الجُزء التاسِع|موعِد مَع العِشق

40.3K 2.4K 1.4K
                                    

الجُزء التاسِع| ما زلتُ أعرف أن الشوق معصيتي
‏ والعشق والله ذنبٌ لستُ أخفيهِ
‏أشتاقُ ذنبي ففي عينيكِ مغفرتي
‏يا ذنبُ عمري ويا أنقى لياليهِ
‏ماذا يفيد الأسى؟ أدمنتُ معصيتي
‏لا الصفح يجدي ولا الغفران أبغيه
‏إني أرى العمر في عينيك مغفرة
‏قد ضل قلبي فقُل لي كيف أهديه..
* * *

إن الوقوع في الحُب وأنت في حالَة مِن الفوضى الداخِلية، هو وَقوع موجِع وبِقوّة، لا تَعلَم شيء عَمّا أنت فيه، ولا تَستَطيع وَصف حالَتَك لِأحد، أو تَفسير مشاعُرك، تكون في حالَة مِن التيه، والإرتِباك الدائِم، لا تَملِك القُدرَة الكافيَة لِلإعتِراف بِأنّك عاشِق، وخاصةً إن كُنت مِمّن يهرُبوا مِن فِخاخ الحُب التي تَصتاد العُشّاق على غَفلَة قَلب، أنت الذي قُلت أنّك كافِر بِالعِشق ولا تَعتَرِف به، كَيف ستَقبَل أن تتجرّد مِن مبادَئك لِتُلائِم قواعِده!..

سابِقًا كانوا يُقدِّسوا الحُب على أنّهُ لِلشجعان
أما الآن يجعَلك عِبارَة عَن ضَحيّة، تَكون شَخص مَسروق مِن قِبَل آخر، عَقلَك لا يُفكِّر إلا بِه، قَلبَك لا ينبُض إلا بِإسمِه ولَه، كُلّك يصرُخ رَغبةً بِوجودَه، لا تَملِك شيء مِن نَفسَك، لَقد تَم إستِحواذَك، وأنَت لازِلت على غَفلَة مِن أمرَك، لا الألوان هي ذاتَها، الأغاني تَتغير عليك، الموسيقى لَها لَحن آخر، ذاكِرَتك أقوى مِن السابِق، وقُدرَتك على الإنتِباه أصبَحت مُتيقُّظَة، إنّك تكون إنِسان لا تَعرِفَهُ، مُتشكِّل على هيئَة تُناسِب العِشق، تُلغي عِنادَك، تُذيب جمودَك، تُزيح الرماد المُتراكِم مِن الحرائِق السابِقة في داخِلك، تُنظِّف الفوضى السابِقَة، لِتصنَع فوضى أُخرى لَها..

لِهٰذا يَخاف الناس مِن إعتِناق ديانَة العِشق
لِأنّها، لا تَعرِف اسمًا، دينًا، شَكلًا، عُمرًا، أو مَبدأ
كونَك عاشِق هٰذا يَعني بِأنّك، عاشِق وحَسب!، الأعراق، الأعراف والتقاليد بَعيدَة كُل البُعد عَن العُشاق، لِهٰذا كانوا يقولون بِأن العُشّاق هُم شُجعان، لِأن مِن الصَعب على المرء عَن يتخلّى عَن كُل شيء، ويتجرّد مِن مبادِئَهُ، تعقُّلَه، وثَباتَه، حتى يدخُل عاصِفَة العِشق، التي تَجعلَهُ مَجنونًا، جامِحًا ومُتهوِّر، لِهٰذا العاشِق يكون بَعيد عَن منطقَة الآمان، ويستمِر في البقاء في المخاطِر التي تواجِهَهُ..

ثُم لا تُصدِّق بِأن هُناك من لا يستطيع الوقوع في العِشق مَع أحد، دائِمًا هُناك من يأتِ لِيُسقِط كُل قناعاتَه، ويُحطِّم أسوار الأمان التي كان يُحيط بِها قَلبَه، وثُم يُداهِمَهُ بِعُنف على حين غَفلَة قَلب، يكون إستِثنائي، يَشطب كُل قوانين حياتَهُ ويَجعلَهُ مُتقبِّلًا لِأي شيء مِنه، عدا الغياب، لا يسمَح لَه بِالغياب عَنه، يتمسَّك بِه بِقلبَهُ حتى وإن تأذى، فَالعِشق يَشبه أن تتمسّك بِحِبال مِن النار حتى تَنجو مِن السقوط، وجاهِل مِن يُحذِّرَك مِن العِشق، لِأنّهُ إن إستطاع المرء الهُروب مِنه لَما وجدنا كُل هذا الكَم الهائِل مِن العُشّاق المُعذّبين..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن