أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓

الجُزء الثالِث والعُشرين|نيچرو ألبيتسي

الجُزء الثالِث والعُشرين| في بحرَ عيّنيكِ هامت كُلُّ أشواقي
‏يارّبة الحُسن هل تنوينَ إغراقِي؟
‏ما كنت أؤمن بالعيون وفعلها
‏حتى دهتني في الهوى عيناكِ
‏ عيناكِ بحرٌ تاهت به سفني
‏وتزعزت به نبضاتُ قلبي وأنفاسي
‏أنا الذي لا يهزني برقٌ ولا رعدٌ
‏أعينين متلألئةٌ تهزمُ ثباتي..
* * *

أتعلَمين يا جَميلَة العَينين ماذا يَعني أن يتّكِئ أحدَهُم عَلى الآخر!، يَعني أن توازُنَهُ سيختل إن سَقط ذٰلِك الكَتِف، أن يَبقى مَرهونًا، متوجِّسًا، وخائِفًا مِن فِكرَة سُقوطَهُ المُحتَم، أن يتكّئ أحدَهُم عَلى الآخر فِكرَة تَجعل الطَرفان عَلى قَلق، ولٰكِنّكِ كُلّما إتّكئتِ عَليّ إتّزنت أنا، كُلما سَقط رأسكِ عَلى كَتِفي، شَعرت وكأنّما لَدي طِفلَة مِن صلبي، تَنظُر لي وكأنني بر الأمان الخاص بِها، الجُندي الذي يُحارِب كُل فِكرَة تُهاجِم ذِهنها، كُلّما سَقط رأسُكِ على كَتفي شَعرت بِوجودي، شَعرت بِأهميّتي، شَعرت بِأنني لازِلت حي أُرزَق بكِ، يا كُل أُمنياتي لا أُريد أن يَنتهي العِشق بيننا على هيئَة سُقوط، أُريد أن نَغرَق مَعًا وحينَما نَصِل إلى العُمق الأخير، والنَفس الأخير، كُلًا مِنّا يترُك يد الآخر ويَبتَعِد، أيّتُها الليلَكيّة، يا أُنثى الجَمال، يا فَني المُدهِش، يا كُل أحرُفي وكَلِماتي، أخاف أن يَنتهي الحِبر الآن وأنا أكتُبَكِ، كَالمَجنون أتنقّل مِن ورَقة إلى أُخرى، بِخطٍ مُضطَرِب كَمشاعِري، أكتُب، أكتُب، وأكتُب، غزلٌ عَفيف وآخر لا يمس العِفّة بِصِلَة، أكتُب لَكِ بِعُزلَة مَبتورَة، بعد إقتِحامَكِ لي، شَهيتي لِلكِتابة غدت مَفتوَحة، في اللحظة التي أبدأ في الكِتابة أشعُر بِعدم قُدرَتي على التوقُّف، وهٰذا أعظَم ما تُقدِّمَهُ إحداهُن لِكاتِب..

ما أعرِفَهُ الآن هو أن لا أحد سيُقدِّر هٰذِه الأحرُف سِواكِ، لا أحد سَيقرأني كَما تَفعل عَيناكِ وقَلبكِ، أعلَم بِأنّكِ سَتُخلِّدين هٰذِه الكَلِمات في أعماقكِ، أعلَم بِأنّكِ سَتبكين كَثيرًا حينَها، لا تَبكِ يا جَميلَتي الليلَكيّة، يَكفيكِ أن تَعرِفي شيئًا واحِدًا عَنّي الآن وهو أنني وَحيدٌ دونَكِ، لا أُنثى تَشتهي الإقتِراب ولا قلبي يُريد أحَد، مُشرّدٌ دونَكِ يا قَمري الجَميل، دون وَطن بَعد أن كانَت عَيناكِ وَطني، وَقلبكِ سَكني، يتيمٌ أنا يا كُل الناس في عَيناي، يا كُل أهلي، يا قبيلَتي، إطمَئنّي دونَكِ أنا أتعذّب، أموت بِبُطئ، لِذا إنهَضي وأرقُصي فوق جَرحي، كَغجريّة مَجنونَة، تجمّلي وَضعي الورد الليلكي على شَعرَكِ الأسوَد، أهُناك من تُضاهيكِ جمالًا في المدينَة!، قِطعًا لا وجود، حقٌ عَليكِ أن تَتجمّلي؛ ليعرِف العالَم أن لا شَيء يستَطيع تَحطيمُكِ، إذهَبي لَكُل منزِل وأخبريهُم أنّكِ تَركتِ رَجُل يَبكيكِ كُل لَيلَة، وحيد يحتَضِن كَلبَهُ، في عُزلَة تَخنُق قَلبَهُ، أخبريهُم بِأنّكِ إنتَصرتِ عَليهِ، وإستَطعتِ سَرِقَتَهُ مِنه، بَعد أن كان يُقدِّس نَفسَهُ، بَعد أن كان يُحافِظ على قَلبَهُ مِن العِشق، أخبريهُم يا قَمري الجَميل أنّكِ إقتَحمتِ أكثر الأماكِن الموصدة في روحَهُ، أنّكِ قلبتِ حياتَهُ عِشقًا عَلى هَوَس، أخبريهُم أنّكِ بِالرُغم مِن كُل شيء أنتِ بِخير دونَه..