الفصل (١٠)

409 30 0
                                    


*في بيت آسر*
كان يعد كوب القهوة الذي يحبه بشدة، وهو يتلو آيات القرءان بصوته الشجي، حتي قاطعه صوت رنين هاتفه.
آسر: السلام عليكم، إزيك يا عمي؟!
عبد الرؤوف: أنا بخير يابني الحمد لله، انت اخبارك ايه؟!
آسر: الحمد لله يا عمي والله، ثم أكمل ضاحكاً: أعملك قهوة معايا؟!
عبد الرؤوف: ألف هنا يا حبيبي، المهم، ورد بلغتني موافقتها النهاردة، وإن شاء الله هننتظرك علشان نتفق بقا علي التفاصيل.
آسر بطريقة فضحت فرحته الشديدة، رغم عدم انتباهه لها: بكرة إن شاء الله يا عمي، أنا فاضي طول اليوم إن شاء الله.
ضحك عبد الرؤوف علي ولده، لكنه لم يُظهر له ذلك: إن شاء الله يا حبيبي، علي خير، ربنا يصلح لكم الحال يا رب.
            *************************
(في اليوم التالي)
قام أحمد ليفتح الباب، في حال كانت والدته تكمل إعداد الطعام، كل يقوم بمهمته علي أكمل وجه، بتعاون، وإيخاء.
أحمد: أس، كيفك يا عريس؟!
آسر: الحمد لله يا سيدي، خليتني عريس بسرعة كدا.
أحمد: طبعا، واحلي عريس كمان، يلا ادخل بقا، ولا انت مكسوف؟!!
ضحك أسر علي مزحته، ثم اجابه: اوعي ياض من قدامي كدا.
أحمد: طيب يا عم الله يسهلو.
عبد الرؤوف: اتفضل يا آسر، عامل ايه يا حبيبي؟!
آسر: الحمد لله يا عمي والله.
قضوا جميعا وقتًا سعيدًا، تغمره الفرحة، والضحكات المنطلقة من جوف القلب.
عبد الرؤوف: دلوقتي يابني، ربنا يصلح لكم الحال يا رب، عايزين نقرأ الفاتحة، وندعي ربنا ييسر لكم الأمور، ونتفق في باقي الأمور.
أنهوا جميعًا قراءة الفاتحة، فهم أهل آسر، كما هم أهل ورد.
آسر: دلوقتي يا عمي، الشقة زي ما حضرتك عارف مش محتاجة فرش، وانا بفضل الله محضر كل حاجه، والذهب اللي هتطلبوه انا تحت امركم فيه.
عبد الرؤوف: الأمر لله وحده يابني، بس مش هينفع يبقي كل حاجة عليك كدا.
آسر: يا عمي والله لو جيت للحق، المفروض الناس مش تدبح بعضها كدا، الشاب اللي عايز يتجوز مش عارف، علشان بيطلبوا منه ما يفوق مقدرته، وكذلك البنت، والدها يبيع اللي وراه واللي قدامه علشان الجهاز اللي كله بيخرب ومش بيُستعمل ربعه في الآخر.
عبد الرؤوف: معاك حق يابني والله، دا بقت حاجة توجع القلب.
آسر: المفروض يا عمي اللي مقتدر علي شئ يعمله، علشان كدا مش عايز حضرتك تحس انكم مزودين الموضوع عليا، أنا كل حاجه جاهزة، ودي مقدرتي الحمد لله، لو مش كنت هقدر اعملها، اكيد مش هقول.
عبد الرؤوف: ربنا يزيدك يا آسر يا رب ويفتحلك ابواب الخير كلها.
آسر: يا رب يا عمي، أيوة أنا مش محتاج غير الدعوات دي بس، مش اكتر.
عبد الرؤوف: والله يابني دعواتنا كلنا محاوطاك في كل وقت.
آسر: ربنا يبارك لنا في عمركم يا رب.
عبد الرؤوف: طيب بص يا آسر، أنا هعمل أنا الفرح علي حسابي، وهتحمل تكاليفه.
آسر: يا عمي بس..
قاطعه عبد الرؤوف: يابني مش عايزك تنسي إن ورد أول فرحتي، دي تعتبر هديتي ليكم، بعد الدعاء بصلاح حالكم.
آسر: خلاص يا حج، زي ما تحب، بس...
عبد الرؤوف بابتسامة تعبر عن فهمه ما يدور بخاطره، لكنه أخفاها خلف جديته المعتادة: بس إيه؟! كمل، سامعك.
آسر بتلقائية: عايزين نكتب الكتاب.
ضحك أحمد بشدة، وتبعها عبد الرؤوف علي تلقائية آسر، وطريقته في الحديث.
أحمد: ايه يا اس، مستعجل علي الهم ليه بس؟!
آسر: إنت عارف يا احمد لو مش بطلت تريقة عليا، انت حر، ومش تنسي، ليك يوم ياخويا.
أحمد: الله الغني يا سيدي، مش هتكلم معاك خالص، أنا عايز ابقي رايق كدا وفي حالي، محدش يعكنن عليا.
آسر: أيون، يبقي تخرس بقا.
عبد الرؤوف وهو يحاول كتم ضحكته علي مشاكسة أبنائه: مستعجل ليه يابني؟!
آسر: مش مستعجل والله يا عمي، بس أنا الحمد لله جاهز، ومستعد، وكذلك ورد، مش وراها تعليم ولا شئ، فانا بتكلم في كدا.
عبد الرؤوف: طيب يا حبيبي، أنا هحدد مع ورد الاول، علشان تجهز حالها بردو، واشوفها هتحتاج وقت إيه، وهبلغك.
آسر: تمام يا عمي، مفيش مشكلة.
مرّ الوقت، من أسعد وأجمل الأوقات، تشاركوا الفشار، والحديث العذب.
            ************************
كان يجلس شاردًا ذهنه، يتساءل بأسي، هل ستقبله بشكله الجديد الذي حكم عليه الزمان به، أم هل سيظل وحيدًا دون شريكة لهمومه، يحدث نفسه بحزن دفين: مين اللي هتقبل بواحد زيي، البنت بتكون عايزة سند، مش عايزة حمل تشيله علي حملها.
قاطع شروده تلك اليد الحنونة، نعم هي يد الأم، فهي وإن لم تحدثها عن ما يدور بخاطرك، فقلبها يخبرها بكل شئ.
سماح: في إيه يابني؟! مالك يا لؤي؟!
استدار إليها، مقبلا يدها بحنان وحب: مالي يا ست الكل؟! هي في حاجة تقدر تزعلني وإنتي جنبي يا غالية؟!!
سماح: أيوة يا لؤي فيه، مش تخبي عليا بقا يابني، خرج اللي جواك يا حبيبي، قولي إيه تاعبك، وشاغلك كدا، لو مش قلتلي هتقول لمين؟!
لؤي بأسي: تعبان يا أمي، تعبان أوي، ممكن ترقديني علي رجلك، وتمسحي علي شعري زي زمان؟!
سماح: يا حبيبي، تعالي يابني، بس بشرط!!
لؤي ضاحكًا: إيه الشرط، لازم مقابل يعني؟!
سماح: أيوة، تصارحني، وتخرج كل اللي جواك.
لؤي: أنا فعلا كنت هعمل كدا، أنا محتاج أفضفض فعلا.
سماح: تعالي يا ضنايا.
أرقدته علي قدميها، فهذا وحده يكفي؛ ليطفئ نيران قلبه.
سماح: قولي بقة يا لؤي، مالك يا حبيبي؟!
لؤي بشرود: تفتكري يا أمي ممكن توافق عليا كدا؟!
سماح: طبعًا يا حبيبي، ومش هتوافق ليه؟!
لؤي: بس أنا دلوقتي بقيت عاجز يا أمي، أي بنت بتكون محتاجة راجل سند ليها، يساعدها، تسند هي عليه، مش هو اللي يسند عليها، أنا بقيت معاق يا أمي، الحمد لله علي كل حال.
سماح بدمعة نجحت في إخفائها: عايزة أقولك حاجة يا لؤي، دا اختبار يابني، اختبار من ربنا لصبرك، وقوة إيمانك، دا غير إنه اختبار لاختيارك، هل اختيارك دا كان كويس ولا لا!! البنت اللي اختارتها دي لو كويسة، مش هتنظر أبداً للشكل، أو الجسم، فاهمني يابني؟!
حرك رأسه بفهم.
أكملت سماح حديثها: تاني حاجة يا لؤي، إنت مش معاق، لازم تتيقن من الأمر دا، المعاق يابني معاق العقل والقلب، عمرها ما كانت بالجسم، وإنت زي ما تشوف نفسك، اللي حواليك هيشوفوك، شفت نفسك عندك نقص، كل اللي حواليك هيشوفوك كدا، شفت نفسك جميل، الكل هيشوفك جميل، حب نفسك زي ما انت يا لؤي، ربنا خلاك كدا لغرض، ودا كله من رحمة ربنا بينا.
لؤي: أنا بحبك اوي يا أمي، أوي، ربنا ما يحرمني منك أبداً.
سماح: وأنا بحبك اوي يا قلب أمك، دا انت ابني الوحيد، واللي باقيلي في الدنيا بعد ربنا طبعا، ويلا بقا قوم اتوضي وصلي ركعتين شكر لله.
لؤي: حاضر يا أحلي أم.
          *************************************
كانت تجلس مع ابنتها كعادتها، تستشيرها، تأخذ برأيها، فهذه حياتها، وهذا أمر خاص بها.
نهي: ها يا ورد، رأيك إيه في الموضوع دا؟!
ورد بحيرة: مش عارفه والله يا أمي، أنا لسة مش خلصت الفستان بتاعي، وكمان عايزة أشتري شوية حاجات ليا وكدا، مش عارفة.
نهي: يا بنتي دلوقتي خليكي في الفستان، هو هيكون عقد بس، مش جواز علطول، وبعدين تشتري حاجتك براحتك.
ورد بتفهم: اها تمام يا أمي.
نهي: يعني معاكي لحد امتي في الفستان؟!
ورد: يعني لحد يوم الخميس كدا إن شاء الله.
نهي: طيب نخلي العقد الجمعة كويس.
ورد: كويس يا امي، وأنا إن شاء الله هروح الاربع اشتري مستلزمات الفستان.
نهي: إن شاء الله يا حبيبتي، هبلغ ابوكي بقا يعرف آسر.
          *****************************
تمر الأيام، وتعم السعادة البيت، الجميع يسعون، كل يؤدي ما تكلف به من مهام.
ورد: ألو، السلام عليكم.
هلا: وعليكم السلام، انتي فين يا حاجة، أنا رجلي تعبت والله، ولسة هنلف، انتي متخيلة.
ورد: خلاص والله قربت اهه.
هلا: طيب انجزي يلا يا ورد، خلي بالك من نفسك.
ورد: حاضر، سلام.
هلا: سلام.
*في البيت*
ارتفع صوت جرس الباب معلنًا قدوم ضيفٍ لهم.
نهي: افتحي يا رغد الباب.
ارتدت اسدالها، وخرجت لتفتح الباب، حتي وجدت سيدة قد تعادل الأربعين من عمرها.
السيدة: السلام عليكم، ازيك يا حبيبتي؟! أنا سماح والدة الدكتور لؤي.
رغد: أهلا وسهلا بحضرتك، اتفضلي.
سماح: يزيد فضلك يا جميلة، بس انتي مين بقا؟!
رغد: أنا رغد، اتفضلي حضرتك.
أجلستها رغد طالبة الإذن؛ لتنادي والدتها.
......
رغد: ماما، يا ماما.
نهي: ايه يا رغد مين برا؟!
رغد: دي والدة دكتور لؤي.
نهي بتعجب: بجد؟!! طيب تعالي كملي وانا هخرج.
خرجت نهي إلي السيدة الجالسة بوقار.
نهي: السلام عليكم.
سماح بانتباه: وعليكم السلام، ازيكم يا ام احمد، اخبارك ايه؟! انا اسفة اني جيت من غير ميعاد، بس انا كنت في الشارع، لما بكون في البيت مش بقدر انزل.
نهي: ولا يهمك، دا بيتك والله، وانتي تشرفي في أي وقت، الدكتور لؤي اخباره ايه؟!
سماح: بخير والله الحمد لله، الله يعزك يا رب يا ام أحمد؛ بصي بقا أنا هدخل في الموضوع علطول، لؤي كان طلب أنه يتقدم للدكتورة هلا، وطبعا بعد الظرف اللي مر بيه لؤي، الموضوع بقا مختلف شوية، فأنا كنت عايزة اعرف مدي تقبلكم للموضوع، ورأي الدكتورة رغد، هو محروج جدا إنه يسأل، وميعرفش اني جاية، انا جيت من وراه والله.
نهي: والله يا ام لؤي بالنسبة لينا مفيش حاجة حصلت، واللي حصل مش بايده، ولا يعيبه في حاجة، احنا بالنسبة لينا بناخد راجل، مش هيفرق معانا شكل ولا غيره.
قاطع حديثهم قدوم رغد بالعصير.
سماح: تسلم ايدك يا بنتي.
عادت رغد حيث أتت؛ لتترك لهم مجالا للحديث.
سماح: والله يا ام احمد هو من ساعتها وهو قاعد متوتر، طيب هم رفضوا إني اروح ولا لا؟! اصل عمي مرنش عليا، وقاعد يكلم نفسه.
نهي: أيوة ابو أحمد كان المفروض هيكلمه يحدد معاه ميعاد، بس انشغلنا بخطوبة اختها والله، ونسينا خالص، حقك عليا.
سماح: يا حبيبتي الف مبارك ليها، ربنا يباركلك فيهم ويفرحك بيهم يارب، أنا بس كنت حابة اتأكد بس علشان لو كدا يشوف حاله، وهي تشوف حالها.
نهي: تصدقي بالله يا ام لؤي، أنا الموضوع جه في بالي، وقلت في نفسي، دا هيفكروا أننا رفضنا، لسة قبل ما انت تيجي بالضبط، ثم ضحكت مكملة حديثها: فقلت أنا هقول لاحمد يبلغكم وهو جاي يدعيكم علي كتب كتاب اخته، هو كان كدا كدا هيجيلكم.
سماح: ربنا يفرحكم يا رب.
نهي: يا رب، بس انا قلتلك اهه، من الصبح تكوني معايا هنا يوم الخميس إن شاء الله.
سماح: يا حبيبتي من عنيا، أن شاء الله.
#حب_في_الله
#سارة_سامي

حب في اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن