الفصل (١٧)

433 26 1
                                    

كانت جالسة تضم ركبتيها إلي صدرها، ودموعها تنساب بغزارة، لا تدري بأي ذنب يُفعل بها هكذا، بينما تقف بجانبها تلك المرأة توبخها وتلقي عليها سموم لسانها.

سماح: إنتي يا أم شكل وحش، مفيش حد راضي بيكي، الطبيعي إن الواحدة هي اللي بترفض وتوافق علي مزاجها، إنما إيه! دلوقتي مفيش ولا راجل طايق شكلك دا، جاتك البلا.

أنفال بنحيب: الجواز دا نصيب، بتاع ربنا، مفيش حد بيتحكم فيه، ولما يجيلي نصيبي مفيش حد هيمنعه.

سماح وهي تحرك يدها علي رأسها بقسوة: طيب لما يبقي ييجي النصيب دا ياختي ابقي سلميلي عليه، وقومي شوفي الطيور مش عايزة اشوف خلقتك قاعدالي كدا.

ألقت كلماتها وخرجت، تاركة إياها في عالم آخر، تدعوا الله ودموعها تزداد وتنهمر، تتساءل ماذا وإن كانت والدتها من تفعل بها هكذا؟! فكيف سيراها الغرباء، ثم قامت مسرعة حينما سمعت صوت صياحها وكلماتها المؤذية من جديد.

أنفال لنفسها بدموع: يا رب صبرني يا رب، أرجوك أنا عشمي فيك كبير، عارفة إنك مش هتخذلني أبدا يا رب.

          ----------*----------*----------

في الجانب الآخر، كانت تتحرك هي وصديقتها في كافتيريا الجامعة.

هلا: أنا جعانة يا بت يا غلا، يا ريتني سمعت كلام أمي وأكلت.

غلا بتعجب: هلا، إنتي مش لسة واكلة اهه، في ايه يا بنتي؟!

هلا باشمئزاز مصطنع: أعوذ بالله يا جدع، اهو إنتي كدا، بصالي في الكام كيس بسكوت اللي اكلتهم!!

غلا: أيوة بردو هتاكلي تاني ولا ايه؟!

هلا: بصي يا لولي إنتي حبيبتي والله، هاكل بس واحدة بيتزا، قالتها وهي تشير بسبابتها.

غلا: ياختيييي، يلا، يلا يا هلا، يلا ياكش نخلص بقا.

هلا وهي تهز كتفها بطفوله: اخس عليكي يا غلا، بس يلا، لما اكل الأول هزعل منك.

غلا وهي ترفع إحدي حاجبيها: والله، طيب يا آخرة صبري يلا.

          ----------*----------*---------

كانت تقف وسط الطيور، فهي جليسها الوحيد بعد ربها، تحدثها، تُخرج ما بداخلها، تبكي معها دون أي حدود، تلتف حولها الطيور ببراءة، ويكأنها تسمع أنينها، تشاركها دموعها، تتحرك حولها ذهابًا وإيابًا، ملتقطة ما وُضع لها من طعام.

أنفال بمرارة وحزن دفين: ياااااااه، كنت شايفة الناس بتشتكي من مرات الأب، أما أنا بقا أمي اللي هي أمي، بتعمل اللي مش ممكن تعمله مرات الأب، الله يرحمك يا بابا، الله يرحمك ويسامحك، عارفة إن أمي للأسف هي اللي كانت موقعة بينك انت وعمي، رغم إن عمي محدش يزعل منه، خليتك مت وإنت زعلان منه، عملت فيهم اللي لا يعمل، الله يسامحك، إنت ليه مش اختارت صح، كنت ريحتني وريحت نفسك، حتي كنت من مرتاح، أهو إنت مت، وأنا فضلت في الهم، ليه مش أخدتني معاك، أهو يبقي أرحم من اللي أنا فيه.

حب في اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن