رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - الفصل الرابع

210 9 3
                                    

كانت تسير بالشارع حيث توجد بناية بيتها بعد أن هبطت من سيارة الأجرة وهي تتنهد براحة لمرور هذا اليوم على خير فقد كانت مرتعبة أن تتسبب لولا بمشاكل لوالدها.. تنهدت وهي تعلم إنها لن تستسلم هكذا ببساطة.. وقد كان هذا واضحًا من صمتها الغريب طيلة الأمسية بدت وكأنها تخطط لشيءٍ ما ببالها.. لكن ليس هذا فقط ما أخافها.. بل ذلك الشاب ابن السيدة وفاء.. لا تعلم لم ولكن رغم ما فعله بها إلا أنها لم تشعر بالضيق منه.. لكن بالخوف مما سيحدث بينه وبين لولا.. فبعد جمل التحدي التي القاها كلاهما أمام الآخر بقيا ينظران لبعضهما بغضب ممزوج بالتوعد من قبل لولا بينما هو كان ينظر لها بسخرية وعبث.. تنهدت بينما تهمس لنفسها "أدعو الله أن تمر الأيام القادمة بهدوء.. ولو أن هذا مستحيل بعد ما رأيته وسمعته.."
توقفت فجأة وقد شعرت أن أحدًا ما يراقبها فالتفتت تنظر خلفها.. كان الوقت متأخرًا والمكان خالٍ تمامًا.. لكن ببداية الشارع رأت سيارة تعرفها جيدا فقد كانت سيارة ذلك الشاب يزيد.. استغربت بالبداية لكنها افترضت إنه تبعها ليتأكد أنها وصلت سالمة وبتلقائية ودون تردد تحركت ناحيته.. وبينما تسير ناحيته كانت تتذكر كيف كان ينظر لها بتفحص غريب رغم أنها عندما كانت تنظر له دون أن يشعر لاحظت أنه لا يركز بعينيه على أي شيء عداها هي.. وعلى الرغم من أنه أثار ريبتها وتوترها إلا أنها كانت تشعر بسعادة دفينة لا تعلم مصدرها..
لم يعلم لم فعل هذا.. لم تبعها.. وبالتأكيد لم يكن يعلم ماذا عليه أن يفعل الآن وهو يراها تقترب من السيارة.. فكر بالتراجع والابتعاد قبل أن تصل.. لكن ما أن رآها عن قرب بتلك الطلة الساحرة بثوبها اللبني وشعرها المنسدل على ظهرها لم يعلم ما أصابه.. كما لم يعلم ما أصابه منذ أن رآها.. وصلت اليه ففتح النافذة دون تفكير فاستندت عليها وابتسمت قائلة "مرحبًا"
أومأ لها دون رد فأكملت "شكرًا لأنك تبعتني لتتأكد من وصولي سالمة"
حمد الله سرًا أن هذا ما فهمته.. لكنه حافظ على هدوئه بينما يرد "العفو"
استغربت ليان رده الجاف إلا أنها لم تعر الأمر الكثير من الأهمية وقالت "تفضل معي لأعد لك كوب شاي"
هز رأسه ورد "شكرًا لكِ.. علي الرحيل"
ورافق جملته بأن أشعل المحرك فتراجعت وهي ترد "حسنًا لكن شكرًا مجددًا"
لم يرد وبقي ينظر لها لفترة.. ورغم أنها ولثانية شعرت بأنه لا يريد المغادرة إلا أن هذا لم يوترها.. فلسبب ما هي أيضًا لم ترد المغادرة وبقيت تحدق به رغم تلك الصلابة التي تنحت ملامحه وشعورها بخطرٍ محدق يشع من هاتين العينين الضيقتين إلا أنها شعرت بشيءٍ يلصق قدميها بالأرض ولم تستطع إبعاد نظراتها عنه..
-:"هل ستبقين واقفة عندك"
أفاقت على نبرته الجافة وهمست "هاااه؟"
رد بنفس الطريقة "الوقت تأخر.. تحركي لبيتك ليان وأنا سأنتظر إلى أن أتأكد أنك صعدت لشقتك لأطمئن عليك"
تلفتت حولها وانتبهت أنها تأخرت بالفعل ولم تجد مبررا لوقوفها بهذا الشكل فشعرت بالحرج والتفتت له تقول "حسنا.. شكرا لك"

ثم التفتت وغادرت متجهة إلى البناية القديمة التي كانت بمنتصف أحد الأحياء القديمة.. وما أن تأكد من صعودها الدرج تحرك فورًا مصدرًا صريرًا عاليا بحركة سيارته.

رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - ريم الحسينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن