الجُزء الرابِع والثلاثين|حِدادٌ قَلبيّ

22.9K 1.3K 1.3K
                                    

الجُزء الرابِع والثلاثين| مابال قمري في غُيومه عالقٌ
من أبهت النور العظيم وأظلمه؟
لاتحزني فالحزن لم يُخلق لكِ
صدري لهمك قبل حُضنك يحمله
من ذا الذي يطغى عليك ويحزنك؟
أولم يرى حُسناً تجلا فأخجله!
عجباً لهم كيف استحلو مبسمك
ومحو ملذات الوجود بأكمله
لاتحزني ارجوك هياً اضحكي
ليموت هماً في فؤادي أثقله..
* * *
١٢٠٠ تعليق + ٣٠٠ تصويت = فصل جديد لِذا خلوني أشوفكم صاحيين..

تَحتاج فَقط لِحَدث واحِد صَغير تافِه لِتنهار
كالجَبل الذي يَنهار بِسَبب صعود نَملَة إلى قِمّتَهُ، هٰذا ما يَحدُث غالِبًا حينَما تُصِمت ذاتَك عَن كُل إهانَة قلبيّة، وجرح نَفسي، أكثَر مَن يُجيد أذيّة نَفسَهُ، هو الصامِت الذي لا يُعبِّر عَن إستيائهُ تِجاه أي قول أو فِعل، هؤلاء وَحدَهُم مِن يُتقِنون فَن الألَم في صَمت، دون مواجَهة أحَد، اللذين يَبكون وحيدين، خائِفين مِن إظهار ذٰلِك الجانِب الضَعيف لِمن حولَهُم، لِأن كُل مَن في الجِوار حتى وإن كان قريبًا لِحد الأُلفَة لَن يَفهم الأسباب الحَقيقيّة، لَن يفهَم حَجم الإساءة، لَن يَفهم أحد مِنهُم كَم ذٰلِك مؤلِم، وَحدَهُم هؤلاء الصامِتين مَن يُتقِنون فن الهروب، مِن كُل شَيء يُحاوِل تَهديد علاقتَهُ مَع الصَمت، ظنًا مِنه أن البوح جَريمَة، وهٰكذا يبتَلِع كُل الكَلِمات، حتى يُقال عَنه حينَما يَموت، سمّمتَهُ الكَلِمات فَمات..

* * *

وَقف أمامَها، حَيث كانَ يجلِس بِجانِبَها روبيرتو، تَخبّئ وَجهها في حُضنَهُ، كان كُل ما حولَهُ كَئيب، روزيلا التي فَتحت الباب لَهُما، فيتال الذي إقتَرب مِنها، والجَميع يُحيط بِها، أمّا هو فَكان يَقِف أمامَها غَير قادِرًا عَلى الإقتِراب، بينَما عَيناه الرماديّة مُمتَلِئَة بِالدموع لِلمرّة الأولى مُنذ أعوام، صوت أنينَها المَكتوم، إرتِجاف جَسدَها، ويديها التي تُريحَهُما على صَدر صَديقَها، كُل ذٰلِك كان كافيًا لِقتلَهُ، كان عَليهِ هو أن يَكون هُنا، أوّل المتواجِدين لِمُساندَتَها، وَليس غيرَهُ، لٰكِن كُل شَيء إنهار فوق قلبيهُما، وشعورَهُ بِها بَعيدَة إلى هٰذا الحَد كان أكثَر ألمًا مِن موت السيّد فيچو، يا إلهي!، كَيف غادَر هذا الرجُل دون سابِق إنذار!، لَقد كان يُحِبّهُ، يعتَبِرَهُ جدّهُ هو الآخر، كان دائِمًا رَجُل حَكيم وَدود، يُحاوِل إحتواء كُل مَن حولَهُ، ويولاند كانت تَعتبِرَهُ كُل شَيء، كُل ما تبقّى لَها مِن عائِلَتها الصَغيرَة، والآن هي وَحيدَة دون أن يُسانِدَها أحد كما كان يَفعل السيّد فيچو، ومَهما حاوَل أحدَهُم أن يَمَلأ هذا الفَراغ لَن يستَطيع، يعلَم جيدًا أن جُزء كَبير مِن قلبَها سيكون خاويًا بَعد ذَهابَهُ، ليتَهُ فَقط كان يمتَلِك الكَثير مِن الأيام بِرِفقتَهُ قَبل مُغادرَتَهُ هٰكذا دون أن يُلقي عليهِ كَلِمَة وداع أخيرَة، لاتزال ذِكرى اللِقاء الأوّل في ذاكِرتَهُ، حينَما رحب بِه وكأنّهُ يعرِفهُ مُنذ زَمن، وفي كُل مرّة يُقابِلَهُ فيها كان يُمسِك بيدَهُ ويُخبِرَهُ بِأنّهُ رَجُل صالِح، ولٰكِنّهُ لَيس بِالرَجُل الصالِح، إنّهُ يَرتَكِب الأخطاء بِإستِمرار، وحياتَهُ سِلسِلَة لا مُتناهيَة مِن الخَسارات..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن