاً من المال حتى تلتزم الصمت .... قال عن أمي أنها سيئة السمعة و ليست أهلاً للثقة .... رمى هذا الكلام بوجهها الدامي و المحطم من ضربات و ركلات الجارات اللواتي أردن طردها و ابن الرذيلة من المنزل المتهالك القذر ... أنا ... ابن الرذيلة و الخطيئة ... هذا كان اسمي زياد .... يا لهُ من لقاء أول
توجه زياد إلى النافذة و فتحها .... إتكأ على إطارها حتى يتمكن من التنفس و هو يكتشف أموراً جديدة عن أخيهِ و أبيه ... يشعر بثقل الحياة يزداد على كاهله أكثر و أكثر ...فكيف الحال بأخيه الذي حمل هذا الهم ...أكمل قصي و قد غدرته دموعه مشيراً لجسد والده :
_هذا الرجل المحترم .. دفع أمي للإنتحار... قطعت معصميها بسكين المطبخ .... تخيل ... دخلت للمطبخ لأجدها غارقة بالدم... ناديتها ..هززت جسدها حتى تستفيق و لكنها ....رحلت ..... تركتني و رحلت ....تمسكت بها و هي ميته لأيام نمت على صدرها ... لكن الجيران و بعد أن انتشرت رائحة جثتها انتشلوني عن صدرها .... لم يلتفتوا لصراخي و رجائي ... ثم ألقوني على قارعة الطريق ... و حتى الآن لا أعلم أين دفنوها أو رموها كحيوان نافق
وضع زياد يده على جبينه يحاول التماسك لكن كأخيه دموعه أسرعت تتحرر من سجون عينيه و صدره يعلو و يهبط سريعاً ... ذنب أبيه كبير .... أكثر مما اعتقد لقد أجرم بحقهم جميعاً... استمر قصي بالكلام كما لم يفعل بحياته :
_ أصبحت الطرقات منزلي و مسكني .. كنت أغيب عن الوعي لأيام من شدة الجوع و البرد ... دون أن يلتفت أحد لذلك الطفل الملقى على الرصيف ... تعلمت التسول من الأغنياء على أبواب الفنادق و المطاعم .... سنوات عشتهما على هذه الحال ...أتعرض للضرب و الإهانة و الذل ... حتى انتشلتني تلك السيدة الفاضلة من مصير أسود كاد يبتلعني ... لكن زوجها لم يرحمني و هو يذكرني بمكاني الصحيح و منزلتي ... مجرد طفل لقيط .... ابن الرذيلة و الخطيئة
نظر إليه زياد بغضب و هو يقول :
_ توقف عن تكرار هذه الكلمات ....
ابتسم قصي ساخراً و هو يقول بألم :
_ و لكن هذه هي الحقيقة ... أنا ابن الرذ...
قاطعه زياد و هو يتقدم ناحية اللوحة المعلقة ينزلها من مكانها :
_ اصمت أيها الوغد .. فقط ... اصمت
راقبه قصي و هو يفتح الخزنة المخفية خلف اللوحة ... أخرج زياد ورقة محددة ... ناولها لقصي و هو يقول :
_ لا أعلم إن كان الأمر يهمك الآن و لكن هذه لك و من حقك التصرف بها كما تشاء أنا لن أنكر شيئاً ..لن أقف بوجهك
أمسك قصي الورقة يقرأ ما فيها غير مصدق
" انا طارق جمال ...اقر و اعترف بأن قصي ابن هاجر نسيم ... هو ابني .. يحق له حمل اسمي بشكل رسمي و ما يترتب على ذلك من حقوق .... حررت هذا الاقرار و انا بكامل قواي العقلية و بارادة حرة دون جبر او اكراه و عليه أوقع بحضور الشهود "
جعدها بيده بعنف و قد أوشك قلبه على الإنفجار من فرط تسارعه ... كم تخيل نفسه يحمل اسمه الحقيقي دون أقنعة و حواجز ... لكن الآن يبدو الأمر سخيفاً لا يعنيه .. قال زياد و هو يقترب منه :
_ هل تحقق انتقامك أم أنك لم تنتهي بعد ؟؟ هل اكتفيت بما حدث مع دلال و ياسمين و حيدر ... أم أن هناك المزيد من الألعاب
ضحك قصي بخشونة و هو يرمي الورقة أرضاً :
_ كن حذراً أخي .. أنا اعترفت لك بأني قصي... أخوك فقط .. لم اتحدث عن أي أمرٍ آخر
هز زياد رأسه بأسى و هو يقول :
_ لازلت تريد ان تستمر باللعب .. تصر على ارتداء قناعك ... كما تشاء ... اليوم واجهت أخي و قريباً سأواجه الشبح ... و حسابي معه مختلف تماماً عما حدث اليوم
ارتفع صوت أذان العصر .... دخل مهاب الغرفة قلقاً وهو يقول :
_ هل أنت بخير سيدي العقيد ؟؟
_ لاتقلق مهاب ....
_ علينا أن ننقل الرائد طارق الى المسجد ....
_ سأفعل ذلك بنفسي
نظر إلى قصي و هو يقول :
_ سيد قصي ... هل ستكون معي
_ سأكون معك حضرة العقيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرت أيام العزاء برتابة و هدوء .... كانت جنازة الرائد طارق عسكرية من الطراز الأول .... حضرها كبار رجال الدولة .... بقي قصي و زياد متلازمين دون أن يتبادلا أي كلام أو حتى نظرات مباشرة ... لم يفهم أي شخص سر هذه العلاقة الغريبة .... و لكن شخص واحد عثر على تلك الورقة المجعدة و المهملة على أرض غرفة الفقيد .. فهمت و ربطت الامور ببعضها .. علمت أن تلك العيون لا تتشابه فقط و لكنها تتطابق ... يلتقيان بالكثير من الصفات رغم اختلافهما .. منذ أن أدركت الأمر و هي تعيش حالة غريبة من التمزق و الضياع .. لقد وقعت بحب أخوين ... و كل منهما أتقن صدها و تمزيق قلبها بقسوة
بعد أربع أيام .....
وضع زياد حقيبة أمه الأخيرة في سيارة الأجرة و هو يقول :
_ لا أفهم سر اصرارك على العودة لبلدتك الآن أمي
قالت و هي تفتح باب السيارة :
_ قلت لك بني ... جدتك تشعر بالقلق ... و بسبب سوء وضعهما الصحي لم تتمكن من الحضور إلى هنا
_ كما تشائين ..اهتمي بنفسك ... و لا تتاخري هناك....
ضمتهُ و هي تدعو له ُبالتوفيق و الصحة و السلامة .. اقتربت ياسمين منها و هي تتمنى لها الوصول سالمة ...قالت أم زياد وهي تضع يدهاعلى خدها :
_ أشكرك على كل شيء ياسمين .... لقد تحملت عبء الأيام الماضية ...شكراً لكِ ابنتي
_ لا تشكريني عمتي .. هذا واجبي
_ أتمنى أن تعيشي حياتك سعيدة مع زياد ...أنت تستحقين كل الخير ابنتي
ابتسمت بألم و هي تقبل جبينها ...غادرت و تركت المنزل الذي لازمته طوياً تخدم زوجها العاجز و تربي ابنها الوحيد ....
وصل زياد و ياسمين إلى منزلهما .... بعد غياب... همت ياسمين بالنزول من السيارة وهي تقول :
_ ألن تنزل زياد ؟؟
قال زياد و هو يطفيء محرك السيارة :
_ لا أريد أن أزعجك ياسمين .. لا أريد أن أفرض نفسي عليكِ ...
أغلقت ياسمين الباب بقوة و هي تنظر إليه بحزن :
_ ما الذي تقوله ؟
_ أعلم أنك لا تريدين إتمام هذا الزواج ... فور انتهاء المهمة سوف أمنحك حريتك .... أعدك
شعرت بقلبها يتمزق لأشلاء ... أرادت الهرب و البكاء و الصراخ ... لكن هذه المرة قررت أن تقاوم بروده و بعده .. التفتت إليه و هي تدور بكامل جسدها ناحيته... ضمت وجهه بين كفيها و هي تقول :
_ لا يا زياد .... هذه المرة سأحارب من أجلك ... لن أخسرك دون قتال .. مهما جرحتني و طعنت كبريائي .. لن أستسلم
نظر زياد إليها يتأمل لمعان عينيها ... ابتعد عنها طوال الفترة الماضية حتى لا يتعلق بها أكثر و لكن وفي كل مرة يجتمع معها تجذبه إليه بسهولة .. هو لا يفهم نفسه... يحب دلال ....قلبه مشغولٌ بها ....لا تغيب عن خياله و باله ... لكن ياسمين تتسلل لكيانه بهدوء و نعومة ... يحبها!!! كيف للقلب أن يعشق اثنتين !!! .... قد يكون كل حب مختلف .... و لكنه يبقى حباً ...
اقتربت منه لثمت شفته سريعاً وهي تقول :
_أحبك زياد ...أحبك أيها القاسي
نزلت من السيارة سريعاً تركته يصارع نفسه ... هذا هو داءه ... يفكر كثيراً .. يحسب الأمور بالقلم و المسطرة .... يقيد نفسه و يضبطها ..لقد أنهك و تعب و تألم .... يحتاج لوجود إنسان في حياته ... يفهمه ... يحبه ... يذكره بأنه حي ... يتنفس .... يفتقد الدفء و الروح و الألوان ... ياسمين تقدم له كل هذا دون مقابل ... وقفت إلى جانبه في أكثر مواقف حياته صعوبة و لم تنتظر منه أي التفاتة أو قرب ...
نزل من سيارته دخل إلى منزلهِ يجب أن يحسم الأمر معها ... وجدها تجلس على الأريكة ... تضم ساقيها لصدرها ...تسند رأسها على ركبتيها .... جسدها يرتجف قليلاً ... جلس إلى جانبها و هو يناديها بحنان زاد من أنسكاب دموعها :
_ ياسمين ... أنظري إلي صغيرتي ....
هزت رأسها دون أن ترفعه رافضة ....وضع يده على رأسها يعبث بخصل شعرها ....
_ ياسمين ...أرجوكِ توقفي عن البكاء من أجلي
لم ترفع رأسها و هي تشهق بنعومة تحاول جاهدة السيطرة على اضطراب أنفاسها بسبب قربه و لمساته ... غرز كفه بين خصل شعرها يتنفس رائحة الياسمين ....
_ من أجل يزن .. توقفي عن البكاء
رفعت رأسها و هي تمسح دموعها .... تنظر لتلك العيون الصافية الحانية .... ابتسم بعذوبة و هو يقول :
_ على الأقل علمت أن ذلك الرجل الصغير قد استولي على القسم الأكبر من قلبك ... من الجيد أن حصلت على جزءٍ صغير منه
قالت ياسمين و هي تتجنب سهام نظراته مقطبة جبينها :
_ على الأقل منحتك مكاناً في قلبي ... لم أقصك عنه كما فعلت
مال زياد على وجهها و هو يتناول شفتيها يغرقها بعاطفة يتوق إليها كما هي ....ارتجفت بقوة و قلبها يهدر.... ضمها لصدره أكثر لكن ذلك زاد من ارتعاشها ... نظر إليها ليجدها تبكي بشدة .... صدمه موقفها أراد الإبتعاد عنها وقد شعر بقلبهِ ينقبض .... لكنها تمسكت به تمنعه من الإبتعاد ... قالت و هي تريح رأسها على صدره :
_ أنت لم تمتلك القلب فقط .... ملكت القلب و الروح و العقل و الجسد ... حفرت في باطن فؤادي اسمك ... و الروح أصبحت تحلق بسماء حبك ... العقل حاولت أن أطوعه على فكرة بعدك و كرهك لكنه سخر مني و هو يعترف بسطوتك .... جسدي بقربك يرتجف شوقاً و ببعدك يتجمد برداً ...
ضم زياد ياسمين لصدره أكثر و قلبه يذوب من عذوبة كلماتها .. قالت ياسمين و هي تمسح دموعها بقميص زياد :
_ أردت أن أبتعد عنك خوفاً من جرحك و قسوتك .... أردت ان أحتفظ بالمشاعر الجميلة في قلبي دون ندم أو ألم ... لكنك ...
قاطعها و هو يرفع وجهها ...يمسح بقايا دموعها :
_ أنا لم أقصد إيذاءك ياسيمن ...لكن ذعرت من تحرك مشاعري اتجاهك ... ببساطة ... هربت ... لم و لن أفهم كيف يمكن لامرأتين أن تجعلا قلبي يخفق بهذه الطريقة .... و أنا من قضيت حياتي دون حب أو أي علاقة مع أنثى .... كان طعم الخيانة في فمي مرّ لمجرد التفكير فيكِ ...
شعرت ياسمين بالألم من كلماته ... دائماً تقتحم دلال حديثهما .. و لكنها الآن لم تعد زوجته ... لا يحق له التحدث عنها بهذه الطريقة .... ابتعدت عن زياد و هي تنهض سريعاً ..تمسك بمعدتها التي تقلصت من الألم
وقف زياد و اقترب منها و هو يقول :
_ أعلم اني قاسي في كلماتي و لكن أريد أن أكون صريحاً معك ... أريدك في حياتي ياسمين ... لا يمكن أن أتخيل حياتي بدونك أنتِ و يزن .. لقد أصبحتما جزء مني
سألته ياسمين و هي تنظر الى عمق عينيه :
_ و دلال ؟؟ هل سـ .. ستعود إليها ..؟؟
مرر زياد أصابعه بتوتر بين خصل شعره و هو يقول :
_ ليس من العدل أن تسأليني عن أمر كهذا ...تعلميني طبيعة المشاعر التي أحملها لها
عضت ياسمين طرف شفتها بتوتر و هي تقول مرتجفة :
_انا أعلم ... أعلم و لكن أريد أن أسمع منك فقط
قال زياد ببساطة :
_ لا أعلم ... صدقاً لا أعلم
ضمت ياسمين نفسها و هي تحاول السيطرة على دموعها :
_ و أنا ؟؟
اقترب منها ... أحاط رقبتها بكفيهِ ... ينظر و لأول مرة إلى عمق عينيها و روحها ...
_ أنتِ !! أنتِ أقتحمت حصوني برقة و عذوبة ... هزمتني بجرحك و ألمك ... جعلت قلبي يخفق باسمك ... داعبتي أحلامي و يقظتي ... حيرتني .. و ضيعتني و من ثم ... أنقذتني .... أنا أحبك ياسمين .. أحبك
تسارع إيقاع نبض قلبها و لحقت أنفاسها به و هي تخفق بأهدابها سريعاً تحاول أن تتجاوز صدمت ما حدث .. قال أنه يحبها ... قال أنا أحبك ... أحبك!!!!
ببطء اقترب من شفتيها ليسقيها من مشاعر جديدة اجتاحت كيانه و قلبه ... رفعها بين ذراعيه و هو يرسم معها بداية حياة يتسلل فيها الأمل جميلاً و دافئاً ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
استيقظت من نومها بعد ليلة مشتعلة بمشاعر الغرام و العشق... للحظة ظنته حلماً جميلاً و انقضى ... أرادت التأكد من الواقع فتحت عينيها تريد أن تراه ....فارسها و حبيبها ... لكن... لم تجده إلى جانبها ....شعرت بالألم ..هل يعقل انه شعر بالندم و عاود الهروب منها !!!.. جلست مكانها تشد الغطاء عليها تحاول حبس دموعها ... و قد توقف الهواء عن دخول صدرها
انفتح باب الحمام .. خرج زياد و هو يلف المنشفة على خصره و يضع أخرى على رأسهِ يجففه شعره ... قال مبتسماً :
_ صباح الياسمين ياسمينتي
دخل الهواء إلى صدرها مؤلماً .... قالت بصوت مختنق :
_ صباح الخير
جلس إلى جانبها يزيح خصل شعرها المتناثرة على وجهها و هو يقول قلقاً :
_ ما الأمر ياسمين ..؟؟ هل انتِ بخير ؟؟
قالت و هي تبتسم و قد تحررت الدموع الحبيسة من عينيها :
_ أنا بخير ... أنا ....
ألقت بنفسها على صدره و هي تشهق قائلة :
_ ظننتك رحلت و تركتني ..لقد شعرت بالخوف زياد
ضمها لصدره و هو يقول لها بحنان :
_ لا ياسمين ... زمن الهروب انتهى .. لن أتركك بعد اليوم ... أنت حبيبتي و زوجتي
نظرت إليه و هي تبتسم من وسط دموعها :
_ حبيبتك؟؟
ضحك و هو يضم وجهها بين يديه و هو يقول :
_ ألم أثبت لك الأمر كفاية ليلة أمس ؟؟ أمازلت تريدين المزيد من الدلائل
قالت و هي تضربه على كتفه و قد اشتعل خديها خجلاً :
_ أنت وقح سيدي العقيد
أسرعت بالنهوض من سريرها و هي تلف الغطاء حولها .... قال زياد و هو يمسك ذراعها :
_ إلى أين سمو الأميرة ياسمين ؟؟
ضحكت و هي تقول محاولة التحرر من قبضته :
_ إلى العمل ..هل نسيت ؟؟ اليوم سوف أطلق برنامج الحماية في بنك ناجي القاسم
قال زياد و هو يشدها نحو صدره :
_ أعلم ... لازال هناك بعض الوقت لنا
ارتفع صوت جرس الباب .. قالت ياسمين و هي تتهرب من شفتي زياد ضاحكة :
_ لقد عاد يزن
قال زياد و هو يقبل خدها :
_ أنت أميرة شريرة
ضحكت و هي تنهض سريعاً تلبس روباً منزلياً تسوي شعرها المتمرد و هي تلوح مودعة لزياد ... وقف زياد يرتدي ملابسه شاعراً بهدوء افتقده طويلاً...
رن هاتفه من رقم خارجي لا يعلم صاحبه ...لكن قلبه خفق بشدة مع هذا الرنين .... نظر طويلاً إلى الشاشة .. وقبل الرنة الأخيرة فتح الخط
_ مرحباً
لم يتلقى رداً من الطرف الثاني ... عاد يسأل إن كان هناك من يسمعه ... وصله صوت أنفاس يحفظها جيداً ....صمت هو الأخر يستمع لدقات قلب تصله جيداً .... تحول الصمت لصوت بكاء ناعم كوى قلبه و دمر دفاعاته ... قال بصوتٍ أجش :
_ دلال ما الأمر ؟؟
توقف صوت البكاء و الأنفاس للحظة ..عادت لتقول بصوت مرتجف :
_ زياد ...أنا آسفة
قطب زياد حاجبيه و هو يقول :
_ آسفة ؟؟!!
_ أقصد .. آسفة على موت والدك لقد علمت للتو ... البقاء لله
قال زياد و هو يمرر أصابعه بخصل شعره يكاد يقتلعها غضباً :
_ شكراً لك دلال .. شكراً
عاد الصمت مدمراً يحتل المكالمة و كلاً منهما يبحث عن كلمة تكسر هذا الجمود .... قالت دلال أخيراً بصوت مختنق :
_ أنت لم تصدقني ؟؟صحيح ؟؟
وقف زياد و هو يقول :
_ أنا لا أفهمكِ ؟؟
_ أنت لم تصدق ما قلته لك في المطار ...؟؟ أنا لم أقصد أي كلمة مما قلتها لك فقط أردت أن تعيش حياتك حراً ..سعيداً
قال بغضب لحظة دخول ياسمين الغرفة :
_ لا يا دلال .. لا تحمليني مسؤولية انفاصالنا لا تقولي أن هذا كان من أجلي .. لن أسمح لكِ بذلك ... لقد خيبتِ ظني و أملي بكِ .... كسرت كل ما هو جميل في حياتنا ....
قالت و هي تغرق بالبكاء أكثر و أكثر :
_ آسفة ..أنا آسفة زياد ..أرجوك سامحني بعدك يعذبني ... لم أعد أحتمل البعد
تسارعت أنفاس ياسمين ... و عيناها تمتليء بدموع سرقت فرحتها ..أسرعت بالدخول إلى الحمام ... متجاهلة نظرات زياد المتوسلة بقائها
أغلقت دلال الخط ... و هي تستمر بالبكاء المؤلم تعاقب نفسها على تهورها و عدم تمسكها بحب حياتها .. و هي الآن تدفع الثمن غالياً .... دخل مجد غرفتها و قد اعتاد رؤيتها بهذا الوضع المحزن .... ضمها لصدره و هو يقول :
_ تحدثت إليهِ ؟؟
هزت رأسها بنعم ماسحة دموعها و هي تقول :
_ لن يغفر لي أبداً ... لقد أخرجني من قلبه و حياته
قال مجد بعتاب :
_ هو لم يفعل ..أنتِ التي فعلتِ دلال .... زياد تمسك بكِ لأخر لحظة
صمتت و قد أيقنت أن الكلام لن يصلح شيئاً مما حدث ....قال مجد
_ هل أخبرتهِ بقرار إجراء العملية
_ لا ..
_ تعلمين أنه عارضها في البداية و معه كل الحق بذلك
قالت و هي تمسح دموعها :
_ لم يعد لديه السلطة للتدخل بحياتي
_ قد تموتين دلال في وسط العملية و قد تخسرين حواس أخرى بدلاً من استعادة بصرك .. الأمر خطير للغاية و ان كان زياد يهمك حقاً يجب أن يعلم
قالت بغضب و هي تقف تريد الهروب من أي نقاش :
_ لاااااا .. انتهى الأمر سأجري العملية مهما كان الثمن .. لقد تعبت من هذا الظلام الذي يحيط بي ..تعبت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرجت من غرفتها و قد استعدت للخروج إلى العمل ... كان زياد يجلس أرضاً يلاعب يزن ... وقف و هو يطلب من المربية أخذه إلى الداخل ... قبلت ياسمين يزن و هي تودعه .... أرادت المغادرة دون أن توجه كلمة لزياد ... وقف بطريقها , حرقته بنظراتها الغاضبة ... حاصرها بين ذراعيه و هو يقول :
_ لا تغضبي ..أرجوكِ ....
قالت و هي تنظر لصدره هرباً من عينيه :
_ لست غاضبة ... أتركني أذهب لعملي أرجوك
قال زياد و هو يعبث بخصلة شعر هاربه من مربطها :
_ أثبتي لي ذلك
نظرت إليه و هي تميل برأسها :
_ ما الذي تريده مني ؟؟
قال و هو يقترب من شفتيها ببطء :
_ قُبلة
شهقت و هي تقول مضطربة :
_ أنت وقح فعلاً .. لم أكن اعلم بأنك ...
قاطعها و هو يغرقها بقبلة طويلة لم تتمكن من مقاومتها ..ابتعد عنها قليلاً و هو يقول :
_ لم تعلمي بأنني أستطيع أن أكون عاشقاً و متطلباً لأقصى حد من المرأة التي أحبها
قالت و هي تدفعه بعيداً خوفاً من أن تضعف أكثر :
_ العمل ... أرجوك
أفسح لها الطريق و هو يقول :
_ بانتظارك الليلة أميرتي العربية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
وصلت الى البنك و هي تشع بتورد زاد من جمالها و ألقها بطريقة جعلت قلب حازم ينفجر داخل صدره .... تناول علبة المهدئات و ابتلع ما وقع بيده يحاول السيطرة على أعصابه و قد أدرك أنها تشع سعادة و حباً و عشقاً
بدأت مع حازم العمل و التأكد من أن كل شيء في مكانه الصحيح ... تجمدت عينا حازم عند نقطة معينة جعلته قلقاً ..انتبهت ياسمين إليه و هي تقول :
_ ما الأمر حازم ؟؟
قال بقلق و هو يستمر بعمله :
_ ليس الآن
فهمت أن هناك أمراً لا يستطيع التحدث عنه الآن ... خرجا من الخزنة الحديدية الضخمة .... كان ناجي بالإنتظار .. أغلق رجل الأمن باب الخزنة .. طلبت ياسمين من ناجي إدخال كلمة السر و هي تقول :
_ سوف تصلك رسالة كل 12 ساعة لتغير كلمة السر من خلال هاتفك الخلوي .. إن لم تقم بذلك في ظرف خمس دقائق سوف يتم تفعيل كلمة السر الإحتياطية التي سبق لك حفظها ....
_ هذا رائع و أنتِ رائعة مهندسة ياسمين
حدق حازم به غاضباً .... بالكاد ألجم قبضته حتى لا تحطم فكه ... ارتجفت يد ياسمين .. ليس من كلماته الجريئة .. و لكن نبض كهربائي محدود ضرب معصمها من خلال الساعة التي ترتديها ..نظرت إلى ناجي المبتسم بمكر مستفز :
_ سيد ناجي ... يبدو أن اختبار برنامج الحماية قد بدأ فعلاً
_ فعلاً ..أخبرتك أن برنامجك سيخضع لامتحان صعب ... دعينا نرى النتيجة
قالت و هي تمسك ذراع حازم المتصلب و المتأهب للقتال :
_ عن إذنك سيد ناجي .. هناك حرب علي خوضها مع حفنة مبتدأين
دخلت لمقر الشركة مع حازم و بدات بتشغيل حاسبها و فعلاً كانت حرب ضروس ..تبارزت فيها ضد قراصنة متمرسين يعرفون كيف يهاجمون و يضعفون أي برنامج لكنها كانت متيقظة للغاية ... مرت الساعات تدفعها ساعات ... ساعدها حازم على قدر استطاعته ... 48 ساعة مرت و هي على نفس المنوال ... بعيدة عن العالم الحقيقي ... بدأ الإنهاك ينال منها و قد شحبت للغاية ...قال حازم قلقاً :
_ لا يجب أن تستمري بهذا الوضع ياسمين ستنهارين في النهاية
_ قالت دون أن تتوقف عن ضرب لوحة المفاتيح أمامها
_ لا أستطيع التوقف .. سينهار عمل الشهور الماضية في غمضة عين .. ستفشل المهمة ...
بتوتر و اضطراب قال :
_ هل يمكن أن يساعدك أحد من داخل شركتي ؟؟
ضحكت مرتجفة و هي تقول :
_ مستحيل ..هذا برنامج غير عادي .. و من ثم نحن لا نعلم بمن نثق .. قد يكون أحدهم تابعاً للمنظمة و هكذا سيطلع على أسراري
_ ماذا عن حمزة ؟؟
_ ياليته معي الآن .. ياليت
نهض حازم و هو يتصل على الخط الخاص بالمهمة
_ مرحباً زياد .. الوضع يزداد صعوبة ..نحتاج حمزة .. سأنتظر
بعد دقيقة واحدة عاد زياد يقول باقتضاب :
_ توجه مع ياسمين للبيت الآمن الآن... لا تنسى اتباع إجراءات الأمن
خلال أقل من ساعة وصلا إلى البيت الآمن و ياسمين لم تتوقف للحظة عن عملها .... لحظة دخولها و قد وجدت حمزة قالت :
_ حمداً لله على وجودك ....
لم تلتفت لزياد الواقف إلى جانبه ... أسرعت تشرح له كل شيء بالتفصيل ... قام حمزة بوصل جهازها مع جهازه و بدأ بالعمل فوراً ... و بعد ساعة تمكن من استلام العمل كاملاً ...قال و هو يسرع في العمل :
_ ارتاحي الآن ياسمين سوف نتناوب على الأمر ....
رفعت يدها على لوحة المفاتيح و وقفت وكل خلية في جسدها تصرخ ألماً و وجعاً ... لكن كلمات زياد الموجهة لحازم جعلتها تشعر بالإنقباض بقلبها
_ غرفة ثانية خلف الخزنة ؟؟
قال حازم و هو يدلك جبينه من شدة إرهاقه ؟
_ انا متأكد لقد تم سحب خط المتفجرات الذي صممته لمكان ما في الداخل ...خلف الخزنة ... لقد تم التلاعب بعملي ... هناك غرفة ثانية خلف الخزنة ...
قال زياد و هو يفكر ....
_ إذاً الهدف من كل هذا حماية غرفة ثانية خلف الخزنة الحديدية ... ليس الهدف حماية الخزنة بحد ذاتها
_ هذا صحيح .....
قال زياد و هو ينظر لياسمين المنهكة :
_ الأمر سيزداد صعوبة ....حازم ارتح على هذه الأريكة عليك ان تنام و أنتِ ياسمين ... عليك ان تنامي ساعتين أو ثلاثة .. يجب ان لا ننهك حمزة كثيراً أدخلي لغرفة النوم
قال حمزة دون أن يرفع رأسه على الشاشة :
_ أنا بخير .. الغيبوبة ساعدت جراحي على الشفاء السريع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل سامر منزل حمزة و هو يقول لها :
_ اين ليليان ؟؟
أمسكت أماني ذراعه و هي تقول له متوسلة :
_ أرجوك أن تهدأ ...لن ينفع الغضب معها
شد على كفه و هو يستغفر الله ... قال و هو يشد على أسنانه :
_ أين هي ؟؟
دخلت ليليان إلى غرفة المعيشة و هي تقول :
_ أنا هنا سامر ...ما الأمر ؟؟
قال سامر و هو يوجه لليليان نظرات نارية تنذر بالشر :
_ أماني أتركيني معها قليلاً
خرجت أماني و هي تطلب منه الهدوء
قال و هو يطلق نفساً مضطرباً
_ ما قصة السفر إلى امريكا .. ألم تقولي بأنك تردين العيش في كنف عائلة ... ما الذي حدث لك ..؟؟
قال و هي تعبث بأصابعها متوترة :
_ أريد العودة لعملي و أصدقائي ..لا أستطيع البقاء هنا
_ لقد فقدت عقلك
قالت و هي تبكي فجأة بلوعة :
_ لا ..فقدت قلبي
صدم سامر من رد فعلها ..أقترب منها و هو يقول :
_ ما الأمر ..أخبريني بصراحة ؟؟
قالت و هي تشهق :
_ أحبك سامر ...
أقترب منها ببطء و هو يقول حذراً :
_ و أنا أحبك ليليان
ضحكة متألمة و هي تقول :
_ أحبك كرجل .. الشئ الوحيد الذي سيبقني في هذه البلاد ... الزواج منك ...فهمت الأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أسبوع ....
كان زياد يجلس في المنزل الآمن يناقش مهاب و أمجد ببعض الأمور التي تتعلق بالقائمة يبحث عن خيط جديد ..اتصال من ياسمين جعله ينهض و يبتعد قائلاً :
_ أهلا حبيبتي
جاء صوتها و هي تشهق بعنف
_ زياد ..... أنا ...زياد
قال و قد تمكن القلق منه لأقصى حدّ
_ ما الأمر ياسمين ؟؟
جائه صوتها خشناً مجروحاً
_ لقد قتلته ... قتلته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

انتهى

رواية الشبح لكاتبة زهرة نيسان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن