الفصل (٩)

428 28 1
                                    


#في المساء#
عبد الرؤوف: عامل ايه يا آسر يابني؟!
آسر: أنا بخير يا عمي والله الحمد لله.
عبد الرؤوف: دائما في حمد ونعمة يا رب.
كان جالسًا ينتظر تلك اللحظة، ينتظر كي يراها رؤيةً شرعيةً دون أن يغضب الله، فمن يحب، يخاف علي حبيبه من نفسه.
قاطع شروده حديث عمه عبد الرؤوف: تعالي يا احمد نقعد في الصالون هنا، ونادي اختك.
أحمد وهو يغمز لآسر بعينيه: حاضر يا أبي، اوعدنا يا رب.
عبد الرؤوف: يلا يا ولد اخلص.
*في غرفة البنات*
كانت تجول الغرفة ذهابا وإيابا، وسط انزعاج الأخريات.
هلا بعصبية: بت إنتي، لو مش هديتي أنا هقتلك، انتي عصبتيني.
ورد: بس يا هلا أنا كلمتك.
قاطعتهم سهر بطريقتها المعتادة: ورد ورد، أحل المشكلة دي ليكي؟!
ورد: إزاي بقا ياختي؟!
سهر: اقعدي انتي واهدي خالص، وانا هطلع أنا للجوازة دي، الجوازة دي عايزاني أنا أصلا.
قاطع حديثهن طرقات أحمد بطريقة مضحكة علي الباب.
نهي: تعالي يا أحمد ادخل.
أحمد وهو يعطي ذراعه لورد: بينا يا عروسة؟!
ورد: يا مامي لا.
أحمد بتعجب: يا مامي لا ايه؟! هو انا واخدك اعدمك؟!!! يلا يا بنتي بلاش طفولة.
ورد: يا أحمد أنا مكسوفة بجد.
أحمد: طيب بس تعالي دا أسر حتي عسول وكيوت، مش بيعض والله.
وكزته ورد في كتفه بخفة: مش تتريق بقا يا أحمد بالله عليك.
أحمد: خلاص حاضر، بس يلا بقا وإلا هتلاقي بابا جاي بنفسه ياخدك.
قامت ورد مسرعة، فهي تخجل من والدها بشدة.
أحمد: ما كان من بدري، مش شايفة سهر، تحسيها عايزة تمسك في دراعي هي والله، قومي يا بت ذاكري ولا اعملي حاجة.
سهر: مش هرد عليك علشان عندنا ضيف، واجري بقا قبل ما ترجع في كلامها.
كانت جالسة بخجل ملحوظ، تفرك أصابعها ببعضها، فقرر أن يقطع حبل الصمت هذا؛ ليفتح لها مجالا للحديث، فيقلل من توترها.
آسر: إزيك يا أستاذة ورد؟!
ورد: بخير الحمد لله.
آسر: لو في اي سؤال حابة تسأليه اتفضلي.
ورد بتوتر لم تنجح في إخفائه، لكنها تمالكت نفسها، فهذه حياتها، لا يجب عليها أن تستسلم لتوترها، بل يجب عليها أن تقوي وتستمد الشجاعة من نظرتها لمستقبلها وحياتها التي ستكتمل معه.
ورد: أخبار الصلاة، وعلاقة حضرتك بربنا إيه؟!
ابتسم آسر من توترها، وخجلها مجيبًا إياها:  مش هكذب عليكي، بالنسبة للصلاة فأنا الحمد لله مش بفوت فرض بفضل الله، أما علاقتي بربنا، فأنا بشر، اكيد بغلط كتير، لكني بقاوم، وبحارب نفسي وشيطاني قدر الإمكان، وربنا المستعان.
ورد: كلنا بنغلط، اهم شئ إننا نكون معترفين بغلطنا، ونقاوم شيطاننا زي ما حضرتك قلت، ثم أكملت تسأله سؤال جديد: بالنسبة لصلاة الفجر والقيام.
آسر متعجباً من سؤالها، فهي منذ ثوانٍ سألته عن الصلاة: الحمد لله، بحاول بقدر الإمكان إني مش أفوتهم يوم.
ورد، وقد لاحظت تعجبه من سؤالها: عارفة إن حضرتك متعجب إني سألت تاني عن نفس الشئ يعتبر (الصلاة)، بس عايزة اقول لحضرتك إن للأسف في ناس كتير بالنسبة ليهم الفجر مش من ضمن الفروض، حتي ولو كانوا بيصلوا باقي فروض اليوم في وقتها، والقيام مش فرض فمش بيحاولوا يجربوا لذته حتي.
أجابها مؤيدًا رأيها، متعجبًا من تمسكها بقيمها: ربنا يبارك فيكي، ويهدينا جميعا يا رب.
ورد: اللهم امين.
أكملت أسئلتها، وهو كذلك، حتي في آخر الجلسة طلبت منه أن تسأل سؤالاً آخر.
آسر: طبعا يا أستاذة ورد، اتفضلي.
ورد: أنا حابة أرتدي النقاب، فهل دا هيتعارض مع حضرتك؟!
آسر: طيب ممكن أسأل سبب رغبتك في لبسه؟!
ورد: لأن أنا نفسي أتستر عن عيون الناس كلها، ونفسي أقتدي لأمهات المؤمنين، وأنا كمان شايفة إن النقاب هيلزمني بأمور كتير، ومبادئ كتير أنا مش كنت بعرف التزم بيها، وبأذن الله يكون سبب يقربني من ربنا أكثر يعني.
آسر، وقد سره ما سمعه منها، فهو كان يتمني أن ترتدي النقاب، لكن ليس رغماً عنها، حتي لا ترتديه ظاهرا فقط، بل يرتديه قلبها، وعينيها، ترتديه أذنيها، يرتديه كل جسدها ابتغاء مرضاة ربها.
"النقاب: ليس مجرد قطعة قماش يتستر بها الوجه، بل هو ستار للقلب من كل دنس، ستار للعينين عن كل أجنبي، ستار للأذنين عن سماع كل قبيح، ستار للجسد عن ملامسة كل دنئ"
آسر: وأنا مش عندي أي مشكلة، أنا كنت أتمني الأمر دا، بس كنت حابب أعرف السبب، لأن النقاب حاليا بقي موضة للأسف.
ورد: ربنا يرحمنا يا رب.
تركته طالبة الإذن منادية والدها، وهي تجري بسرعة فسبحان من منحها قوة، لتصمد طيلة هذه الفترة.
*في غرفة البنات*
سهر وهي تري ورد تدلف الغرفة، وتلتقط أنفاسها بأريحية ويكأن هناك ما كان يمنعها من التقاطه.
سهر: هش هش، ايه دا؟! مالك يا رودي؟!
ورد: بس يا سهر، اسكتي خالص.
سهر: طيييب ياختي، هو صحيح من لقي أحبابه.
قاطعها دخول أحمد.
أحمد: ها يا وردتي، محتاجة تستفسري عن شئ تاني، نطلب من آسر رؤية تانية، قدامك فرصتين تانيين، براحتك خالص، مع اني شفتك عصرتي الراجل، بمجرد ما قلبك جمد نزلتي فيه أسئلة.
سهر: اوباا، دا اللي يشوفها وهي داخلة يقول انها معرفتش تنطق بحرف.
ورد: هيهيهيي ظريفة اوي.
أحمد: خليكي معايا أنا دلوقتي، سيبك من الظريفة، ها؟!!!
ورد: لا أنا سألت في كل حاجة عايزة أسأل فيها، ثم أكملت بصوت ويكأنها تخانقه: بس انا لسة هستخير.
رجع أحمد بجسده للخلف بخوف مصطنع: يا سااااتر، يا بنتي أنا بخاف، هو حد كان قالك حاجة.
حكت ورد بعفوية علي طريقة أخيها.
أحمد وهو يضرب كفًا بكف: لله الأمر من قبل ومن بعد.
*في الخارج*
عبد الرؤوف: ها يا أحمد؟!
أحمد: هي هتستخير يا أبي، قالت إنها سألت في كل اللي هي عايزاه.
ابتسم آسر متذكرا كثرة أسئلتها، فهي رغم خجلها تأبي التنازل عن مخططها.
عبد الرؤوف: خلاص يا آسر، انتي تسخير انت كمان، وإن شاء الله الخير يقدمه ربنا.
آسر: إن شاء الله يا عمي.
      ********************************
كانت تشعر بالراحة، تشعر بسكن هذا الغريب قلبها، لكنها مازالت مترددة، قد تكون خائفة من خوض تلك المعركة، فهي تفكر في غد، ذرية من بعدها، ما ذنبها إن ساء اختيارها.
قاطع شرودها صوت والدتها.
نهي: خير يا ورد، في ايه يا حبيبتي؟!
ورد: خير يا أمي، مش فيه حاجه.
نهي: طيب ايه رأيك في موضوع آسر؟! عايزين نرد عليه يا بنتي، بقالك اكتر من اسبوع، ومش عايزين نرهنه جنبنا.
ورد بتردد: مش عارفة يا أمي والله، انا خائفة اوي، وخايفة اني اتسرع واغلط، وفي الاخر اندم، أو يشيل الليلة اولادي بعد كدا إن شاء الله.
وضعت نهي يديها علي كتفي ابنتها بحنان: بصي يا ورد، إنتي خائفة من الاختيار نفسه، سواء كان أسر أو غيره، ودا غلط يا حبيبتي، التردد زيادة عن اللازم هيتقلب ضدك، إحنا في الوقت دا مش بإيدينا غير إننا نتبع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لما نصحنا وقالنا "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه"، وإنتي اللي بتحددي النقاط دي، اتطمنتي من ناحية الدين، والأخلاق، ومش بس كدا، كمان الطباع، هل تفكيره قريب من تفكيرك ولا كل واحد في وادي، اتطمنتي علي كدا، تستخيري ربنا وهو هيقدملك الخير.
ورد: أنا بصراحة عملت كدا يا أمي، ولما صليت استخارة، طول الفترة دي بستخير، حسيت احساس غريب ناحيته، حسيت براحه كدا، وإنه شخص منفرد عن باقي الرجال.
ضحكت نهي علي ابنتها: دا انت شكلك وقعتي كمان يا بنتي، وبتقولي مترددة؟!!
خجلت ورد: خلاص بقا يا أمي.
نهي: حاضر، خلاص اهه، بصي يا ورد طالما كدا في قبول وراحة، توكلي علي الله، كل الحياة بعد كدا بيكون ليكي دور كبير فيها، انتي لو زوجة صالحة وعارفة ربنا، هتشكلي البيت إنتي.
ورد: ربنا ييسر الحال يا رب، خلاص يا أمي أنا موافقة.
ابتسمت نهي بفرحة بالغة: الله ييسرلك امورك يا حبيبتي يا رب، هروح بقا ابلغ أبوكي، علشان يبقي يكلمه آسر.
ورد بخجل: تمام.
*في غرفة عبد الرؤوف*
عبد الرؤوف: ها، إيه الأخبار؟!
نهي: وافقت الحمد لله.
عبد الرؤوف: ربنا يبارك فيهم ويسعدهم يا رب، أنا هخلص اللي في إيدي، واكلم أسر اطمنه، دا قاعد علي نار.
ضحكت نهي: حقه والله.
تركته متجهة للمطبخ لإعداد الطعام.
#حب_في_الله
#سارة سامي

حب في اللهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن