الجزء 75

132 3 2
                                    

ليس هذا فقط.. بل إن والدها اليهودي "جوزيف ناسي" كان خليل السلطان "سليم" ومستشاره في أمور الخلافة ويقضي معه أغلب الوقت في السكر والعربدة.. الدولة العثمانية العظيمة الواسعة صارت تحكمها امرأة يهودية.. كذلك كان الحال في ذلك الزمن.. وكذلك كان قناع "ماستيم" منتشيًا.. وأقنعة اليهود الذين أرسلوا "روكسلانا" و"راشيل" منتشية.

توفي التنبل "سليم الثاني" وخلفه ابنه التنبل أيضًا "مراد الثالث".. كان يبدو أنها سلالة من التنابل قد بدأت تظهر.. ظلت "راشيل" تحكم الدولة من وراء الستار.. بل إن سلطتها قد تصاعدت أكثر لأن "مراد الثالث" هذا هو ابنها الفاشل.. وبدأت الدماء اليهودية تنخر في عظام الدولة العثمانية بإشراف الأفعى "سيربنت" والمراقبة المتشفية للشيطان "ماستيم".. وبدأ اليهود الذين نزحوا من الأندلس من قبل يرتعون ويلعبون في أرجاء الدولة العثمانية كما يحلو لهم.. ويرتقون قي المناصب الهامة كما يحلو لهم.. الأخطر أنهم بدأوا ينظرون إلى الأرض التي حُرموا منها طويلًا ولازالوا محرومين.. أرض فلسطين.. ونظر معهم الأفعى "سيربنت" بعينيه المشقوقتين.. والشيطان اليهودي "ماستيم" بقناعه الأبيض.

لم يُطل "ماستيم" المكوث في قصر الخلافة.. بل إنه طار فجأة إلى ساحة وسط مدينة اسطنبول.. كان مشهدًا مهيبًا ذلك الذي يحدث هناك.. رجل موضوعة قدماه في قالب من الطوب ومربوطة ذراعاه ورقبته إلى القالب.. ويحيط به حوالي ألف متجمهر.. وحوله عسكر من عسكر السلطان.. رأى "ماستيم" الشيطان الأفعى "سيربنت" يلتف حول قالب الطوب مرتفعًا برأسه مقتربًا بها من الرجل المقيَّد.. كان ذلك المقيَّد يدعى "ساباتاي زيفي".. وكان اليوم يوم إعدامه.. وكان يومًا مشهودًا كما هو واضح.

إن "ساباتاي زيفي" يهودي.. يتبعه ألف يهودي. . يسموه أتباعه المسيح المخلص.. أما هو فيخاطبهم مسميًا نفسه مسميات عديدة مثل ابن الإله البكر.. أو أبوكم يسرائيل.. بل إنه يقول أنا الرب إلهكم الأعلى.. وُلد بعد فترة اضطهاد اليهود في أوروبا.. وتربى وهو يسمع أحاديث اليهود عن قرب ظهور المسيح المخلص الذي وعدهم به الله.. والذي سيأتيهم ليخلصهم من عذابهم ويحكم بهم الأرض كافة.. درَس التلمود ودرَس الكابالا.. ولما أصبح يافعًا خرج في اليهود يقول إنه المسيح المخلص.. وأنه لا قيام لهم في الأرض إلا بعد أن يدخلوا فلسطين فاتحين.

جمع حوله العشرات ثم المئات ثم الآلاف.. وجاء عام 1666 .. ستة وستة وستة.. رقم الوحش كما يقول الإنجيل.. أعلن بين أتباعه اليهود أن الشيء الوحيد الذي يمنعهم من دخول فلسطين هو الدولة العثمانية الغاشمة.. دولة تغلبت جينات وزرائها العربية على الجينات اليهودية التي زرعتها "روكسلانا" في دماء سلاطينها فأصبحوا من بعدها تنابل السلطان.. رجال كانوا يصلحون ما يفسده السلاطين لو أفسدوا.. ويشدون على أيديهم لو أصلحوا.. يولونهم ويعزلونهم ويدبرون شؤون البلاد.. رجال شكلوا دولة واحد قوية.. دولة لابد أن نسقطها نحن اليهود.. فإما هذا وإما لا قيام لنا في هذه الدنيا أبدًا.. خرج "ساباتاي"في عدة مظاهرات تطالب بإسقاط السلطان.. فما كان من السلطان إلا أن أمر بالقبض عليه وإعدامه في الساحة العامة.. وليشهد العالمان إزهاق روحه الخائنة.. وهاهو "ساباتاي زيفي" يركع وأطراقه مثبتة إلى قالب من الطوب.. ورجال من رجال السلطان الأشداء حوله يشمرون سواعدهم للنيل من رأسه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 15 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن