الجزء 42

189 13 0
                                    

مرت بيني وبين "هيو" عدة أجساد كانت كافية لأتوارى عن ناظريه. وفي المساء جاءت ل "هيو" رسالة من زوجته تقول له فيها إنها ترى رؤيا مزعجة تأتيها كل يوم.. ترى رجلًا عجوزًا بأسنان مكسورة يطوف بساحة قبة الصخرة المقدسة وفي منتصف الساحة ترى "هيو" وهو يضاجع فتاة سمراء مقطوعة الرأس وسيفه بجوار رأسها.

- هل أنت ساحر ياهذا؟

نظرت إليه من بين تحفي الأثرية في متجري قائلًا:

- أنا تاجر تحف أثرية كما ترى ياسيدي.

- كيف عرفت اسم زوجتي أيها اللعين وكيف عرفت بأمر رؤياها ؟

- هل أزعجتك رؤياها؟ هل تريدها أن ترى الفتيات الأخريات ومافعلته معهن؟

- كيف تعرف كل هذا؟ من أنت بالضبط؟

- "بافوميت"

- ماذا ؟

تقدمت بهدوءٍ ناحية أحد الرفوف وأمسكت بتحفة كبيرة تمثل مجسمًا للحرم المقدس كاملًا.. وضعت المجسم على الطاولة الرئيسية وقلت له:

- أنا أقرأ عقلك ككتاب مفتوح يا "بايون".. أنت الآن تفكر أن تنهي أمورك في القدس وتسافر عائدًا إلى شامبين.. وتفكر ألا تكرر المشاركة في أي حروبٍ قادمة لأن الإثارة التي حصلت عليها في الحملة الصليبية أشبعتك.

- من أنت؟

- أنا "بافوميت".. "بافوميت" الذي سيحولك إلى أغنى رجل في أوروبا كلها.. بل في العالم كله.

- ما الذي تريده مني ياهذا؟ لست من النوع الذي يصدق خرافات المشعوذين؟

- بالطبع.. بدليل أنك ذهبت إلى "جوليان" الساحر في كلومونت.

هنا اتسعت عينا "هيو" في دهشة ورعبٍ.. كنت أخبره عن أمورٍ لا يدري بها مخلوقٌ على وجه الأرض سواه.. وعن أسرارٍ لم يحدِّث بها سوى نفسه التي بين جنبيه.. وبدأت لهجته تتحول في الكلام معي من العدائي المندهش إلى المحاوِر المنبهر.. وهذا هو ما أردت الوصول إليه؛ أن يثق بي.. إن الإنسان الذي يثق بك يكون كالمضغة بين أسنانك تفعل به ماتشاء.. وقد مضغت "هيو" وشكَّلته حتى صار كالكرة التي أقذفها أينما أريد.. وقد قذفته أول ما قذفته إلى شامبين بفرنسا.. حيث سيفعل هناك كما أريد له أن يفعل هناك.

سافر "هيو بايون" إلى شامبين بفرنسا.. وهناك جمع ثمانية رجال.. بعضهم إخوته وبعضهم أولاد عمومته.. وكلهم مثله ذوو أصول يهودية لأنهم من نفس العائلة.. وتوجه بهم جميعًا عائدًا إلى القدس.. ودخل بهم إلى الملك "بالدوين الثاني" ملك القدس الصليبي.. أقنع "هيو" الملك بأنه من اللازم الحتمي أن يشكل تنظيمًا خاصًا من الفرسان لحماية الحجاج الصليبيين الذين يحجون إلى الحرم المقدس ويتعرضون لعمليات قتل وقطع طريق ينفذها المسلمون الحاقدون.. ورغم أن الملك "بالدوين" اقتنع إلا أن "هيو" كان كاذبًا كبيرًا.. فالمسلمون لم يكونوا يقتلون أحدًا بل القتلة هم قُطَّاع طرق المجرمين.. لكن أداء "هيو" كان مذهلًا أمام الملك.. تمامًا كما نصحته أن يفعل.

بهذا تكون تنظيم الفرسان.. "فرسان الهيكل".. وسُموا بهذا الاسم لأن الملك "بالدوين" قد أعطاهم مقرًّا خاصًا بهم في جناح من القصر الملكي في جبل الهيكل..

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن