الرابع والعشرون
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••☆
عاد من مزرعته كي يباشر بعض الأعمال التي تطلبت حضوره شخصيا فقرر ان يعود بالمساء ويبيت بالقصر ويعرج على شركته بالصباح ويعود من حيث جاء مرة أخرى
هدوء عم جميع القصر حين وصوله فأراحه ذلك، اتجه صاعدا لجناحه حين غزى سمعه لحنه المفضل يتصاعد من كمان تعزف عليه أنامل موهوبة، اتبع اللحن حتى وصل إلى بباب الغرفة الملاصقة لغرفته، تسلل للداخل دون اصدار صوتا يجذب الانتباه اليه، امسك أنفاسه للحظات مأخوذا بالمشهد امامه
فاتنة بثوب حريري قصير لم يصل لركبتيها، حملات رقيقة تمنعه من السقوط ارتاحت على كتفيها الرقيقة الناصعة التي ناقضت سواد ثوبها فأظهرت جمالها، تطايرت خصلاتها بفعل النسيم الذي تسلل من الشرفة خلفها فجعلها كحورية تعزف على كمان بأصابع محترفة تنم عن موهبة عززتها دراسة للموسيقى لسنوات
انهت لحنها وراحت تفتح اعينها على واقعها الذي تعود اليه ما أن تنتهي من عزفها، اختلفت الصورة عن كل مرة تفيق بها من نشوة عزفها فقد وجدت أمامها ما جعل واقعها أجمل بكثير من خيالها
واقفا بشموخ وقد اتشح بالسواد مما زاده هيبة، عمامة التفت حول راسه جعلته كأحد فرسان العرب القدامى الذين كانت تقرأ عنهم دائما مما جعلها تتمن لو يبقى أمامها بهيئته تلك دائما
-هل انتهيت من تأملك؟
افاقت على سؤاله فقطعت تفحصها له واخفضت بصرها تداري خجلها الذي ظهر جليا بوجنتيها التي اكتست باللون الوردي
-يبدو أن جاريتي متعددة المواهب
جرحها بكلمته فصمتت دون رد عله يرحل ما أن ينهي ما جاء ليقوله
شهقت بقوة حين امتدت اصابعه لأسفل ذقنها ترفع راسها بمستوى بصره
-لما لم تجيبي سؤالي؟
-ببساطة لأنني لست جاريتك
أعجبه جراتها فقرر ان يسايرها قليلا
-ومن انت اذا؟
-زوجتك
-يبدو أنك صدقت تلك الكذبة ويجب أن اجعلك تفيقي منها
ظل يقترب وهي تتراجع حتى سقطت على الفراش خلفها فانحني مقربا وجهه منها قاصدا اخافتها
-لما انت خائفة زوجتي؟
لم تقو على اجابته فقربه الشديد شتت فكرها وجعل قلبها يقرع كطبول الحرب
استمتع باضطرابها تحته فتمادي بلعبته قليلا حتى اقترب من شفتيها حتى كاد يلامسها بخاصته وراح يهمس لها بما أراد أن يقوله
-ما رأيك الان هل مازالت زوجتي ام جاريتي؟
رغم ضعفها بهذه اللحظة الا انها لم تكن لتقبل بالإهانة خاصة منه هو فجاء ردها قاطعا
-زوجتك
ارتفع بصره من شفتيها لأعينها التي التمعت بتحد غريب رغم ارتعاش جسدها خوفا منه فأسرته عيناها ولم يشعر بنفسه الا وهو يقبلها
انتهك عذرية شفتيها بشفتيه فكانت القبلة الأولى لكليهما، هدمت كل حصونهم وانهارت معها مقاومتها، عذرية تحلى بها كليهما فكانت كقطبي المغناطيس الذي جذبهم لبعضهم اكثر، راحت انامله تعزف على أوتار قلبها البريء مذيبه جليده بحرارة مشاعر لم تمر عليهم من قبل
اقتحام سافر قام به كليهما لحياة الاخر تاركا أثرا لا يمكن أن يزيله أحدهم وان حاولوا بكل قوتهم فاتحادهم كان بداية لحياة زرعت بذرتها بلحظة ضعف من جانبه ولحظة انهيار من جانبها
غادرها وهو لا يعلم اهو من انتهك عذريتها وكسر كبريائها ام هي من هدمت جبال الغضب بقلبه وزرعت بذور مشاعر لم يختبرها من قبل
انتظرت ان يعود لها، انتظرت ان ينفي لها ما سبق وقاله بكونها جارية لكنه غادر ولم يعود مرة أخرى كجارية اتاها سيدها وحين انتهى غادر لمملكته تاركا اياها خلفه مما جعلها تتمنى لو لم تسلم له، ولم تجعله يعاقبها بهذه الطريقة القاسية فنامت ليلتها وعينها تنزف دموعها حزنا على جسدها الذي انتهكه زوجها كأنه لغانية بسوق الرقيق
***********
بشوق قابلته كما وعدت بعد انتهاء زفاف شقيقته، اخفت عنه صلتها بعائلة الهيثم كي لا ينفر منها ويبتعد قبل حتى أن يقترب، قررت أن تلعب بناء على قواعدها هي حتى يحين الوقت الذي ستخبره به بكل شيء
-بلقيس، من أين ظهرتي لي؟
-من كتب الحكايات
احب كل ما بها، عفويتها التي اوقعته بغرامها، جراتها التي اوصلتها له وجمالها الذي سحره حين وقع بصره عليها
ما أن وصل للمكان الذي ذكره من ارسل اليه مقطع مصورا لشقيقته وابن المحمدي جالسين بأحد المطاعم كأنهم عاشقين حتى انتفض مسرعا كي يصل ويتأكد من الأمر بنفسه متوعدا اياهم بالويل اذا ما صدق ما وصله
دار بأعينه بالمكان حتى استقرت على طاولة منعزلة قليلا حيث شقيقته جالسة بجوار ابن المحمدي الذي كان يداعب اصابعها بيده فاشتعلت عيناه غضبا يكاد يحرق من يتجرا ويقف بطريقه بهذه اللحظة
فاجأته لكمة اردته ارضا لم يعلم مصدرها حتى سمع صوت حبيبته تترجى هامة طويلة استقرت أمامه
-ابتعد عن شقيقتي يا بن المحمدي
شقيقته؟ حاول عقله ان يستعيد وعيه وما هي الا ثوان حتى فطن لما قاله شاهين الهيثم اذا هي ابنه الهيثم؟ لذلك لم تخبره باسمها كاملا خشية ان يعرف انها اخت زوج شقيقته وحفيدة الرجل الذي أحال حياتهم جحيم
-صدقني لم أكن أعلم انها شقيقتك ولو علمت لما نظرت لها من الأساس
تعالت شهقاتها حين علمت ان ما سعت لبنائه بشهور هدمه أخيها بلحظات ولن يقام ثانية مهما حاولت
-لا يهمني ما تقوله وان حدث وعلمت انك اقتربت منها ستكون نهايتك
انهي تهديده وجر شقيقته خلفه كالطفل الذي امسك بالجرم المشهود وهو ما فعلته، فتوددها لابن المحمدي لن يغفر بسهولة
**********
شعور بالذنب اجتاحهم حين رأوا معاملة ثائر لزوجته التي تركها وحدها منذ زواجها ولم يفكر حتى بالسؤال عنها
-لقد شاركنا بانتقام والدك قاسم
-ما الذي تقولينه سارة؟!
هتفت به بحنق
-اقول ما كان يجب أن تسمعه منذ زمن قاسم فحرصك على سمعة أخيك اودت بحياة العديدين
استنكر اتهامها له فراح ينفي ما وصمته به
-لم يفقد احد حياته بسبب ما اخفيته سارة
-بل فقد، عادل فقد حياته بعيدا عن أولاده وتحمل وزر أخيك وتزوج بشقيقة فاطمة وابنته تدفع الان الثمن الذي طلبه والدك ليعفو عن عائلتها بالكامل
-وما الذي انتظرته مني أن أخبر والدي بما اخفيته؟
-بالطبع
-هل اردت مني ان اشوه سمعة شقيقي؟!
-شقيقك هو من دمر سمعته حين اغوي فتاه وسلبها شرفها وتركها تواجه مصيرها
شقيقك هو من انكر فعلته مما اضطر الفتاة لقتل نفسها كي تجنب أهلها وصمة ما فعلته
شقيقك هو من تسبب بهجوم شقيقها عليه وقتله
حقائق حاول أن ينساها منذ زمن ظنا منه أن احدا لن يعلم بما فعله شقيقه وان الأمر انتهى بوفاته، حاول أن يعوض زوجته عن ما عانته معه فتزوجها واحسن عشرتها كي يكفر عن ذنب أخيه، لكن ما لم يضعه بحسبانه هو ابيه الذي انتقم بالبطيء من عادل ظنا منه انه هو من بدأ بمشاجرة أبناء القاسم مما تسبب بهجومهم على مزرعتهم بتلك الليلة
صوت ارتطام قوي وصراخ عالية جعلهم يسرعون للخارج لمعرفة سبب هذه الأصوات
ما أن فتحوا باب جناحهم حتى وجدوا الهيثم ملقي على الأرض وعالية تحاول أن تجعله يفيق فعلموا انه سمع كل شيء وان ما اخفاه قاسم لسنوات ظهر للعلن بأسوأ الطرق
***********
هرب لمزرعته مبتعدا عن سحر غوايتها فهي بدقائق قليلة قضاها بصحبتها سلمها نفسه دون شعور منه فهرب قبل ان تسرق قلبه أيضا، خطرت بباله شقيقتها التي سبق وشغلت باله لفترة ظن بها انه عشقها ولكن كم كان مخطئا فهو تقابل معها اكثر من مرة لم يتمن بها ان يقبلها كما فعل مع زوجته التي ما أن وقع نظره على زيتونيتها حتي دعي ان يتيه بهم للأبد
فغادر ليلتها كي يسترجع قوته التي لطالما استمدها من صحراء أرضه الممتدة على مرمي البصر
كذبة عاشها لسنوات بفعل ابناءه فاحدهم خدعه بادعائه علي شاب بريء والاخر اخفي عنه حقيقة الامر مما جعله كالصقر الذي شاب وضعف بصره فلم تعد الحياة لها قيمة لديه
حاولت ضبط ضغطه الذي ارتفع فجأة دون سبب واضح فأرجعت الامر لتعرضه لصدمة ما ساعد كبر سنه علي تطور حالته بسببها
-هل هناك حاجة لنقله للمشفى ؟
-لا، فقد انخفض ضغطه سنتركه يرتاح قليلا
لام نفسه علي ما حدث لوالده ولكن ليس بيده شيء فهو لن يستطيع ان يرجع الزمن حتي يثني اخاه عن خطأه او ينصح والده بعدم معاقبة عادل علي ذنب اخيه
************
خدعة لم يصدقها عقله للان كيف لها ان تخفي عليه امر كهذا؟ كيف لها ان تجعله يواجه غضب اخيها وهو لا يعلم صلتها به من الاساس ؟! خدعة لن يسامحها عليها فيبدو ان الخداع يسري بدمائهم جميعا
لام قلبه الذي نبض لها رغما عنه خاصة حين قرأ اسمها الذي اضاء شاشة هاتفه بهذه اللحظة فتردد هل يجيبها ام يتجاهل اتصالها
-ماذا لديك الان يا ابنة الهيثم
تعالت شهقاتها حين سمعت نبرته القاسية التي اعلمتها انه لن يسامحها بسهولة علي كذبتها
-خالد صدقني خفت ان اخبرك فترفض ان تحادثني
-علي الاقل لن اشعر بالخداع
-لقد احببتك قبل ان اعلم من انت صدقني
-لن يفيد تصديقي لك من عدمه فقصتنا محكوم عليها بالفشل بلقيس، لذلك انسيني كما سأسعي لنسيانك
لم يعطها الفرصة لتجيبه فقد اصدر الحكم وعليهم الانصياع له كي لا يخسروا اكثر مما سبق وخسروه
****************
سافرت وتركته مما اشعره بالفراغ مرة اخرى، عشق استبد به لسنوات وتجدد حين عادت اليه، حاول ان يعدل قدر المستطاع لكن قلبه مال منذ زمن ولم يتبق به مكان لغيرها، فضحت اعينه التي فقدت لمعتها منذ سفرها حاله
-دار اعينك يا بني فهي تفضح عشقك
ابتسم بخجل علي تعليق والدته التي تفهمهم جميعهم من أعينهم لدرجة انها تعلم ما يخفوه بمجرد نظرة واحدة لوجوههم
-لتلك الدرجة تعشق والدتي رغم زواجك باخري؟
- واكثر ماهي، فرقية قبلت بي حين نبذني الجميع ورضت بي منفردا متحدية قرار والدها الذي رضخ بعد ذلك محققا امنيتها بالزواج مني وهو راض
-وماذا عن عمتي صفية؟
- صفية تحملت ايضا الكثير فيكفي انها قبلت برجل قلبه ملك اخرى ولم تشكو يوما
ابتسمت ماهي حين سمعت كلام والدها الذي استطاع ان يجمع بين حب حياته وحب العشرة بقلبه رغم افتضاح عشقه لوالدتها الا انه لم يقصر بحق زوجته الاخرى
- هل تظني انه سيخبرها قريبا؟
ضحكت جدتها حين فطنت لما تلمح به حفيدتها التي كشفت هي الأخرى سر ابن عمها الهائم بصغيرته
- يبدو انك ورثت موهبة جدتك
جال بخاطرها جملة واحدة (اه لو تعلمين، جدتي) فهي كانت كالعمياء لم تر الحب وهو مقابلها لسنوات طوال، فادم كان عاشق ولهان هذا ما اكتشفته حين راقبت حركات هاشم ونظراته التي تحاوط اختها، كم تشابهت نظراته بنظرات ابن خالها الذي كانت كل مواقفه تنبض عشقا لم تستشعره هي مرات عدة ارتمت بأحضانه تحتمي به فلم يشعرها غير بالأمان، لم يحاول ان يستغل قربها كأنه يحافظ عليها من نفسه، حب عذري حظت به لسنوات لكنها كانت ذات قلب اعمي لم يري عشقه ومازال لا يقبل به
الفصل الخامس والعشرون
تفاجئ حين عاد فور علمه بمرض جده بوجودها بجواره تطببه بنفسها متناسية انه هو السبب بوجودها هنا وهو ايضا من اجبرها علي الزواج منه
-كيف حاله؟
- بخير لقد تحسن كثيرا عن السابق
لم يزد بالكلام رغم شوقه لها الا انه اكتفي بهذه الاسئلة وغادر الجناح كي يرتاح قليلا حتي يستيقظ جده ويطمئن عليه بنفسه
اشتاقت له كثيرا رغم معاملته الجافة لها وما سبق وفعله معها واهانته لها، لا تعلم متي تعلقت به ولكن كل ما تعرفه انها فعلت ما وعدت نفسها به منذ زمن انها ستهب قلبها لزوجها فقط وقد خانها قلبها ونفذ وعدها رغم علمه بانه ليس ما تمنت لكنه لم يفرق وسقط صريعا لغرام لا تعلم ما سيوصلها اليه
***************
يتبع...
أنت تقرأ
رواية( بين مخالب الصقور)للكاتبة/ أيمان المغازى
Actionرغم الليل الذي اسدل ستاره علي البسيطة واستكانت جميع مخلوقات البارئ الا انه لم يستكين، راح يشق سكون الليل بصوت اقدام فرسه العربي وهو يضرب الرمال من تحته مخترقا سكون الليل بصهيله فارس ملثم بالسواد فلم يري منه غير اعين حادة كصقر ذاوي بين حاجبيه صحر...