🌹الفصل الخامس عشر🌹

1.7K 80 0
                                    

الفصل الخامس عشر
 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••☆
بين طرفة عين وانتباهها يغير الله من حال الي حال
لقاء اشتاق له حتي ادمي الشوق فؤاده، بلهفة والد ولوعة محب يقف باب قصرها منتظرا لحظة التقاء الاعين
رافقه ابنه للداخل واجلسه بإحدى غرف القصر وانطلق ناحية والدته يحضرها كي ترى مفاجأته لها
-رقيتي
كأن السنوات لم تمر ولم تغير بهم شيئا، مازال كل منهم يري الاخر كما كان منذ عشرون عاما، هي مازالت رقيقته الساحرة لم يزد عليها شيء فوجهها مازال محتفظا بجماله الهادئ اما هو فما زال كما هو عدا شعيرات بيضاء تناثرت برأسه معلنة تمردها علي خصلات شعره السوداء
حوار اعين دار بينهم، اعينه راحت تعاتبها علي ابتعادها وعيناها راحت تتلألأ بدموع معتذرة عما فعلته، ضعفت وكادت تنهار فكانت ذراعيه دعامتها التي استندت عليها حتي ارتمت بأحضانه تبثه ما مرت به بعيدا عنه
-سامحني عادل، خفت عليك من الهيثم 
-لا تعتذري رقية يكفي ما مررت به
استكان الحبيبين بين ذراعي بعضهما يأبيا الانفصال حتي يخرجا ما بصدورهم من شوق وتطمئن قلوبهم باللقاء
************
كاد يجن حين منعه جده من المساس بابن المحمدي حين علم بعودته، نيران ظل يلقمها حقده حتي استعرت ويأبي ان يطفئها
-لما منعني من قتله؟
-ببساطة هو لن يقتله
اتسعت حدقتيه حتي كادت اعينه تخرج من محجريهما
-ماذا؟
نهض من جلسته المسترخية واستقام بجسده كالوتد امام نافذة مكتبه الزجاجية ناظرا للمدينة التي تظهر كأنها موضوعة تحت ارجله
-جدك لن يرحم ابن المحمدي بقتله، بل سيكمل انتقامه بطريقته
-لكنه تسبب بمقتل ابي
-كان خطأ لم يتعمده
ثار حين شعر بلا مبالاة اخيه بدم والدهم
-لن يفرق هذا معي شاهين
-بل يجب ان يفرق فمما سمعته من عمك فعادل المحمدي كان قريب جدا من والدك
-وغدر به وتزوج شقيقة قاتله ليحمي نفسه
-حقا لا افهم هذا الامر لما يتزوجها هو ؟ الاولي ان يتزوجها عمك فهو شقيق القاتل والدم برقبته؟
ردد كلمات عمه التي لطالما رددها عن كون عادل ما كان ليقتل ابيهم ابدا وان ما حدث تلك الليلة دفن مع ابيهم حتي عادل نفسه لا يعلم ما حدث ولو كان جدهم متأكد بأن عادل المحمدي تعمد قتل ابنه لقتله منذ زمن
-اذا لما يطالب بالثأر اذا؟
-لسببين
التفت ناحية مكتب اخيه وهو ما زال علي وضعه، كفيه بجيوب سرواله وعيونه ما زالت محتدة
-اولهم يعاقبه علي حرمانه من ابنه البكري والثاني زواجه من شقيقة قاتله
-وهل تعتقد انه انتهي من انتقامه؟
-لا اعتقد ذلك فالهيثم لن يترك ضحيته قادرة علي لملمة شتات نفسها ابدا
هدأ غضبه لكنه لم يختفي، لن يتغير شيء فسيظل عادل المحمدي هو قاتل والده ولن يتنازل عن الثأر منه مهما طال الوقت او قصر
****************
صداقة جمعتهم حين كانا يدرسا معا بالجامعة وامتدت لسنوات حتي كللها عادل بزواجه من شقيقته، وافق علي زواجه رغم معارضة والده آن ذاك حين علم بمقاطعته لعائلته وانهم لن يعلموا بزواجه، وثق به وزوجه شقيقته الوحيدة وحين علم بما فعله حين طالبه والده بالعودة لام نفسه علي ثقته به وحاول ان يعوض شقيقته وابناؤها قدر المستطاع عما عانوه من فراق والدهم
رغم وجوده بحياتهم ومحاولته التعويض عنهم عن سوء اختيار والد لهم الا انه لم يستطع ان يرمم الشرخ الذي حدث خاصة حين علموا بما فعله والده بهم، استغرب اخبار شقيقته لهم بما حدث لكنه علم الان انها كانت تسعي لحمايتهم ظنا منها انهم اذا ما كرهوا والدهم لن يقربوه ابدا لكنها لم تفكر ببحثه هو عنهم
تحية باردة القاها اكرم الجابر علي صديقه القديم دون مصافحته حتي
-كيف حالك اكرم؟
لم يكن بحاجة للسؤال فمما يراه ان شقيق زوجته اصبح لوردا انجليزيا بجدارة بداية من بذلته السوداء التي تحمل بصمات مصمم عالمي، خصلاته شعره الفضية التي اكسبته هيبة، عيناه التي تشبه لحد كبير عينا شقيقته الساحرة
-بخير عادل
-اكرم انا...
اوقفه عن الكلام برفع كفه بوجهه معترضا
-لا يوجد كلام يمكنك ان تبرر به فعلتك
-صدقني يوجد الكثير
-لقد اخفيته عني حين كنت انا اقرب لك من الجميع
كيف يخبره انه خاف ان تتغير نظرته له؟، كيف يخبره انه خاف ان تضيع رقية من بين يديه اذا ما علم والدها انه قاتل وانه ترك قبيلته هربا من ذنب تعلق برقبته
-لكن ابي يجب ان تخبرنا بما حدث
تحدث ابنه لأول مرة منذ حضور خاله، الذي فرض حضوره صمت تام عليه وعلي والدته
-لا يهم الان فقد انتهي كل شيء
-اذا اخبرنا لما تزوجت تلك المرأة ؟
اضطربت حين سمعت ذكر زوجته الثانية، خافت ان يكون بعدها عنه وعشرته لتلك المرأة انسته عشقهم فدمعت اعينها دون شعور منها فحاولت ان تخفيها عنهم لكنه لمحها قبل ان تتوارى خلف كفيها المرتعشتين
-كي انهي سفك الدماء
انسابت الذكريات بعقله وتحضرت بلسانه فراح يقص عليهم ما حدث بداية من الحفل الذي اقامه زايد بمزرعة والده احتفالا بإنهاء شقيقه دراسته الجامعية، حينها حضر الجميع للإقامة بضعة ايام بالمزرعة
ثلاثة لم يفترقا عن بعضهم رغم اختلاف اعمارهم فزايد كان اكبرهم عمرا يعقبه قاسم ثم عادل الذي كان اصغرهم، حفل بهيج انتهي نهاية مأساوية
لم يعلم احدهم متي قلب الحفل لساحة قتال، اسرع الشباب حينها لدولاب الاسلحة الموجود بإحدى الغرف وسحب كلا منهم سلاح يدافع به عن نفسه ومن حوله لم يدرى احدهم من اصيب ممن قتل حتي انتهي كل شيء وتلفتوا حولهم ليجدوا زايدا ملقي ارضا ودماءه تغطي جسده وقد لفظ انفاسه الاخيرة
اتهامات وجهت اليه لا يعلم سببها هو الذي جر المشاكل لحدهم؟!، حاول ان يدافع عن نفسه، حاول ان يوضح موقفه فلم يستطع فكان عقابه الطرد من منزله، من بلدته، وحتي عائلته تبرأت منه بأمر والدهم حفاظا علي علاقته بشريكه شاهين الهيثم
انهي سرده لماض لم ينسه للحظة، جريمة الصقت به ولا يعلم سببها، والاغرب انه طولب بعد ذلك بحقن الدماء والزواج من فتاة لا يعلم عنها شيئا!
ذهول استبد بهم حين سمعوا ما قصه عليهم خاصة ان الامر به شيئا مبهما لما اتهم هو بالذات بذلك دون الجميع ؟!
-ولم انت؟ اليس الامر غامضا بعض الشيء؟
-لا اعلم حقا فقد قتل زايد علي ايديهم تلك الليلة واصبت انا قاتله، لكن والده يلومني انا علي الدوام ويقول انني هو قاتله
ارتسم الحزن علي وجهه حين فكر في حاله قليلا فهو دفع ثمن ذنب لم يقترفه ولا يعلم سببه للان
-لم اكن ظالما ابدا بل مظلوما، طيلة هذه السنوات وانا من يعان من ذنب اقترفه غيره وعوقبت انا عليه
*************
دعوة لبتها برحابة صدر حين علمت بوجود اسطبل للخيول بتلك المزرعة التي يمتلكها جد صديقتها الجديدة، فرصة واتتها لتبتعد قليلا عن سماؤها التي لا تنفك عن البقاء محلقة بها دائما رافضة الهبوط علي الارض
-رائعة
كلمة واحدة خرجت من فمها تصف بها ما رأته، مساحات خضراء تتوسط صحراء كبساط من العشب فرش بارض رملية، واحة هو اقرب وصف للمكان حيث تتواجد عين للماء العذب بمنتصف المكان، ساحة احيطت بسياج خشبي يرمح بها عدد من الخيول العربية التي امتازت بلونها الاسود وغرتها البيضاء المميزة
-كلها سوداء؟!سألت وهي لا تخفي استغرابها للأمر فجاءها الرد سريعا ولكن بصوت اجش لم تسمعه منذ فترة
-لأنها مميزة، خاصة ذوات الغرة البيضاء
اضطرب قلبها حين رأته بملابسه السوداء التي زادته هيبه، رأسه الذي التف حوله شاله الاسود كعمامة  بدوية زادته وسامه فراح قلبها يدق معلنا محاولة احدهم اقتحامه فأغلقت اعينها رافضة الاستسلام
جميلة هي بطريقتها الخاصة وسر جمالها عدم اهتمامها بإظهار فتنتها فحدث العكس
هيئتها التي سبق وراها بها من قبل ويبدو انها تعتمدها دائما، سترة جلدية باللون الاسود وسروال من الجينز وخصلاتها التي جمعتها بعشوائية خلف رأسها وابت بعض الخصلات الخضوع فتناثرت حول وجهها بعشوائية فاتنة
ابتسمت بلقيس وهي ترى اخيها يقترب منهم فأسرعت باحتضانه فهي قد اشتاقت له كثيرا
-اخي
-كيف حالك صغيرتي؟
-بخير، لقد جئنا لتقضيه اليوم معك هنا
-مرحبا بكم
هادئ بردود افعاله، عفيف بنظراته، بعيدا مهما اقترب عكس شقيقه هذا ما راحت ماهي تحدث به نفسها وهي تتبعه هو وشقيقته بجولة بأرجاء المزرعة  التي كانت كعالم زراعي متكامل حيث مزارع الدواجن، الأبقار، وايضا بعض الطيور النادرة والصقور!
لفت نظرها صقر ابيض رائع لم تره له مثيل من قبل ففتنها حسنه وراحت تتلمس ريشه دون خوف فهو مقيد بحامل مخصص له واعينه معصوبة بغطاء جلدي
- اسمه الهيثم
- صقر ابيض؟!
- نعم، صقر عربي
- رائع
ابتسم علي تعابير وجهها التي جعلتها كطفلة ترى اشياء لأول مرة بأعين مذهولة
سعادة غمرتها وهي تمطي فرسا عربية وتنطلق بها بصحراء مفتوحة، تجربة جديدة زادها روعة وجوده الذي جعلها تشعر انها بصحبة فارس من العصور القديمة مطيته الفرس واعينه صقر
 ••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••☆
يتبع....

رواية(  بين مخالب الصقور)للكاتبة/ أيمان المغازىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن