الجزء 17

489 25 0
                                    

وهنا دبَّ شيء من الرعب في قلب "زاهاك".. فالكيان الجالس أمامه لم يكن إنسيًّا.. وإن كانت له الهيئة التشريحية للإنس.. لم يتبين وجهه جيدًا لأن الظلام كان يخفيه.. ليست هذه يد بشر.. وليست هذه أصابع بشر.. ولا أظافر بشر.. وما هذه الأكتاف بأكتاف بشر.. ما هذا الشيء بالضبط؟ هل هو الرب على عرشه؟ لم يستطع بعقليته البابلية القديمة أن يستنتج أنه يقف على بُعد خطوة أو خطوتين من الشيطان.. "لوسيفر".. لم يكن يدرك أنه يقف أمام "إبليس".
***

بدأت الأمور تتضح ببطء؛ الوجه الذي كان يلفه الظلام اقترب من مجال الرؤية وبدأت تسقط عليه ظلال المشاعل المتراقصة.. تحفزت خلايا "زاهاك".. ثم تحول هذا التحفز إلى الدهشة.. فذلك الكيان الذي يفترض أنه "لوسيفر" كان يملك شعرًا طويلًا جدًّا يمس الأرض.. وهذا الشعر ينسدل على وجهه غزيرًا يخفي ملامحه تمامًا؛ حتى لا تدري هل أنت أمامه أم خلفه.. قال "لوسيفر" بصوت هادر كالصخر:

- لقد اخترتك يا "زاهاك" من بين رجال الأرض كلها.. فبرغم أنك تستمرىء حياة الدعة إلا أن لديك قلبًا ميتًا لا يخاف.. قلب شجاع.. وروح متمردة.

أجفل "زاهاك" قليلًا وشعر بعرق يُندي جبينه من هول الكيان الجالس أمامه ثم قال بصوتٍ خافت :

- اخترتني من أجل ماذا؟

أجابه "لوسيفر" بغضبٍ لا يدري "زاهاك" له سببًا إلا أن يكون صوته الهادر يوحي بالغضب:

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن