الجُزء الحادي عَشر|لِجوء قَلب مُشرّد

47.8K 2.3K 1.1K
                                    

الجُزء الحادي عَشر| ‏لن اترككِ وحيدة ولن تتركيني وحيد انا متيقن من ذَلِك، وأعلم اننا لسنا دائمًا اقوياء، فخلال الأوقات التي نشعر فيها اننا سئمنا من بعض، اُريدُكِ أن تُمسكي يميني، وسأمسِك شِمالِك وبوسعنا انقاذ كل شيء، مادمنا لم نترك ايادي بعضنا البعض في اسوأ الأوقات..
* * *

قبل سنواتٍ مِن الآن كانَت فِكرة أن أكون وحيدًا مُغريّة، ليس لِأن العالَم مؤذي، بَل لِأني خُلِقت بِهٰذِه العُقدَة النفسية، أن أكون وحيد، لا أسمَح لِأحد بِلمسي، أو التكلُّم معي، وكأنني خُلِقت لِلوِحدَة، وأن أكون صعبًا على كُل من هُم مِن حولي، غير قادِرًا على أن أشعُر بِالإنتِماء لِأحَد، كَرجُل ينبُذ نَفسَهُ بَعيدًا، صامِتًا لا يَهوى الكَلام ولا ينظُر في وجوه الناس، وبِالرُغم مِن هٰذا كُنت طِفلًا يُريد أن يشعُر بِالآمان لِشخصٍ ما..

ولٰكِنها جاءت لِتُغيّر كل هٰذا، كَيف يُمكِن لِأُنثى أن تُغيّر مخاوِفي وتَقلِبها لِصالِحها، فتَجعل مِني أهوى أن أطيل النَظر في عَينيها، وأحتاج لِلمسَها وكأنّها فرشاتي أو قَلمي!، تَجعل مِني رَجُل لا يُريد أن يُغادِر، يَحتاج البقاء، وتُغريني لِخوض حِوارًا شهيًا مَعها، أُنثى تَجعل مِني رَجُل لا أعرِفَهُ، ولا أفهمَهُ، مُطمئِنًا لَها وكأنّها هُدنَة بين بلدان مُتحارِبَة، إن الحرب الحقيقيّة تَشتعِل في داخِلي، بِسبَبها النَوم أصبَح صَعبًا، والأيام تَكون ثقيلَة، وحينَما تعود هي كُل الأشياء في قَلبي تَهدأ، وكأنني أعود لِوطني الذي لا يعيش فيهِ إلا السُعداء، بعيدًا عن الحُروب، رَجُل فاقِد لِلطمأنينة أنا، وحينَما وجدتها أُريد أن أتشبّث بِها بِكُل ما أملِك مِن شوق، كما أُريد أن أتشبّث بِأطراف فستانها الأسـود، وأنام على حُجرَها، مُطمئِنًا، عائِدًا إلى موطِني..

أنا رَجُل لا يحترِف العِشق
ولا أُجيد دور كَهٰذا، ولٰكِنّي أُريدَها، ولست أُريدها بِطريقَة عابِرة، كَما يُريد أحدَهُم أن يَقتني شيء أو جَسد، أُريدها بِطريقَة إستِثنائيّة، أن أعزِف على جَسدها لَحنًا جديدًا بِاسمَها، أن أرسُمها قِطعَة قِطعَة، وأن أكتُبها حرفًا وعِشقًا، بِدماء قَلبي سأكتُب أنّها سَرقتَني، غَدرت بي وأوقَعتني في تفاصيلَها اللذيذَة، وجَعلت لِنَفسها مَكانًا في عُزلَتي، فأصبَحت عُزلَتي لا تَكتَمِل إلّا بِها، ويختَفي كُل شيء في وجودِها، يبقى صوتَها يلعَب بِأوتار قَلبي التالِفَة، وعينيها تسرُقَني مِني، وأسقُط..أسقُط كَطِفل لايَزال في خُطواتَهُ الأولى في طَريق العِشق..

أنا ولِلمرّة الأولى أُريد أن أُسلِّم قَلبي
قَلبي المليء بِالخُدوش، التالِف الذي يبدو بَشعًا لِلعاشقين، الأسود والقاسي، لا أرى فيهِ إلّا قَلب على وَشك أن يَكون ميتًا، ولٰكِنّهُ غدا ينبُض بِشيء آخر، بَعيد عَن البؤس، أصبَح ينبُض بِجنون وَشغف نَحوها، حتى بات صَوتَهُ فاضِحًا لي، لِحقيقَة لَهفتي، وَرغبَتي بِها، شعور جَميل وقاتِل يَغمُرَني، يجعلَني في حالَة اللاتوازُن، وكأنني وَقعت على قَلبي والآن أُحاوِل الوقوف شامِخًا، بَعد أن أغفلَت قَلبي وسَرقَته، تُرى هَل يستَحِق أن يُسرَق!، هٰذا القَلب الذي نَسيت وجودَهُ حتى جاءت هي لِتُثبِت حُضورَهُ وتمتَلِكَهُ بِطريقَة سالِبَة لِلنَبض، إنِها أُنثى شهيَة، خَطِرَة، وذكيّة، تَسرُقَني بِأساليب لذيذَة وغَير مُبتَذَلَة، وتَجعلَني أشعُر بِحرارَتها نَحوي بِكلِماتَها ولَمسَة عينيها على قَلبي الوَحيد، تَجعلني رَجُل مُتملِّك بِوحشيَة خَطيرَة، وأتمنى أن أخبِّئها عن أنظار كُل من يتمتعون بِالنَظر إليها كُل يوم..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن