الجزء 31

438 29 0
                                    

جبل دنباوند.. في ظلمة من الليل كالحة.. كان "كاوي" الحداد يدق أوتادًا حديدية في الجبل.. والنمرود ملقى على الأرض مقيدًا بقربه.. وصوت فحيح الحيّتين على منكبيه يصم الآذان.. نظر إليه "كاوي" وقال ساخرًا:

- لم تخبرني أن لديك حيتين على منكبيك يا "زاهاك".. ربما كنت سأعذرك.

لم يرد "زاهاك" بأي كلمة.. وإنما كان يصرخ من وراء كمامة وضعها "كاوي" على فمه.. يصرخ من ألم تحرُّك البعوضة بداخل رأسه.. ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى أنهى "كاوي" عمله الذي كان يعمله في الجبل.. والتفت إلى النمرود.. وحمله وبدأ يربط حبالًا سميكة في ساعديْ النمرود وقدميه.. ثم بدأ يربط كلا منها في وتدٍ من الأوتاد الأربعة التي ثبتها على الجبل.. حتى صار النمرود معلّقًا في جبل دنباوند من يديه ورجليه.. والثعبنان السوداوان على منكبيه يتلويان حول رأسه شاعران بالجوع.

فكَّ "كاوي" الحداد كمامة النمرود وقال له :

- بلغ تحياتي إلى صاحب تلك الثعابين.. فهما من سيحظى بشرف رأسك اليوم ولست أنا.

ارتفعت صرخات النمرود بينما يرفع رأسه إلى السماء وكأنه ينادي على شيء أو يحدِّث أحدًا ما.. أما "كاوي" فقد كان قد جمع عدته ورحل.. وبقى النمرود وحده يصرخ.. وعلى سفح الجبل.. كان هناك جمعٌ قد اجتمعوا ينظرون إلى النمرود في صمتٍ مهيبٍ.. جمع من الأطفال ذوي الشعور الطويلة والنظرات الجامدة.. ولم يمضِ وقتٌ طويلٌ حتى تحرك الحوتان والتفا حول رقبته ثم انقضا على رأسه ينهشان فيها نهشًا متوحشًا دمويًّا.. وظلا ينهشانها وينهشانها حتى خرجت منها بعوضة طارت بعيدًا إلى حيث ما جاءت.. وطوى التاريخ آخر صفحة في حياة رجل تجبَّر في الأرض حتى فاق كل حد.. وكانت نهايته على مستوى تجبُّره... صفحة الملك النمرود.

تمَّت

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن