الحادي والعشرون
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••☆
انقلب عالمها بلحظة بسبب قرار لم يوافق احدهم عليه، فوالدتها رفضت ان تضحي ابنتها من أجل أناس ما زالت متأكدة انهم اوقعوا بها و بأبنائها، اما شقيقها فقد استنكر الخضوع لحكم قبائلي ينص على إنهاء ثأر لا يد لهم به بهذه الطريقة
وشقيقتها اختفت كعادتها بعد رفضها لما يحدث واستنكارها لموقف جدها السلبي تجاه الموقف برمته جعلها ترفض البقاء بمكان واحد معه
جهزت حقائبها واستعدت للمغادرة فقد كانت حمقاء حين صدقت محبتهم الزائفة تلك خاصة ضرتها التي اضمرت الشر لها ولبناتها من البداية فلملمت حاجاتها واستعدت للمغادرة
اقتحم الغرفة كالثور الهائج فهو لن يقبل بمغادرتها ثانية فيكفيه ما عاناه لسنوات
- لن ترحلي رقية
- ومن سيمنعني؟
- انا
- لن تستطيع ان تفعل عادل فبالماضي ضحيت من اجلك واليوم سأضحي بك
خفف قبضته التي كانت ممسكة بذراعها بتملك منذ لحظات حين سمع قولها الذي احزنه
- نعم، عادل ففي الماضي خفت عليك من بطش الهيثم واعتقدت ان بعدنا سيمنعه من اذيتك اما اليوم فأنا احمي ابنتي التي ستتحمل وزر ليس لها
- صدقيني لم اكن اعلم بذلك
- اذا امنعه
- لا استطيع فتلك احكام لا طاقة لنا بردها
- اذا ستسلم ابنتك لابن الهيثم بيديك؟!
تنهد بنفاذ صبر واسرع بمغادرة الغرفة وهو يتحدث بصوت جهوري
- لن افعل، لن اتركه يفعل بنا ذلك
سمعوا جميعا صراخه الذي ملأ القصر فخرج الجميع كي يروا سبب ثورة عادل المحمدي التي نادرا ما خرج عن طوره وعلا صوته
علموا انه فاض به مما يحدث فهو تحمل فوق طاقته ولا احد يعلم كيف تحمل كل هذا
اسرع هاشم لتهدئة عمه
- اهدأ عمي ارجوك
- لن افعل يكفيني ما مروا به
غضب استبد به وضاق به صدره كيف يسلم ابنته للهيثم بنفسه بعد كل ما فعله ؟! لما يعاقب علي ما لم يفعله
-لا تقلق والدي فأنا من اختارت طريقها
- عالية !
ابتسمت بحنو لوالدها وهي تتأبط ذراعيه معلنة عن خوضها مناقشة معه ستحاول ان تربح بها موافقته
-والان هلا تحدثنا بعقلانية
-والدتك تتهمني بالضعف عالية
- بالطبع هي لم تقصد ذلك هي فقط قلقة بشأني
حاولت طمأنة والدها وتهدئة والدتها التي مازالت مصممة علي موقفها كونهم اوقعوا بهم فقط لينجدوا ابنتهم الصغيرة من براثن الهيثم
- ليس صحيحا امي فهو لم يقبل بها من البداية
استدعت كل الحجج المكنة حتي اقنعت والدتها اخيرا بالأمر وبقي شقيقيها الذين غادرا ولم يعودا للان
استعدت كما تفعل كل عروس وجهزت كل ما ستحتاجه وارسلته لقصر الهيثم قبل الزفاف بأيام قلائل، اتصلت بخالها الذي ما أن علم بما يحدث حتي حاول أن يثنيها عن قرارها فرفضت ان تتراجع رغم وعده لها بأن يقف بجانبها ويأمن شقيقها لكنها لم تفعل ذلك من أجل شقيقها بل والدها الذي عان بما يكفي وما زال فهو يرفض ان يتحدث مع أحدهم وانزوي بجناحه رافضا الخروج منذ ايام
*************
أبلغه والده بزواج عالية الذي صدمه كثيرا، فهو لم يتوقع ان تتزوج فور عودتها لموطنها بهذا الشكل
علم التفاصيل كاملة فأحس بحاجة صغيرته له، فتناسي غضبه وقرر ان يذهب لها بنفسه كي يكون بجوارها كاخ كما كانت تخبره
-سأسافر بالغد ابي
-وانا سألحق بك حين عودتي من باريس
انتفض قلبه فرحا لرؤية مستعمرته التي حاول أن ينساها ولم يفلح فتنقله بين النساء لم ينسه عشقها ولا مشاركته الفراش لغيرها انسته حبها العذري
*************
رحلات يومية يقوم بها شاهين الهيثم كأنه قرر فجأة ان يتابع شركاته يوميا دون كلل، أصبحت علاقتهم اكثر جدية وربما فظاظة من ناحيته لها فهو منذ علم انها ابنة عادل المحمدي استعر غضبه وأصبح يصب جامه عليها حتى صار يصرخ بها بعض الأحيان حين تتأخر رحلته لسبب او اخر كأنها مسئولة عن الأحوال الجوية متناسيا انها مساعد الطيار وكل عملها ينحصر بمساعدة الكابتن بالرحلة!
اخرهم رحلة رافقته بها احدي زوجاته والتي راحت تتذمر من تقلبات الجو التي اصابتها بتشنجات وراحت تكيل لها الإهانات بحجة انها فاشلة بمتابعة عملها وحين اخبرتها انها مجرد مساعد طيار كان ردها صادم
-انت المسئولة عن اعطاؤه الارشادات وربما لم تستطيعي قراءتها
لم تعقب فادعاء تلك السيدة العلم بكل شيء لدرجة ان تعطي رأيها بعمل كابتن درست بأفضل جامعات العالم جعلها تنتقم علي طريقتها برحلة العودة حين طلبت من الكابتن ان يساعدها بالانتقام وادعوا ان عاصفة مفاجئة ستعترض طريقهم وان هناك احتمال ان يواجهوا بعض المشاكل
وقد خدمهم بالفعل سوء الاحوال الجوية بادعائهم لدرجة ان السيدة المبجلة لم تتحمل التخبطات وراحت تصرخ كالمجنونة
-سنموت، سنموت ولن يجدوا لن رفات لدفنها
ظلت تستمع لصرخاتها لمدة لا تقل عن ربع ساعة وهي تكاد يغمي عليها من كثرة الضحك هي والكابتن
ما ان استقر وضع الطائرة اسرعت لتري حال ضحيتها التي وجدتها بحال يرثي لها فقد بعثر شعرها حولها بفوضوية وخربت زينتها من اثر دموعها ولم يخلو الامر من حالة الاغماء التي تبعت استقرار الوضع
لم تشعر بأعين الصقر التي كادت تخترقها من شدة غضبها وهو يتجه صوب زوجته كي يعينها علي ضبط نفسها وهو يتوعد ماهي بالعقاب فالاضطرابات التي حدثت لم ترقي لمستوي التحذير من هبوط اضطراري كما سبق واعلنت
-لن امررها لك
لم تلق بالا لما اخبرها به فهي لن تدع احدهم يهزأ بها دون رد اعتبار بلحظتها فهي ليست بضعيفة ابدا
*********
وصل اخيرا للمطار بعد رحلة طويلة بالطائرة من لندن حتي وصل لبلدة محبوبته التي تمني ان يراها قريبا فقد طال شوقه لها، لم يحاول الاتصال بها وانتظر ان يفاجئها بحضوره
اتصل بابن عمته يعلمه بوصول طائرته ويطلب منه ان يقله من المطار بأسرع وقت وانه سينتظره بقاعة الوصول حتي يأتي، اغلق هاتفه وجلس بأحد الكراسي بصالة الوصول لحين وصول خالد
اسرعت بمغادرة الطائرة كي لا تكون مضطرة لسماع اي كلمة من تلك السيدة الغريبة التي يعلم الله سبب زواجه منها فرغم جمالها فقد حباها الله غباء منقطع النظير
ما ان خطت بقدميها داخل صالة الوصول حتي سمعت نداء من خلفها جعل قلبها يتراقص من السعادة فاستدارت ناحية الصوت فوجدته منقذها الدائم
-ادم!
هتفت بسعادة غير عابئة بالأعين التي سلطت عليها واسرعت بألقاء نفسها بأحضانه فاسرع بالتقاطها بذراعيه ورفعها عن الارض بدورة كاملة وهو يتنفس عبقها الذي حرم منها لأيام طوال
- اشتقت لك صغيرتي
- وانا ايضا دومي
هدر قلبه بعنف من قربها الذي اشتاق اليه وزادت نبضاته قوة حين سمع تدليله الذي لا يسمعه غير منها هي
- لما لم تتصل بي؟
- اردت مفاجئتك
- ويا لها من مفاجئة
نسيا العالم من حولهم وراحوا يتبادلون الاحاديث التي حرموا منها لأيام طوال لم يسبق وعانوا مثلها غير دارين عن الاعين التي كادت تحرقهم بداية من عناقهم وانتهاء بتشابك ايديهم وجلستهم التي تقول الكثير عما يعنونه لبعضهم
***************
تجرأ اخيرا واتصل بمعجبته المجهولة عله يهرب مما يجول حوله معها، راح يشكو لها ما به حين علم انها تدري بما حدث وهو ما استغربه لدرجة انه شك انها إحدى بنات عمته لكنها نفت ذلك وكل ما صرحت به انها قريبة لاحدي شقيقاته وقد اخبرتها بالأمر
حاولت أن تهون عليه الأمور وتخبره ان تلك هي عاداتهم التي لا مفر منها وانه حين يحكم الكبار لا مفر من تنفيذ حكمهم
-وما ذنب شقيقتي بكل هذا؟
-ربما كان خيرا فمما أعلمه ان ثائر الهيثم شاب ملتزم وكم من امرأة تتمناه
-لكنه يظن ان والدي تسبب بمقتل والده
-لن يظلمها فهذا قانون لن يستطيع أن يخرج عنه
حاول أن يصدق حديثها فهي اعلم منه بعادات تلك البلد و احكامها العرفية مما جعله يتجرأ ويطلب مقابلتها فرفضت متعللة بأن موعد اللقاء لم يحن بعد
**********
*******
أرهق فرسه من كثره ركضه بالصحراء، كيف وصل لهنا؟!، أهذا ما كان يخطط له جده؟!، ان يتزوج من ابنه رجل كان سببا في مقتل والده؟ ومطالب منه أن يهب له حفيد يسميه باسم والده؟
نفد شقيقه من مقصلة جده حين رفض الاشتراك بها معللا الامر برفضه التقيد بزواج مع امرأة والدها كان سببا بمقتل ابيهم
استقر الهيثم بقدميه على كتف صاحبه الذي راح يداعب ريشه بأنامله متذكرا صاحبة الأعين العسلية التي كادت تعصف بكيانه لولا انه استفاق على واقع انها ابنه عدوه فذهب انبهاره بها بمهب الرياح
أراح اعينه قليلا مفكرا بما سيفعله بتلك اللعنة التي ستخترق حياته لمدة من الزمن، فبقية انتقام الهيثم لم يعلنه الا لمن تحمل وطأة الثأر والذي لم يكن احدا غيره !
صدق حدثه بأن القدر جمعهم من البداية لخطة كشفت الان خطواتها فهي بيدق بلعبة جده اما هو فحصان سيطيح بها
****************
حجزت له غرفة بنفس الفندق الذي تقيم به لحين سفره وقد حالفهم الحظ بوجود غرفة بنفس الطابق الذي تقيم به
-ما رأيك؟
- رائعة
- لما ارتبطت بسالي ادم؟
باغتته بسؤالها فاستغرب معرفتها بما فعله بغيابها
- من اخبرك بذلك؟
- هي اخبرتني حين اتصلت بك
دهش حين سمع ما قالته فسالي لم تخبره عن اتصالها هذا !
- اتصلت بي؟!
- نعم، حين ارسلت لك صورة الهيثم
استعرت غيرته كالنيران رغم غضبه من سالي التي اخفت اتصالها لكنه لم يشأ ان يبين لها ذلك
- اه
- ماذا؟
- لقد كانت مرحلة وانتهت لم ارتح لعلاقتنا
صدمها قوله فلطالما تباهي ادم بإخلاصه لزوجته المستقبلية التي لن يسمح لنفسه بخيانتها
- ادم ؟!وماذا عن زوجتك المنشودة
- لن تخبريها عن الينا وسالي
- الينا؟!
ضرب جبهته حين وعي لما قاله فحاول ان يصلح الامر
-اعتذر صغيرتي فقد كانت هفوة
- امرأتان بشهر واحد وتقول هفوة سيد ادم لقد تغلبت علي الشيخ شاهين
اغتاظ من تشبيهها له بذلك الصقر المزواج الذي بشك انها واقعة بغرامه
- هذا لم يمنع النساء من الوقوع بغرامه
- لان معشر النساء اغبياء دكتوري
ابتسم رغم وجع قلبه فهو لم يقرر بعد متي سيخبرها بهيامه بها فهو سينتظر مرور الزفاف وحينها سيقرر ما سيفعله معها كي ينهي عذابه هذا اما ان تتقبله واما ترفضه
ثارت ثائرته حين راي ملابسها التي استقرت بجوار ملابسه بغرفة الملابس، احتلت اثوابها جزءا كبيرا من الغرفة بالإضافة إلى احذيتها وحقائبها أيضا فرح يلقى بما تطاله يده بالأرض وهو يصرخ بالخدم الذين اسرعوا ناحية الجناح تلبية لاستدعاء سيدهم
-ازيلوا كل هذه القمامة والقوها بإحدى غرف القصر
-لكنها تخص زوجتك، سيدي
-نفذ ما قلته ولا دخل لك بالأمر
اطاع الخدم طلبه من فورهم وراحوا ينقلون جميع أغراض السيدة لغرفة أخرى تجاور غرفة بلقيس التي خرجت على أصوات الخدم التي ايقظتها فوجدتهم يقومون بنقل أغراض عالية خارجا من جناح اخيها
-ما الذي يحدث هنا؟
-ننفذ أوامر السيد ثائر
-هو من أمركم بنقل أغراض زوجته؟
اومأ الخدم فغضبت بلقيس من فعل أخيها وقصدت جناح والدتها كي تشكي لها ما فعله ابنها
-يبدو أن ابنك يضمر شرا لزوجته
-وما الذي جعلك تقولين ذلك ؟!
حكت لها ما رأته وما أخبرها به الخدم فتجهم وجه والدتها وحاولت ان تطمئنها قبل أن تطمئن نفسها وحثتها على تجاهل الأمر
زواج فرض عليه بأوامر جده لن يكون سهلا ان يتقبله خاصة انه هو الشيخ ثائر الهيثم الذي يأتمر بأمره عوائل يتزوج بأمر مباشر ليس أمرا يسيرا
لم يتناقش أحدا معهم بشأن هذا الزواج فقد اعطي الهيثم الأمر ونفذوا جميعهم دون مناقشة، رغم شكوكها هي وزوجها الا انها لم تجرؤ على الاعتراض ممنية نفسها انها لن تدع ابنها يظلم ابنة المحمدي وتحاول ان تعوضها قليلا مما عانته بسبب عمها
**************
ضايقه حزن صغيرته التي انطفأت ضحكتها التي لطالما انطلقت بأرجاء القصر، خفت تحركاتها ولم تعد تتنقل هنا وهناك محدثة ضجة حولها كما اعتادت
-ما بال كرة الشعر صامتة؟
-حزينة هاشم
-لما؟
-لم أكد افرح بإخوتي وها انا سأحرم منهم
-لن يحدث
-حقا؟
-حقا
عبست ثانية وهي تعتقد انه يسايرها فقط كي لا تحزن
-لكن ماهي غادرت وترفض العودة لهنا
-وهل رفضت ان تحادثك؟
-لا، فهي تتصل بي كل يوم تقريبا
-وماذا عن خالد؟
-هو أيضا يتصل بي دائما
أضاء عقلها فجأة للحقيقة ان اخوتها لم يتركوها بالفعل فرغم ابتعادهم الا انهم مازالوا على اتصال بها دون الجميع
-لقد سحرتهم صغيرتي ولن يستطيعوا ان يبتعدوا عنك
كيف يخبرها انها سحرته هو الاخر ولم يعد يملك أمره منذ زمن، متى سينتهي انتظاره الذي طال ولم يعد له باق
-والان جهزي نفسك سأرافقك انت والفتيات للسوق كي تشتري ثوب الحفل
************
يتبع.....
أنت تقرأ
رواية( بين مخالب الصقور)للكاتبة/ أيمان المغازى
Actionرغم الليل الذي اسدل ستاره علي البسيطة واستكانت جميع مخلوقات البارئ الا انه لم يستكين، راح يشق سكون الليل بصوت اقدام فرسه العربي وهو يضرب الرمال من تحته مخترقا سكون الليل بصهيله فارس ملثم بالسواد فلم يري منه غير اعين حادة كصقر ذاوي بين حاجبيه صحر...