الجزء 44

188 10 1
                                    

وأصبح قادرًا على نوع آخر من الجن.. جن آخرون سلسلهم كالوحوش بسلاسل عظيمة من فرط طغيانهم.. جن أمثال "لوسيفر" العظيم الذي كان مُسلسلًا.. إنها المرة الوحيدة التي أرى عظيمنا مهانًا بهذا الشكل.. لم نكن نفهم شيئًا.. حقًّا لم نكن نفهم أي شيء.. مرت فترة حُكم "سليمان" علينا صعبة مريرة حتى انتهت بموته الذي اكتشفناه بالصدفة.. وتحررنا من عبوديتنا.. وظللنا ننتظر الفئة المناسبة التي يُمكنها أن تخرج هذه الكتب ووتستخدمها كما نريد بالضبط.. فئة انتظرناها طويلًا جدًا.. حتى ظهرت في التاريخ فجأة فئة يهودية تحمل في مكامنها كل بذور الشر التي كنا نبحث عنها.. وها أنا أراهم أمامي يحفرون ليصلوا إلى كتبنا.. كتب السحر الأسود.

- "بافوميت" انظر هناك جدار مستوٍ هنا.. تعالَ أيها العجوز .

نظرت إليهم نظرة أخيرة بدت لهم غامضة.. ثم إنني طرت كما تطير الشياطين مبتعدًا عنهم وعن الساحة.. بل عن عالم الإنس كله.. طرت إلى حيث أنتمي.. وتركت فرسان الهيكل يضربون الجدار المستوي بحماسٍ.. لقد أديت اليوم عملًا عظيمًا انتظره بنو جنسنا سنينَ كنا نظنها لاتنتهي.

وجد فرسان الهيكل الكتب التي خبأتْها الشياطين منذ ألفيْ عامٍ كاملة.. لم يفهموا معنى أن تكون هذه الكتب كنزًا.. كانوا يريدون كنزًا من الذهب واللؤلؤ ولكن هيهات.. إن "سليمان" كان قد طلب من ربه الذي كان يدعو إليه أن يجعل ملكه لا ينبغي لأحد من بعده.. فستفنى الأرض ويفنى التاريخ وليس لأحد من أهل الأرض ولا أهل السماء أن تكون له قطعة معدنية واحدة كان يملكها "سليمان".. ولن يأتي ملك يمتلك كما امتلك "سليمان".

ولهذا عجزت كل علوم الإنسان أن تعثر على أي أثر من ملك "سليمان" حتى إن البعض اعتبره أسطورة من أساطير الأديان..

لكن الواقع أن الأسطورة الحقيقية هي هيكله.. لازال هناك من يحلف ويملأ الأرض صراخًا بأن الهيكل تحت الحرم القدسي.. لكن الحقيقة أن الهيكل يعني المعبد و"سليمان" لم يبنِ أي هياكل أو معابد بل كان يبني مساجد.. لقد كان يؤمن برب "إبراهيم" و"موسى".. إنما كان "سليمان" يكسر ظهورنا في بناءات أخرى.. منها تجديد بناء المسجد الأقصى الذي بناه "آدم".. ومنها بناء قصره المهيب الممرد من قوارير أي الزجاج الفاخر.. هذا القصر الذي كان يعتبر أروع شيء في ملكه.

نحن فقط نعرف أين هي كنوز "سليمان" ونعرف أين قصره بالضبط.. إن طائفة من جنسنا كانت تؤمن به وبدعوته خبأت هذه الكنوز في باطن الأرض وخبأت قصره بطريقة لا يستوعبها أمثالك من الإنس.. بالنسبة للكنوز فهي في بطن بلدان معينة في الشرق الأوسط أبرزها العُلا في الجزيرة العربية.. ويقف حارسٌ أمينٌ على هذه الكنوز أشد أهل تلك الطائفة من الجن فتكًا.. فهي محروسة من الجن.. وستظل كذلك حتى تفنى الأرض.. ذهب ولؤلؤ ومرجان.. كنوز تُشع كما الشمس والقمر.. لكنها لن تكون لإنسيٍّ ولا جنيّ من بعد "سليمان".

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن