الجزء 56

219 9 0
                                    

لقد بدأت الساعات الباقية لي في هذا العالم تقل.. وبدأت دقات الساعة تقول لي كلامًا مخيفًا.. لكن لابأس.. لازال أمامنا وقت كافٍ.. لقد كانت تلك المواجهة من المواجهات النادرة التي ذكرتها كتب التاريخ بين أخطر نوعين من أنواع الفرسان.. فرسان الهيكل.. وفرقة الحشاشين أخطر فرق الشيعة على الإطلاق.. الفرقة التي اتخذت من قلعة "ألاموت" مقرًا رئيسيًّا لها.. بالإضافة لسبعين قلعة أخرى في فارس والعراق والشام.

فقط لو كنت تعيش أيامها ونظرت إلى قلعة "ألاموت" من أي زاوية تشاء.. فسترى منظرًا أسطوريًا.. كانت القلعة تبدو وكأنها مأوى الجن.. فهي قلعة على ارتفاع ستة آلاف قدم تحيط بها الغيوم التي تتداخل مع أبراجها.. بلغ من ارتفاعها أنه يستحيل أن تصل إليها قذيفة منجنيق.. ويستحيل أن يزحف إليها جيش من الجنود إلا أن يصعدوا إليها في ممرات جبلية ضيقة جدًّا تَضطرهم للصعود رجلًا وراء رجل.. قلعة كبيرة لا يذهب ظنك أنها مكونة من مبنى واحد.. بل هي مكونة من عشرات المباني.. قلعة كان "الحسن الصباح" مؤسس الحشاشين يتخذها سكنًا له.. قلعة صمِّمَت بداخلها جنة غناء يُدخل فيها أتباعه.

لم يغادر "الحسن الصباح" هذه القلعة في حياته أبدًا منذ أن استولى عليها أول مرة.. ولم يُر خارجًا منها حتى إلى الجبال التي حولها.. كان يقضي معظم وقته في التخطيط بالداخل.. وفي الدراسة والتجارب على النباتات التي كان خبيرًا بها وبأنواعها السام منها والمخدر.. وقد ابتكر خلطة مخدرة خاصة جدًّا كان يمزجها بالخمر بكميات مدروسة ويعطيها لأتباعه يشربونها فتغيب منها عقولهم فيسيرهم كيف يشاء.

وبلغ من قوته أنه كانت هناك نقود خاصة مطبوع عليها اسم قلعة "ألاموت".. أي أنه كون مجتمعًا مستقلًا.. كانت معتقداته شديدة الانحراف.. وأولها عقيدة القتل باسم الدين.. وهي عقيدة خاطئة بالطبع.. فالقتل دفاعًا عن الدين هو أشرف شيء وأغلى شيء ولكن الاغتيال باسم الدين هو جريمة.

استخدم الحشاشون طريقة الاغتيالات بدلًا من طريقة الحروب.. وقد حاولوا اغتيال "صلاح الدين" ثلاث مرات باءت كلها بالفشل.. وقد انتهى عهدهم لما نزل المغول من الشرق نزول الأكلة المفترسين الذين أبادوا كل شيء في طريقهم.. أبادوا فرقة الحشاشين عن بكرة أبيهم.. ومن تبقى منهم بعد ذلك اقتلعه "الظاهر بيبرس" اقتلاعًا.

ولعلك قد سمعت بلعبة الفيديو الشهيرة Assassins Creed .. أو عقيدة الحشاشين.. وهي مقتبسة من فرقة الحشاشين الحقيقية بأزيائهم وأسلحتهم ومهاراتهم وشرورهم.

أعرف أن الحديث عن العقائد المنحرفة يورث السم في البدن.. ولقد انتهت بهذه الحكاية حكاياتنا عنهم.. وانتهت الأسقام والأوجاع.. ولننظر إلى أوراقنا في لعبتنا التي أرفض حتى الآن أن أذكر لك اسمها.. لدينا هذه المرة ورقتين فقط.. لكنهما يكفيان جدًّا لفهم مانحن مقبلون على كشفه.

الورقة الأولى هي ورقة الفامباير أو مصاصي الدماء.. وعليها صورة بشعة لمصاص دماء مخيف.. والورقة الثانية هي ورقة الكونت "دراكولا".. وعليها صورة الكونت دراكولا وهو يرتدي عباءته الشهيرة ويبتسم في سخرية مخيفة ووراءه تبدو قلعته المظلمة.

***

أنتيخريستوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن