طيب الجراح 💚
الجزء الثاني من "حب في الله"💚
بقلم: سارة سامي ✍️
الفصل (١٤)
مرّ اليوم، بفرحة شديدة علي الجميع، بسمات تعلوا محياهم، مرات علي عائشة الصغيرة، ومرات علي مزاح الشباب، فكلما امتلأ المكان بتقوي الله، ومراقبته، خرجت السعادة من القلب، ليعود كل إلي بيته، مستمتعا بنوم هانئ، بعد أن أدي كل فروضه، وسعدت الفتيات بالفوز بصلاة الجماعة مع الرجال.
"لا لا تحسب أن الدين بعيد عن حب وحياه...
وبهجرك للدين ستحيا، تعشق ما قلبك يهواه"
😉اذكري الله يا وزة، سبحي، احمدي، كبري، حوقلي😉
أنفال: هلا، يا هلا، نمتي ولا لسة؟!
هلا: عايزة إيه يا زفتة؟! انجزي، عايزة أنام.
أنفال: بغض النظر عن قلة أدبك دي، هعديها بمزاجي، المهم بقا عندك محاضرات بكرة؟!
هلا: عندي محاضرة بس مش هروحها.
أنفال: نعم ياختي؟! مش هتروحي ليه إن شاء الله؟!
هلا: كدهون ياختي، مش ليا مزاج الله، وبعدين هي مش مهمة يا أنفال والله.
أنفال: طيب إيه رأيك تيجي معايا الدار بكرة إن شاء الله، في بنوتة ختمت نص القرءان، وهكرمها، وعايزة اعملها حفلة صغننة كدا، بس مش عارفه اعملها إيه بصراحة، فعايزاكي معايا بقا.
هلا بفرحة، وقد هبت جالسة: اشطا بقا، أيوة كدا الكلام يا بلاش، أنا بموت في الحفلات.
أنفال: كدا معايا إن شاء الله صح؟!
هلا: صح الصح كمان.
أنفال: طيب هنجيب إيه بقا، أو هنعمل ايه؟!
هلا:بت إنتي عقلك دا، بتعملي بيه إيه، ها؟!!!
أنفال: مش تاخدي مقلب في نفسك بس يا ماما، قولي بقا.
هلا: بصي يا ستي، هي قد إيه؟!
أنفال: عندها ١٣سنة.
هلا: حلو أوي، ممكن نجيبلها تورتاية عليها اسمها، ومبارك عليك نور القلب، امممم، وممكن كمان نجيبلها هدايا بقا.
أنفال: لا جبتي التايهة يا بت، طيب ما أنا عارفة إننا هنجيبلها هدايا، بسال هنجيبلها إيه؟!
هلا بتفكير: هي بتلبس إيه؟!
أنفال: بنطلونات.
هلا: نعم؟!!! وإنتي دورك ايه يا أخت أنفال بقا إن شاء الله؟!
أنفال بتساؤل: مش هي كدا لسة صغيرة يا هلا؟!
هلا: صغيرة علي الخمار ماشي، تستني سنة كدا، لكن لبس البنطلون كبرت بقا يا أنفال.
أنفال بندم: مش كنت اعرف بجد.
هلا: اجمدي يا بت كدا، عادي، إيه اللي حصل، ثم أكملت بمزاح: أنا بقا عرفت الهدية.
أنفال: فستان!!
هلا: الله أكبر، المخ اشتغل اهه أخيرا.
أنفال بضحكة: أيوة اووومال.
هلا بنعاس: اوعي بقا سبيني أنام، علشان هموت وانام.
أنفال: تصبحي علي خير ياختي.
هلا بنعاس: وإنتي من أهل الجنة.
💚صلي على الرسول صلى الله عليه وسلم، تشفي جروحك 💚
تناولت فطورها، لتذهب مسرعة إلي صديقتها التي تقف منتظرة إياها، لتتجها إلي كليتهن، قبل أن تذهبا إلي المستشفي.
أحمد بحب: سهر، لتلتفت إليه، قبل أن تخرج من باب المنزل الخارجي، فيجيبها بنفس الهدوء والحب: خلي بالك من نفسك، واجمدي، علشان تقدري توصلي رسالتك يا حبيبتي.
سهر بابتسامة: دعواتك.
أحمد: ربنا يقويكي يا حبيبتي.
سهر: يلا سلام علشان اتأخرت، والبت فاطمة هتولع فيا.
لا يدري لما لامس قلبه ذاك الاسم، رغم أنه لا يري صاحبته ولو لمرة واحدة، لكن قلبه يتراقص فور ذكره، تُري هل هو تأثراً بحديث أخته الطيب عنها؟! أم غير ذلك؟! نفض تلك الأفكار عن رأسه، ليكمل فطوره مسرعاً، كي يلحق عمله هو الآخر.
💚سبحي، كبري، احمدي، حوقلي، استغفري، ادعي الله لي ولكي💚
يجلس في شرفة غرفته كعادته كل صباح، يتلوا آيات القرءان، مع ارتشاف كوب القهوة التي لطالما عشقها، ينتظر قدوم تلك المجهولة التي خطفت قلبه دون أي مقدمات، رغم أنه لا يعرفها، لكنها ملاك يسير بخفة في أرض الله، تخطف الأنظار، وإن كانت تُخفي ما قد يعجب الشاب بفتاه.
💚لا تخافي الغد، فالغد بيد ربك، وهو لا يظلم أحد💚
وصلت بابنتها إلي والدتها، لتزورها، وتقضي معها اليوم، بسبب وجود زوجها خارج البيت طيلة اليوم، لتجلس ووالدتها، يتسامران كعادتهن، بينما تلهو الصغيرة وتزحف ببهجة طفولية من حولهن.
نهي: مش عارفه يا ورد أحمد اخوكي مش راضي يخطب ليه؟! كل ما حد يلمحله، أو يجيبله سيرة، يتوه كعادته.
ورد بضحك: ههههه لا وايه، ابنك بيموت في المزاح زي عنيه.
نهي بنفاذ صبر: والله يا بنتي ما عارفة أعمل معاه إيه؟!
ورد: سيبيهولي بس إنتي، وأنا هجيبلك قراره.
نهي بثقة: متأكدة، إنتي اللي بتعرفي توقعيه، علشان كدا قلتلك.
ورد بغرور مصطنع: مش عارفه من غيري كنتوا عملتوا إيه؟!
نهي: قومي يا بت اعملي الحواوشي بلاش غرور فاضي.
ورد: ماشي يا ست ماما، مقبولة منك، خلي عينك علي عائش بقا، ألقت كلماتها، واتجهت إلي المطبخ، لتعد الطعام.
💚الطريق شائك يا صديقتي، لكن لا تنسي أنك وروده💚
قررت أن تفتح معها بابا للحديث في هذا الموضوع، كما أخبرها والدها بعد أن ناداها بعيداً، حينما علم بخروجها معها.
هلا: بت يا نونو صحيح!!
أنفال: ها؟!
هلا: عمو العتريس اللي خلل من الانتظار دا، إيه أخباره؟!
أنفال: يخلل براحته، أنا مالي، أنا قلت لمعاذ علي رأيي، هو حر بقا.
هلا بجدية: ليه يا أنفال؟!
أنفال بعدم رغبة في الحديث: كدا يا هلا وخلاص.
هلا: بصي يا أنفال، اتكلمي معايا، قولي إيه تاعبك، أنا أختك يا أنفال.
أنفال: تعبت يا هلا، تعبت وزهقت، كل شوية اكشف وشي قدام حد، وفي الآخر يمشي علشان العاهة اللي في وشي دي، أنا زهقت، مش عايزة أوري نفسي لحد تاني غير لما تتشال خالص.
هلا: بصي يا أنفال، أولا كدا استغفري، مش ينفع إنك تيأسي كدا، وتقنطي من رحمة ربنا.
أنفال بدموع حبيسة: أستغفر الله العظيم، مش قصدي والله.
هلا: عارفة يا حبيبتي إنه غصب عنك، كتير بنغلط، ونعمل الذنب واحنا مش واخدين بالنا، بس عايزة أقولك علي حاجة يا أنفال، عمر ما حد بياخد نصيب حد يا حبيبتي، والزواج دا نصيب ورزق، أكيد اللي مشيوا دول، مش كانوا خير ليكي، ومش نصيبك، ومش ينفع تاخدي السبب غير كدا، ثاني حاجة بقا، في حد مستنيكي وبيدور عليكي زيك بالظبط، في حد مستني أنفال المرحة، الجميلة روحياً، اللي بتخاف ربنا، بتحب كل الناس، وبتحب الأطفال جدا، أنفال اللي مش فيه حد في رقتها ولطفها، ونقاء قلبها، وصدقيني هييجي يا حبيبتي، وهو دا فعلا اللي هيقدر قيمتك، واللي هيحافظ عليكي فعلا، الجمال عمره ما كان جمال شكل يا أنفال، وإلا مش كان في بنات كتير جدا في غاية الجمال، ويتطلقوا، أو مش يتجوزوا أصلا، هوني علي نفسك يا حبيبتي، وفكري صح، اوعك تظلمي نفسك يا أنفال بكلام مش ليه أي أساس من الصحة، اديه فرصة، ممكن يكون هو دا اللي بيدور علي أنفال الحقيقية، وادي نفسك الفرصة إنتي كمان.
أنفال براحة: كلامك مريح أوي يا هلا، ربنا يباركلي فيكي يا رب.
هلا: ويباركلي فيكي يا وردتي، أول لما تروحي تكلمي معاذ، وتقوليله علي رأيك، اشطا؟!!
أنفال بابتسامة: اشطا.
هلا: فين الدار يا بنتي، قربنا ولا ايه؟!
أنفال وهي تشير بيدها للامام: أهه.
هلا بتعجب: إنتي بتمشي كل دا كل يوم يا بت؟!
أنفال بضحك: إنتي كسولة اوي علي فكرة.
هلا: انتي اول مرة تعرفي، يلا ادخلي.
💚وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان💚
دخل إلي ابنته بغضب، فور أن علم ما تفوهت به، مازالت الدنيا تلتف حول عينيه، لتعميها عن رؤية الحق، مازال متمتعًا بالظلم.
عثمان بغضب: إيه اللي سمعته دا يا بنت، فكرتي نفسك كبرتي علينا ولا إيه؟! لتنتبه من شرودها في النافذة بخوف.
سمية: بابا؟!!
عثمان: أيوة، بابا، إيه؟! لسانك طول علينا، جايبة الكلام اللي قلتيه دا منين؟! مين اللي ضحك عليك وقالك كدا؟! انطقي.
سمية بحسرة: ضحك عليا؟!!! تقصد مين اللي لسة ضميره صاحي، مين اللي عارف ربنا، ولا الحق بيزعل اليومين دول؟!!
عثمان بتهديد: إنتي تتكلمي عدل يا بنت، وبعدين يهمك في ايه؟! أنا خليتك عايزة حاجة؟! عايشة في أحسن مكان، بتاكلي احسن أكل، وبتلبسي احسن لبس، يهمك إيه غير كدا؟!
سمية ببكاء: ما دي المشكلة، دي المشكلة، يا ريتك خليت في نفسي كتير، ولا ربتني من مال يتامي، يا ريتك ما اكلتني احسن اكل، ولا عيشتني احسن عيشي، يا ريتك ربيتني صح، قبل ما ييجي اليوم اللي أموت فيه بدل المرة ألف، وأبكي بدل الدموع دم، مش مسامحاكم، مش مسامحاااااكم، ألقت آخر كلماتها بصراخ، لتسقط علي الأرض دون حركة.
عثمان بقلق وخوف: سمية.... يا سمية.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
عثمان: خير يا دكتور، طمني؟!
الطبيب: بصراحة الأستاذة اتعرضت لضغط نفسي كبير، سببلها انهيار عصبي، ودا هيخليها فاقدة النطق، والحركة، إلي أن يريد الله غير كدا.
عثمان بحزن: يعني إيه يا دكتور؟! يعني بنتي مش هتتحرك تاني؟! مش هتتكلم تاني؟!
الطبيب: لا يا حاج، هنتكلم بإذن الله، بس لسبب قوي جدا، لا يعلم به سوي الله، وكله بييجي بوقته، ألف سلامة.
استأذن الطبيب مغادرا، بعد أن سجل لها علاجها، تاركاً إياهم بين أحزانهم، ليرتفع صوت هاتفه، مخرجًا إياها من صدمته الأولي، متجهًا به إلي صدمات متتالية.
يطول الظلم في الدنيا.
وعدل الله يأتينا.
فظالم في الحياة يجنو.
ثمار الظلم مهموماً.
ويوم الحشر ينتظر.
عقاب الله، مسكيناً.
عثمان بصدمة: ب.. ب..بتقول ايه؟!
المتصل: صاحب التليفون دا عمل حادثة، ومعاه واحد كمان لكن الثاني تعيش إنت، ومحتاجين حضرتك تتعرف علي الجثة، لأن دا آخر رقم لقيناه مكلم المريض.
عثمان بحسرة: ح...ح..حاضر.
أتي ليدفن جثة أحد أبنائه، ثم يعود إلي الآخر في المستشفي، ويتصل بين الحين والآخر مطمئناً علي ابنته طريحة الفراش، دون حركة أو حديث، لا شيء سوي دموع، وآهات خفية.
💔يا مظلوم ارتاح.. عمر الحق ما راح.. ليك يا ظالم يوم.. تشرب قسي وجراح💔
كانت تمرح مع البنات بحب وبهجة، تقبل تلك الفتاة الجميلة بحب، مهنئة إياها علي ما حفظت من كتاب الله، داعية الله أن ينفع بها، ويعينها علي إتمام ما بقي من كتابه، ثم أعطتها ما أحضرت لها كمكافأة لحفظها، وإن كانت لا تعادل مثقال ذرة من مقدار ما تستحق هي، لكن حافظ كتاب الله، لا يمكن لأحد أن بوفيه حقه، ويكرمه حق التكريم إلا الله، ومن ثم بدأت في الانشاد بصوتها العذب، وهي تنشد بحب.
يا حافظة كتاب الله.
نلتي الشرف ونلتي الجاه.
صرتي من أهل الرحمن.
صرتي من أهل القرءان.
يستمع إليها الجميع بحب، وفرحة تلك الصغيرة تخترق قلبها، لتجعله يتراقص فرحًا لفرحها، ومن ثم وزعت أنفال الحلوي علي الصغار، لتلبس الجميله تاجًا، وإن كان ورقيًا، إلا أنه يساوي الكثير لها.
🥺اتعبي واحفظي القرءان، صدقًا اللحظة دي تستاهل التعب🥺
كان اليوم الذي أتي فيه خالها، وعائلته بعد غياب طويل، لتفرح الجميلتان، فقد أصبح لهن عائلة من جديد، لكن دائماً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد أتاهن خبر وفاة ابن عمهن، وأن الآخر في حالة حرجة، كما أن ابنته أصيبت بانهيار عصبي.
مروة ببكاء: أنا زعلت أوي يا خالي، زعلانة أوي علشان عمي.
غلا: خالي، عايزين نروح لعمي يا خالي.
علاء بحب: الدم عمره ما يبقي مية يا بنتي، أنا هوديكم، لعل وعسى يكون دا سبب في أن عمكوا يعرف قيمة عملته، ويفوق من اللي هو فيه، ثم أكمل محدثاً زوجته: خليكي هنا إنتي ومودة يا عفاف، وأنا هاخد البنات ونروح نعزي ونقضي الواجب.
عفاف بحسرة علي البنتان: حاضر، ثم أخذتهن إلي غرفتهن بحنية، لتساعدهن في تبديل ثيابهن.
💚اذكري الله يا غالية💚
تبكي وتنتحب، تنعي حظها، فقد خسرت أغلي ما قد تملك الأم، الابن والولد، خسرت الثلاثة دفعة واحدة، لتتفاجأ بآخر من تتوقع قدومهم.
عبلة بقلة حيلة: نعم؟! جاية ليه يا بنت محمود انتي واختك؟! جايين تشمتوا مش كدا؟!
علاء: اتق الله يا حاجة، بصي لمنظر البنات وإنتي تعرفي جايين ليه؟! الدم عمره ما بيكون مية يا أم علي.
عبلة: واحنا مش عندنا عزا، مش بناخد عزا علشان تيجوا تعزونا.
لم تجب أي منهن، لكن صوت نحيبهن كانوا يعلوا، وعيونهن المتورمة دليلا علي حزنهن.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
كانت تستمع للأصوات بالخارج، تحرك قلبها، تيقنت أن هن من بالخارج من حديث أمها اللاذع، حركت جسدها، وكأن هذا هو السبب القوي الذي لم يستطع الطبيب تحديده، لتتحرك من فراشه بتعب، وقلة حيلة، مستندة علي الحائط تارة، تقع علي الأرض تارة، وتقف أخري، حتي وصلت أمام السلم، لتجد الأخريات تغادرن بحزن، أوقفتهن تلك الصرخة التي دوت في جميع أرجاء البيت.
عبلة بصياح: سمياااااا.
لتتبعها غلا ومروة تجاه السلم.
لقد كانت ملقاة علي الأرض، بعد أن سقطت من السلم.
غلا ببكاء: دي بتنزف، خالي بالله هاتلي الحاجات دي من اقرب صيدلية في اقرب وقت، بالله عليك بسرعة يا خالي.
سمية برجاء: والنبي انقذوا بنتي، والنبي.
مروة: لا إله إلا الله، ادعي ربنا يا طنط ربنا كبير، وغلا هتساعدها بإذن الله.
بدأت غلا تجري الإسعافات الأولية لها، لكونها طبيبة، بينما اتصلت مروة بالإسعاف، والتي أتت، بعد أن أنهت غلا إسعافها، لتأخذ الأخري إلي المستشفي، ومعها والدتها، وتبعتها غلا وأختها بصحبة خالهن.
"يُرسل الله لنا من يحذرنا من ارتكاب الذنب، يذكرنا بفعلتنا، ويحذرنا جزاء ما فعلنا، وأول منذر لنا، هي أنفسنا، ضمائرنا، تعمدنا إغماض أعيننا، تعمدنا رؤية النور الزائل، وإبعاد أنظارنا عن نور مقيم لا يقل ولا يختفي، فهل من مليم غيرنا؟!!"