أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓

الجُزء السابِع|مَشروع حُب فاشِل

الجُزء السابِع| أتمنى أن العَالَم يَحصُرَني في زاويتَك، أن تَختَفي كُل وَسائِل المواصَلات لِتَجِد نَفسَك تَجِلس بِجانِبي في مَحطةً ما، ويَختَفي هاتِفَك وأموالَك وكُل شيء فَتجِد نَفسك مُجبَر لِأخذ هاتِفي لِإتمام مُكالَمَةً ما، أو تَدخُل إحدى المَقاهي في مَكان ما وتَجِد الأماكِن شاغِرَة ولا يوجَد مَكان فارِغ سِوى جواري، أو تَفقِد ذاكِرَتَك وتسألني عَن الطَريق أو تتداخَل أرقامَك وتتصِّل عَن طَريق الخَطأ بِرقَمي، وتَسقُط المُدن والمسافات وتَجِد نَفسَك تَعيش بِجِواري، وتَحدُث الثورات ويَنهار العالَم، فتضل الطريق فَتسير بِجانِبي، أرجو أن ينتهي العالَم وأنت في عالَمي..
* * *

تعلَّم أن تُغادِر حينَما يُستهان بِمشاعِرك
غادِر حينَما يَبدأوا بِتهميش آرائَك، حينَما يُصمِتونَك، وحينَما يَتجاهلونَك عمدًا، تعلَّم أن تُفلِت قَلبَك مِن التعلُّق بِأشخاص سامّين، لا يعرِفوا كيفيّة الرَفض بِلباقَة، وقول آسِف بدلًا عَن إيقاع اللوم عَليك، غادِرهُم وعُد إلى نَفسَك، فَهٰذا العالَم لا يَكترِث لِشيء سوى المُتعَة على حِساب أيذاء الآخرين..

تذكّر دائِمًا بِأن ليس كُل الأشياء أو الأشخاص تَستحِق أن تتمسّك بِهُم، فَبعض التمسُّك يُشابِه الإمساك بِحَبال مِن نار، تُحرِق يداك دون أن تُجني مِنها إلّا الرَماد، سيُعلِّمَك الوَقت أن القيمَة الأهم هي القيمَة التي تُعطيها لِنفسَك، وليست تِلك القيمة التي تتخيَّل أن تَحصُل عليها مِمن يُحيطونَك، وأنّهُ عليك أن تَفهم حقيقَة أن لا أحد قادِر على تَقييمَك بِعيناه، وأنّك لست الشَخص الذي أرغموك عَلى أنّهُ أنت، وأنّك إن إستمريت بِإعطاء آرائَهُم فيك أهميّة ستكون شخص آخر لا تعرِفَهُ، شخص صَنعته آرائَهُم وأفكارَهُم المُتَّسِخّة..

ستصِل إلى مَرحَلةً ما في حَياتَك، يُصبِح التخلّي فيها سَهلًا، بِالرُغم مِن قوّة تعلُّقَك فأنت قادِر على إفلات قَلبك وكأنّك لَم تكُن مُحِبًا، ستصِل لها وستكون خائِفًا ومذهولًا مِن قُدرَتك على المُغادَرة والتخلّي بِهٰذِه السهولَة، ومَع ذٰلِك ستُصبِح مُمتنًا لِقوتّك، مُقدِسًا لِنفسَك وقريبًا مِنها، ستكون أنت الأولويّة الأولى في حَياتَك ثُم الآخرين، سيكون وجودَهُم جميلًا، وغيابَهم ليس مُضِّرًا في آن، ستتوقّف عن الإهتِمام بِالأشخاص وإضاعَة وَقتَك في إثبات حُبّك لَهُم وأهميتَهُم، وستكون مُهتمًا أكثَر بِتنميّة ذاتَك..

وتذكّر أنّك لَن تَندم عَلى شيء مَضى
ولا أن تُرثي شَخص غادَرَك
أو تَبكي على غَدر صَديق وخيانَة حبيب
لن تَشعُر بِالوِحدة وأنت مَع نَفسك
ولَن يختَلِف شيء عَليك في غيابَهُم..

* * *

دَلف لِمنزِلَهُ بِهُدوء رَجُل يُصارِع روحَهُ بُعُنف، رافِضًا كُل تِلك المشاعِر التي هاجَمتَهُ بِنعومَة وبِبُطئ، وكأنّهُ فَخ مُدبَّر على أيادي أُنثى ذَكيّة تَحترِف العَزف على أوتارَهُ الحساسّة، هو لَم يكُن هٰكذا، كانت مشاعِره راكِدَة وقَلبَهُ قاسٍ لا يلين بِسهولَة، ولا تُغريه أي إغراءات، ولٰكِنّهُ بدأ الآن يَنحرِف إلى طريق لا يَعرِفَهُ، وإلى مشاعِر يَجهلها، مشاعِر لا يستطيع وضع مُسميات لَها، لِأنّها مَجهولَة، غريبَة عَليه، ولٰكِنّها تَجعلَهُ مُشوّش..