🌹الفصل الرابع🌹

3K 111 5
                                    

الفصل الرابع
 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••☆
طاولة مستطيلة تمتد لعدة امتار تستقر بقاعة طعام ملكية تنتمي لعائلة المحمدي حيث يجلس الجد هاشم المحمدي مترأسا المائدة وقد استقر علي جانبيها بنيه واحفاده
عائلة أرستقراطية لها مكانتها المميزة بالبلد من حيث الثراء والأصل
ابن اكبر كان هو الرجل الثان من حيث متابعة أعمال العائلة التي تنتشر بأرجاء العالم متصدرة المراكز الأولى بالسيطرة على عدة مجالات اقلها البترول
-لقد جدد قاسم العقد بين شركتنا والشركات الاوروبية لتوريد الزهور
اومأ السيد هاشم معلنا عن سماعه ابنه ولم يتحدث؛ فهم يبلغونه ما لديهم كله وينتظرون قراراته او اعتراضه اذا ما وجد بعد انتهاء وجبته حين يجلس بمكتبه مناقشا اياهم بكل ما اخبروه به
- هل من جديد بشأن ما كلفتك به هاشم؟
- لا، لم اصل لشيء بعد عمي
خيبة امل احاطت به حين سمع رد ابن اخيه الذي كلفه منذ سنوات بالبحث عن زوجته واولاده الذين اختفوا منذ اكثر من عشرون عاما ولم يجدهم للان .
حانت منه التفاته ناحية جده الذي وجه اليه نظرة محذرة جعلته يخفض بصره بقلة حيلة فما الزمه به جده يؤرقه خاصة حين يري عمه يتعذب هكذا وليس باستطاعته فعل شيء
هاشم المحمدي الحفيد الاكبر لهاشم المحمدي شاب بأوائل الثلاثينيات من عمره، نسخة مصغرة من سميه فقد ورث الاسم والملامح الحادة، انف مدبب بشموخ واعين باللون الاسود الحالك تتوسط وجه بيضاوي محدد بذقن خفيف زادت من وسامته علاوة علي جسد رياضي بطول فارع وشخصية قوية تجعل الجميع يهابه خاصة انه يعتبر صاحب القرار بكل شيء خلفا لجده
-هاشم اتبعني حين تنتهي للمكتب
امر مباشر وجهه الجد قبل مغادرة المائدة
وقعت عيناه باعين جدته التي كانت تعاتبه بأعينها فلم يتحمل تلك النظرة ونهض يتبع جده لمكتبه تاركا خلفه قلوبا محترقة بعضهم بالشوق والاخر الخذلان
دلف للمكتب دون الحاجة للطرق علي الباب فجده هو من امر ولن يجرؤ احدهم علي الاقتراب من غرفة مكتبه غيره 
-جدي
-كيف حالهم هاشم ؟
-بخير جدي ولكن الي متي سنخفي امرهم عنه؟
-حتي يسأم الهيثم من السعي خلفهم هو الاخر
-انه شريكك وايضا الماضي انتهي وقد قبل بما حدث
تذمر هاشم من تعنت رجلا بسبب ثأر لم يتعمده عمه بل كان خارجا عن ارادته
-هو لا يحسبها بهذه الطريقة وايضا العهد الذي قطعته له يقيدني
-عهد؟!
وعي هاشم لما قاله لحفيده فاستعاد بروده الذي تركه للحظات حين شعر بالضعف فهو فرق بين ابنه واولاده لسنوات خوفا مما سيفعله الهيثم اذا ما وقعوا بيديه
-لا تشغل بالك والان ما الذي تم بخصوص العقد الجديد ؟
لم يستغرب تقلب مزاج جده فهو اعتاد عليه خاصة حين يتعلق الامر بالأعمال
-هناك اجتماع سيعقده ثائر وشاهين اليوم سيحدد ما اذا كنا سنحصل عليه اما لا
- حسنا سأنتظر تقريرك بالغد
اومأ وغادر الغرفة دون اضافة حرف اخر فلا مجال للجدال الان بشأن أي امر اخر
ما ان اغلق الباب حتى وجد جسد يصطدم به حتي كاد يقع ارضا فحاول ان يتوازن بإمساكه بمن صدمه
شهقة افاقته علي وضعه، واقفا علي مقربة من ابنة عمه وذراعه متشبث بخصرها لدرجة جعلت رأسها يغوص بصدره نظرا لفارق الطول
كتلة من الشعر الكستنائي يلتف حول جسد يكاد يكون لطفلة لا يصل طولها لكتفيه حتي، اعين واسعة بلون اسود خلاب، تتوسط وجه بيضاوي ذو بشرة خمرية صافية
ابعدها عنه واستعاد جديته بعد ان انتهي من تأملها وراح يؤنبها
-لماذا تركضين هكذا؟
ارتبكت وحاولت ان تخرج جملة مرتبة قدر المستطاع
-كنت احاول ان الحق بعادل
-لماذا؟
-كي يأخذني معه لزيارة عمتي عالية
-لا، فهو مشغول ولن يذهب ومرة اخرى لا تركضين فانت لم تعودي صغيرة
اغتاظت من طريقته فأحيانا يقول انها طفلة واخري يخبرها بانها لم تعد كذلك
ابتسم علي ملامحها الضجرة واكمل حديثه مغيظا اياها
- والان عودي لغرفتك يا كتلة الشعر انت
انصرفت وهي تدب بأرجلها بالأرض كالأطفال مما جعله يضحك علي شكلها حيث كان شعرها الذي تخطي خصرها بمسافة يتحرك بعشوائية مخفيا جسدها من الخلف جعل لقب كتلة الشعر هو الامثل لوصفها
 
تنهد مطولا حتي كاد يفرغ صدره من الهواء وراح يفكر فيما سيفعله فقد حان وقت الوفاء بالعهد حفاظا علي كل شيء فالهيثم لم يرتضي ثمنا لدم ابنه الذي اهدر غير امواله وايضا دما من نوع اخر يجب ان يقدمه كي ينتهي الامر ويحافظ علي عائلته
-متي ستخبره؟
عرف من هي دون ان يرفع رأسه الذي اسنده للخلف عله يرتاح قليلا مما يجول به
-سأسافر لها بنفسي عائشة
-وهل ستوافق ان تقدم هذا التنازل ؟
-لقد سبق وتنازلت ليس بالأمر الجديد

**************
  جناح ملكي هو ما حظت به حين وصلت للفندق الذي اوصلها اليه احد رجال الهيثم وحرص علي توصية مدير الفندق عليها واخباره بانها ضيفة شاهين الهيثم
رافقها المدير بنفسه للجناح الذي ما ان رأته حتي اتسعت حدقتيها من الذهول لفخامته وكادت ترفض لولا ان نهاها المدير عن ذلك معللا
-الفندق ملكا للسيد شاهين وكونك ضيفته فيجب ان تكوني بأفضل مكان به  
لم تجادل كثيرا واكتفت بشكره وراحت تتجول بالجناح الذي اقل  ما يقال عنه انه معرض فني مصغر بداية من الاثاث المصنوع بحرفية مرورا باللوح الزيتية المعلقة التي تجعلك تشك بانها اصلية لا نسخة مقلدة نهاية بالأرضيات الرخامية التي اجزمت انها رات مثيلتها   بالقصر الملكي
انتهت من تجولها وقررت ان ترخي اعصابها بحمام دافئ قبل الخلود للنوم قليلا قبل البدء بجولة بأرجاء المدينة
اكثر من خمس وعشرون عاما مروا منذ التقت به لأول مرة حينها كانت شابة لم تبلغ السابعة عشر ،غادة حسناء كما كان يحب ان يداعبها ،ساعات كان يقضيها يتغزل بأعينها البنيتين وشعرها الاسود الذي كان يضاهي الليالي غير المقمرة حلكة
احبته وغرقت ولم تجد لها منقذا قبلت به ورحب به اخيها حين رفضه الجميع كما اخبرها
تزوجته ورزقت منه بطفلين كان خالد البكري وتبعته عالية باقل من ثلاث اعوام خمس سنوات كان عمر زواجهم ،وعمر سعادتها التي انتهت باتصال والده به وطلبه عودته
ايام عاشتها بقلق ينخر بها حتي عودته التي كانت بداية النهاية
قرار بزواجه هو سك الغفران الذي يطلبه والده كي يعود مرضيا عليه..... اعتقدت ان الامر لن يشغله ولن يفكر به اساسا لكنه صدمها حين أخبرها بموافقته وان الأمر يصب بمصلحتهم
ثارت حين شعرت برضوخه لرغبه ابيه واستعداده لإشراك امرأة أخرى به لم تقبل حتى النقاش بالأمر... رفضت فكبريائها يأبى ذلك وقلبها ينزف من انكساره
-اما هم أو انا عادل
تركت المنزل علها تهدأ وتعطيه الفرصة لاتخاذ قراره.... ظنت انها تضغط عليه بابتعادها فكان الجرح من نصيبها هي.... تركها وعاد لوالده وحين اتصلت للسؤال عنه وجدته يزف لعروسه الجديدة
بقلب ملكوم جمعت أغراضها واصطحبت صغيريها وسافرت بعيدا فهي لن تقبل الشراكة ابدا وان كان هو قد نسي ما بينهما ففراق ابناؤه سيذكره بعهد قطعه ولم يوف به
-لن يكون بقلبي غيرك رقيقتي
تنهدت ببطء وهي تتذكر ما حدث كأنه البارحة فلا قلبها شفي من جرحه ولا شوقه لها قل بمرور السنوات

************
يتبع.....

رواية(  بين مخالب الصقور)للكاتبة/ أيمان المغازىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن