الجزء 14

583 29 0
                                    

ورغم أنَّ عينيْ "زاهاك" الوسيم قد اتسعتا لثانية.. إلا أنهما غضبتا في الثانية التالية واستعاد قلبه جأشه وتحفزت عضلات ساعديه وهجم على العجوز البشع هجمة ثائرة.. لم يتحرك العجوز من مكانه قيد أنمله ولم تطرف عيناه طرفة.. بل كان ينظر بسخرية إلى هجمة "زاهاك" التي مدَّ فيها يده ليمسك بتلابيب العجوز ويرديه حيث يرديه.. لكن هجمة "زاهاك" تلك لم تنته إلا بعظيم اتساع في عينيه.. وبنظرة إلى العجوز غير مصدقٍ لما يراه.

لقد مرَّ من العجوز كما يمر من الهواء.. فالتفت بحدة إلى العجوز ليجده واقفًا في موضعه ناظرًا بعينيه الساخرتين إليه نظرة هزت كيانه.. أي إنسانٍ هذا.. العجيب أن ردة فعل "زاهاك" لم تكن مرتعبة بقدر ما كانت متحيرة.. ثم حسم أمره فجأة وتوجه بسرعة إلى المشعل الذي يضيء الغرفة بالنار.. وحمله بيدٍ واحدة ثم ألقاه بكل عزمه على العجوز الواقف.. ورأى بأُمّ عينه المشعل يمر من بين جسد العجوز ويسقط على الأرض.. وهنا تحولت نظرة العجوز إلى نظرة مخيفة وسًع فيها عينيه بغضب ثم نظر إلى المشعل نظرة واحدة أطفأت المشعل مكانه.

بدأ عقل "زاهاك" البابلي القديم يفكر غير عالِمٍ ماذا يصنع بالضبط.. لكن العجوز كان هو من تحرك هذه المرة.. في أقل من طرفة عين كان عند المشعل يحمله.. وفي الطرفة الثانية حدث ما جعل "زاهاك" يتراجع تلقائيًّا.. لقد أصبح العجوز جوزين ثم ثلاثة ثم عشرة.. ثم تضاعف عدد العجزة حتى أصبح بعضهم يطير في الهواء.. وكلهم يحملون المشاعل.. ثم ألقوها كلهم برمية رجل واحد على "زاهاك" الذي تراجع فتعثرت قدمه فوقع على ظهره.. واشتعلت النار في الغرفة حول "زاهاك" الذي لم يدرِ كيف يهرب.. كان العجوز ينفذ إلى عقل "زاهاك" ويقرأ ما يفكر فيه.. والعجيب أن كل ما كان يملأ عقل "زاهاك" هو ثورة الغضب والإصرار على هزيمة هذا الكيان الذي لا يدري له تعريفًا..

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن