الجُزء السابِع عَشَر|تقلُّبات عِشقيّة

32.1K 1.6K 939
                                    

الجُزء السابِع عَشر| أنا كُلُّ شيءٍ لكِ
أنا أشياؤكِ التي تعرفينها
وأنا الأشياء الّتي لا تخطُر لك
على بال، أنا المظلة
التي تظلل كلماتك،
حين تُنادينَ أحدًا وقتَ المطر
أنا القَلقُ الّذي يتنصّتُ على مكالمةٍ لك،
لم يجِبها الطرفُ الآخر
أنا لهفةُ أكوابِ المقاهي تفكر أيُّها يفوز بشفتكِ صباحًا..
أنا مقبضُ البابِ، يرتعشُ حينَ كفّك اللدِن يصافحهُ برفق
أنا الشجرةُ الّتي تنحني حينَ عُبورك
أنا القمرُ الّذي يسير مُسِرعًا كُلَّ السماء، ويتمهّل أمام نافذتك..
أنا اسمُكِ، وأنا أشياؤك الّتي لا يعرفون..
* * *

لَم أعُد أؤمِن بِحقيقَة تَغيُّر المنطِق الذي نَعيش فيه، إن العالَم يعيش نِزاع لِأثبات رأي وفِكرَة، ولَن يتقبَّل أحدَهُم أن يَرى شخص مُختلِف عَنه، في دين، في شَكل وفي مَبدأ، البَعض خُلِق لِلمُعاناة، بِسبب أشياء لَم يختارَها هو، وهٰذا ما يَجعل مِن الأمر يبدو مُقرِفًا، أن المرء يُحاسَب ويُعاقَب على شَيء لَم يكُن بيدَهُ إختيارَهُ، العالَم اليَوم يحتاج لِلتقبُّل وَحسب، سَهلَة النُطق وعصيّة على العَمَل بِها، قَبل أن نتقبَّل العالَم بِمن فيهِ، بِتغيرُاتَهُ ومناخاتَهُ، علينا أن نتقبَّل أنفُسنا، وحينَها لا يستطيع رأي تَحطيمَنا، أو يهزِمنا شيء في الحياة، حينما نَبدأ بِتقبُّل عقُدنا النفسيّة، وتقلُّباتنا المزاجيّة، وَحتى ملامِحنا الهزيلَة، لَن يستفِزّنا شيء، لَن يقترِب أحدَهُم لِلعَبث بِالسلام الذي عَقدناه مَع أنفُسنا، أعرِف كَيف يُصعَب على المرء أحيانًا النوم بِسبب كَلِمَة ونَبرَة، أعرف تمامًا الشُعور بِالنَبذ بِسبب الإختِلاف، ولٰكِن لَعِب دور الضحيّة لَم يُناسِبني أبدًا، خُلِقت لِأكون هٰذا الجَسَد، ولِأكون هٰذِه الروح الحُرّة، خُلِقت لِأعيش كما يحلو لي، ولِقول ما أُريدَهُ دون أن ألمِس جُروح أحَد، خُلِقت لِأكون مُختَلِف، لِإختِبار مدى قُدرَتي عَلى تقبُّل مَن حَولي، لِإختِبار إنسانيتي، ولِأكون عابِر لا يُشعِر أحدَهُم بِالنقص، خُلِقنا جَميعًا لِنمتَلِك أنفُسنا وليس لَنا الحَق بِإمتِلاك الغَير، لِأن كُل روح لَها لون مُختَلِف، ولَها عَقل مُتفرِّد، ولِهٰذا لا يحُق لِأي فَرد أن يَهدِم كيان أحدَهُم ليصنَع نُسخَة تُشابِه الجميع لِلتلاؤم مَع المُحيطين..

لَست خائِف أن يُعاوِد العالَم بِالتَنكيل بِقلبي، لِأنّي أصبَحت أمتَلِك قَلبٌ مَرِن، يَتفادى الضَربات دون أن يتمزّق، لَكِ أن تَتخيلي كَم صِراع خُضت لِأصِل إلى هٰذِه المنطِقَة، وحيدًا دون أن يُسانِدني أحَد، تعلّمت أن أقِف دائِمًا بِقَدَم واحِدَة، وأن أصفِّق بيدٍ واحِدَة على قَلبي، دون أن أشعُر بِالحاجَة لِأحدَهُم، إعتَدت عَلى ألّا أنتَظِر من يأتي لِإنقاذي، كُنت أنا الوحيد الذي يَنقِذني، وَسط كُل مَن حولي كُنت وَحيد، لا أخوض نِقاش، وشَفتاي لا تُجيد إلّا تَقبيل الألَم، لَم أكُن مُجبرًا على الصَمت، كان بِإمكاني الصُراخ، ولٰكِن لَيس دومًا الصوت ما يُنقِذنا، لِهٰذا أكتُب لَكِ اليوم أنني لا أُجيد تَمثيل دَور لا يَليق بي، وحينَما أُخبِرُكِ بِأنني أُفلِت يداي فَأنا لا أعني بِأنّي لا أُجيد التمسُّك، بَل أن لَدي قُدرَة هائِلَة على التشبُّث، حتى أرى أن قَلبي إنزَلق، وأكتَشِف بِأني كُنت أتمسَّك بِوَهم وحَسب، حينَها أُفلِت يَداي، ولا أعود وإن أخبروني بِأنّ يداي ستُبتَر إن لَم أفعَل، حينَما أُدرِك بِأني سِرت بِقَلبي إلى الهَلاك وأنّني كُنت فَقط لِلإستِهلاك، أنا أُغادِر ولا يُعيدَني شيء، فَتِلك الفِكرَة وَحدَها تَمحي كُل الذِكريات، والمَشاعِر التي تَقتُل الذات، نَعم أُغادِر وإن كُنت في ذروة الإشتِعال، أحمِل قَلبي ومَشاعِري في حَقيبَة وأغلِقها بِإحكام، ثُم أُغادِر بَعد تأكُّدي بِأنني لَم أُبادِر بِالأيذاء..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن