رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - الفصل الخامس عشر

147 7 0
                                    

استمعت لتلك الجملة وأخذت بالتردد برأسها بلا توقف كأنها تتكرر بصدى لا نهاية له.. لكن ما أن أفاقت من حالتها تلك هتفت به دون تفكير حتى: "هل فقدت عقلك عبدالله ألا تعلم أن العم صالح متزوج من والدة بدر هل تتخيله كان ليرضى بوجود ابنته بمكان واحد مع تجار مخدرات.. كما أن يزيد ليس مدمنًا وأنا لا أسمح لك بالإساءة إليه بهذا الشكل أبدًا.."
-:"ليان أنا أخبرك ما سمعته.. ربما تكون مجرد شائعات بالذات أن من أطلقها رجل يدعى محروس وهو منافس له.. لكن مع هذا عليكِ وضع كلامه بعين الاعتبار.."
كانت لا تزال تشعر بالضياع ورغمًا عنها عقلها يعاود الهتاف بها أنه لم لا.. فغموضه وتصرفاته الغريبة قد..
توقفت عن الاسترسال بالتفكير المضني ما أن سمعت ذاك الاسم وفورًا سألته: "هل قلت أن اسمه محروس؟.."
-:"أجل أحد محاسبيه صديق لي و...."
تنفست براحة لم تمنعها عن فتح فمها والهتاف بغضب بوجهه دون أن تمنحه فرصة لإتمام جملته حتى: "إنه كاذب ومضلِل لقد قال هذا لأنه حاول سرقة يزيد لكنه لم يستطع لقد كنت شاهدة على هذا.."
سمعت تنهيدة حارة على الجانب الآخر قبل أن يرد: "ليان اس..."
لم تكن قادرة على الاستماع لأي كلمة أخرى منه وهتفت بوجهه: "كفى عبدالله لا أريد سماع كلمة اخرى منك.. لا أصدق أنك قد تتهم رجلاً فقط لمجرد رغبتك بإبعادي عنه.. وسأقولها لك مجددًا أنا أحب يزيد.. ولن أتخلى عنه أبدًا ولن أستمع لأي إساءة منك بحقه وأقف مكتوفة اليدين.."
وأنهت حديثها بإغلاق الخط بوجهه دون ندم أو تفكير وبعدها تحركت ناحية المطبخ تصنع لنفسها كوب من الكاكاو الساخن ليهدئها قليلا وهي تقرر تناسي كل ما قاله.. ولكن ما أن عادت للغرفة وأمسكت الهاتف وجدته قد أرسل رسالة..
-:"لا دخان بدون نار ليان.."
كانت تشعر بالغضب بالفعل وقبل أن يعاود عقلها الحديث بمنطقية كلامه وجدت رسالة أخرى تصلها من يزيد..
-:"لم أقصد أن أحتد عليكي.. أنا فقط.. أظن أني أغار.. ولا أريد أن يكون هناك أحد أقرب لك مني.. حتى لو كنت أعلم منزلته بقلبك وأنه ليس سوى صديق ساندك ووقف بجوارك.. لا تغضبي وتصبحين على خير.."
عندها لم تتمالك نفسها وضربت بذلك الصوت المشكك بعيدًا عن بالها وهي تكتب لعبدالله..
-:"نيران غاشمة مفتعلة من مجموعة سارقين حانقين كونهم لم يستطيعوا الاستفادة من رجل هو أفضل منهم.. لكن العيب ليس منهم وحسب.. العيب على من يرددون حديثهم دون النظر للصورة كاملة أو محاولة الفهم.."
وقبل أن تغلق الهاتف حتى لا تتلقى منه أي رد كتبت ليزيد..
-:"أنا أحبك أن تغار علي.. أحب رغبتك أن تكون أقرب لي من أي أحد.. أنا أحبك وأحب كل ما بك ولن أتركك أبدًا.. وأنت من أهل الخير.."
هدأت بعدها قليلاً وابتسمت بينما تسير ناحية المرآة لتكمل لف شعرها وهي تدعي عدم الاستماع لأي مما قاله عبدالله..

**
كانت قد نامت قليلاً وما أن استيقظت وسألت عن بدر وجدته خرج بعد أن أخبر والدته أنه سيشتري بعض الأشياء ويعود
تنهدت بضيق وهي تتذكر ما قالته الخالة وفاء عن يزيد.. لا تعلم لم شعرت أن ليان لا تعرف أي شيء عن هذا وأنه لم يخبرها.. وعندها شعرت بالخوف ولم تعلم هل عليها إخبارها أم الصمت والانتظار إلى أن يعلمها هو بنفسه.. تنهدت للمرة المئة بينما تجلس بغرفتها إلى أن توصلت لحل.. وهو أن تنتظر لحين عودتها وإن شعرت أنه لم يخبرها بعد ستحاول هي إخبارها بهدوء.. لكن عليها أن تعلم الموضوع بالتفصيل أولاً علها تستنبط سبب إخفاء يزيد أمرًا كهذا..
سمعت طرقًا على الباب وميزت صاحبها فورًا فنهضت وهي تنفض شعرها لتسويته ونظرت للمرآة سريعًا تتأكد من مظهرها بتلك المنامة القطنية بلونها الرمادي الفاتح مع بعض الكلمات الانجليزية التي تغطي جهتها الأمامية بينما تغطي كامل جسدها..
تحركت بعدها واتجهت للباب وفتحته وهي تنظر له بحنق وقبل أن يفتح فمه قالت بحدة: "لم تركتني نائمة؟.. ألم نتفق أن تأخذني معك بجولة؟.."
ضحك بخفوت ورد: "لا تستعجلي هرتي.."
قدم لها حقيبة ورقية وعندما نظرت بها وجدت ثيابًا بلون أسود من كنزة قطنية مع سترة من القماش الخفيف وبنطال من الجينز وهناك وشاح باللونين الأبيض والأسود.. فعادت تلتفت له وجدته يتحرك للأسفل قائلاً: "سانتظرك في السيارة.."
ورغم معرفتها بتأخر الوقت إلا أنها تحركت بسرعة تدخل وهي تسرع بتبديل ثيابها..
بعدها بفتر ة كانت تخرج من المنزل وتتجه للسيارة.. وما أن استقلت بجواره قالت بحنق: "ألم تجد لونًا آخر غير الأسود؟.. ألم تلاحظ حرارة الجو؟.."
نظر لها قبل أن يضع إصبعه على فمه في علامة لتصمت.. وقد امتثلت بالفعل بينما تحركا بالسيارة ورغم أنها أجادت إدعاء عدم الالتفات له إلا أنها ميزت ثيابه المماثلة لثيابها بالألوان وأيضًا بالتقسيم فقد كان يرتدي كنزة من الواضح أنها دون أكمام لكنها كانت برقبة عالية مع سترة خفيفة كلاهما باللون الأسود مع بنطال من الجينز المماثل للون عينيه.. بقيا صامتان تمامًا طيلة الوقت.. إلى آن وصلا لمنطقة صحراوية مضاء ببعض المشاعل الرائعة وجدت بها تجمع من مجموعة من الناس معظمهم يبدون سائحين أجانب بينما يقف بعض الرجال بزي غريب يميز أهل الصحراء الذين تراهم بالأفلام.. كانوا يقفون أمامهم ويتحدثون باللغة الإنجليزية ومن خلفهم مجموعة من الدراجات البخارية الضخمة الخاصة بالتنقل بالصحراء وبالجهة الأخرى كان هناك مرآب خاص للسيارات تحرك بدر نحوه وصف سيارته وعندها التفتت له وسألته: "هل سنذهب للتخييم؟.."
رد: "اجل.."
قالت بحنق: "ولم لم تخبرني بدر لم أحضر أي ثياب.."
نزل من السيارة واتجه لحقيبتها بينما هي تتبعه.. وما ان فتحها وجدت حقيبة صغيرة فالتفتت له وجدته يقول: "طلبت من سميرة إعداد حقيبة صغيرة لنا.. وهذا فقط لأجلك في العادة أنا أذهب لتلك الرحلات دون ثياب كثيرة.."
ابتسمت بسعادة بينما التفت ثم تجمدت ابتسامتها وهي تقول ببعض القلق: "ألم يكن من الأفضل الانتظار للصباح ألن نتوه في الصحراء فالظلام حل.."
ابتسم لها واستقام وهو يرد: "ستشكريني ما أن ننطلق وتتفهمي لم اخترت هذا الوقت بالذات.. ولا تقلقي معنا دليل ممتاز.."
شعرت بالطمئنينة تعود لتسكنها فورًا مع كلماته بينما سألها: "أين الوشاح الذي أعطيته لك مع الثياب؟.."
تحركت ناحية باب السيارة واخرجته واعطته له فقال: "اجمعي شعرك.."
نفذت ما قاله وما ان رفعت نظراتها له وجدته يطوي الوشاح ثم يقترب منها ليلفه على راسها تاركًا جزءًا طويلاً يتدلى على كتفها الأيسروقبل أن تسأل وجدته يقدم لها خاتمًا وهو يقول: "ارتدي هذا بيدك اليمنى.."
نظرت للخاتم لثانية قبل أن تأخذه وتفعل ما طلبه تمامًا.. بينما هو الآخر كان يحيط رأسه بوشاح بلون بني ما أن رأته على هذه الهيئة شعرت بدقات قلبها تتقافز دون سبب واضح فقط انبهرت من مظهره..
-: "أنرت المكان شيخنا"
التفتا للرجل المقترب منهما وهي تتبينه فقد كان يقف امام بعض المركبات وما أن وصل إليهما سلم عليه بحفاوة بينما رد بدر بنفس لكنته الغريبة: "شكرًا سلام.."
لم يتجرأ على النظر نحوها كأنه لا يراها بينما يتحدث مع بدر وهي بالكاد تتمكن من فهم كلامهم لكن فجأة وجدته يلتفت لها قائلا: "أنا وخطيبتي سنخرج معكم في هذه الجولة ونريد مركبة مريحة وجيدة.. كما أريد أن تؤمن لنا فراشان ملائمان بالخيم فأنت تعرف كم أكره الاختلاط.. وكذلك خطيبتي.." التفت لها بعدها بينما كانت بالكاد تستطيع التركيز بأي شيء بينما هو يكمل ببساطة: "فريال دعيني أعرفك بسلام إنه أحد الرجال المخلصين لعائلتي.."
كانت تستمع له بضياع وهي لا تصدق ما قاله للتو وبصعوبة تمكنت من رسم ابتسامة مع إيماءة بسيطة..
وبالتالي قال الرجل بسعادة وحفاوة: "مبارك شيخنا.. فورًا سأهتم بإعداد أفضل دراجة لكما.. ولا تقلق بشأن الإقامة هناك المكان مهيأ تمامًا.."
أومأ له بدر قائلاً: "أعلم أنك ستفعل.. لن أعطلك أكثر عن عملك سننتظر هنا لحين التحرك.."
أومأ له الرجل والتفت عائدًا لمكانه وما أن ابتعد وعاد بدر ينظر لها وجدت نفسها تسأل دون أن تشعر: "لم أخبرته أني خطيبتك.."
استند على السيارة بينما يرد بهدوء: "لأن الجميع يعرفون أني لا أملك أي أخوات.. وإن أخبرته أنك ابنة زوج والدتي لن يتفهم وربما أسقط من نظره.. وهو ما لا أوده بالتأكيد.. لكن كونك خطيبتي معناه أننا قرأنا الفاتحة أو عقدنا القران وبالحالتين هذا معناه أنك زوجتي بنظر قبيلتي فلا أحد سيجرؤ على مساس سمعتك بكلمة واحدة كما أن الأمر ليس مشينًا.."
لم تستطع إخفاء سعادتها كونه فعل هذا فقط لأجل الحفاظ عليها وعلى سمعتها.. ورغم أنه ذكر موضوع خوفه على سقوط نظرة الرجل به.. إلا أنها كانت تعلم أنه لا يهتم فعلاً سوى بها.. ورغمًا عنها ابتسمت ووقفت بجواره وهي تسأله: "وماذا سيحدث عندما يعلمون بخداعك.."
نظر لها قليلاً قبل أن ينحني ويقول بخفوت وحروفه تضرب على كل دقة من دقات قلبها وكل شريان ووريد يسير بجسدها وهو يتحدث: "من يدري ربما لا تكون خدعة.."
كانت تشعر بحرارة تندفع من جسدها وتصب كلها بوجنتاها حتى شعرت أنها ستتوهج من فرط الحرارة ورغم أنها شعرت برغبة ملحة بالإطراق وإبعاد عيناها عنه إلا أنها لم تقدر أبدًا وكل ما يدور ببالها أنها تتمنى فعلا ألا تكون خدعة.. أنها لا تريد خلع ذاك الخاتم الذهبي بقطعه اللامعة.. ولا تعلم كيف لكنها شعرت أن هذا ما يدور بباله أيضًا.. وأنه يتمكن من قراءة ما ببالها بوضوح..
قطع هذا الحديث مناداة سلام على بدر ليطلب منهما الاقتراب وعندها نهضا مضطرين بينما أغلق بدر السيارة وحمل الحقيبة وسارا معًا لجهة المركبات.. وعقل كلاهما يدور بنفس الفلك لكن كان كلاً منهما يصل بتفكيره المدفوع من رغبته بمكان مغاير تمامًا عن الآخر..
***
هبطت من سيارتها أمام برج هيرون حيث أخبرها مازن أنه أعد عشاءًا للسيد ماركو بدلًا عن ذلك الذي اضطرها على الخروج منه بسبب قطعة القماش الكارثية كما استمر بإخبارها تلك الليلة.. تحركت ناحية الداخل واتخذت المصعد للطابق الأربعين حيث يوجد أعلى مطعم بلندن والذي يعد من أفضل المطاعم في عاصمة المملكة المتحدة.. التفتت تنظر لإطلالتها بفستانها الذي اختارته بلون زهري يضيق على صدرها الذي يغطيها بالكامل مع بعض الزينة السوداء التي تغطيه وينزل بطبقات عديدة فضفاضة إلى قدميها دون انتفاخ كبير.. ورغم علمها أنه سيعترض على كونه بلا أكمام إلا أنها لم تستطع مقاومة ارتدائه.. وللحقيقة كان الشيء الوحيد المحتشم بعض الشيء بخزانتها.. عضت شفتها السفلى وهي تكافح تلك الابتسامة باستماتة بينما تشغل نفسها بتفحص زينتها البسيطة بلونها الوردي مع شعرها الذي رفعته على هيئة ذيل فرس وشعرت ببعض الرضا وهي تلتفت ولم تكد تمر ثوانٍ وكان المصعد يتوقف فاتحًا بابه لها لتواجهها ظلمة حالكة تتخللها بعض إضاءات الشموع والمصابيح الخافتة شعرت بالغرابة بينما تتحرك للداخل وهي لا تفهم ما يحدث.. سارت بضعة خطوات تتفحص المكان من حولها باحثة عن أي أحد قبل أن تراه يقف بجوار طاولة قريبة من أحد النوافذ الطويلة فاقتربت منه وهي لازالت تتفحص المكان من حولها وما أن وصلت إليه سألته: "ماذا يحدث؟.. أين الجميع؟.."
ابتسم لها وحرك رأسه بينما يرد: "فكرت بإعداد مفاجأة لك لمناسبتين.. الأولى أنك وافقت على خطبتنا.."
ابتسمت له وقبل أن تتفوه بأي كلمة وجدته يكمل: "هل تعلمين ما تاريخ اليوم؟.."
انعقد حاجباها لثانية قبل أن تتسع عيناها تزامنًا مع اتساع ابتسامتها وهي تهمس: "إنه عيد مولدي.. لكني انشغلت لدرجة أني نسيت.."
عادت تنظر لعينيه وهي تكمل بخفوت: "لكن.. أنت تذكر.. لا أصدق أنك لازلت تذكر.."
انحنى قليلا يقترب منها قبل أن يرد: "أنا لم أنسى أبدًا عزيزتي.."
شعرت بقلبها سيتوقف من فرط تصاعد ضرباته بينما تنهد هو مردفًا: "لهذا استأجرت المطعم لتكون أمسية مميزة.. و.."
أخرج بعدها علبة مخملية بلون أحمر وفتحها أمام عيناها لتظهر قلادة من الذهب الأبيض تتدلى منها قلادة تشكل اسمها مرصعة بفصوص سوداء صغيرة مع نهاية كل حرف وأمامها كان خاتمًا من الألماس بماسة سوداء تماثل ماسات القلادة.. وعندها شعرت أن قلبها توقف بالفعل لثوانٍ بينما تحدق بالعلبة قبل أن ترفع كفها المرتجف وهي تمسكها وعندها استطاعت أخيرًا التنفس وهي تهمس لنفسها أنها لا تحلم بالتأكيد.. وأن ذاك الحلم الذي فقدت الأمل به منذ سنوات عانت بها من ألم قلبها قد تحقق..
بينما كان مازن يراقبها محاولا استنباط ردة فعلها قبل أن يقول: "أنا أعلم كم تحبين الأشياء القديمة النفيسة لذا فكرت بإحضار شيء يقاربها لكن بإمكانك تبديلها إن أردت ب..."
-:"أنا لا أهتم.."
همستها قبل أن ترفع له عينان ممتلئتان بالدموع بينما تبتسم وتكمل: "لا أهتم سوى أنك تذكرت وفكرت بصنع شيء مميز لي.."
رمشت بعيناها لثوانٍ قبل أن تقول بتهدج: "لطالما فعلت هذه الأمور المميزة لي.. لازلت أحتفظ بتلك الوردة التي أحضرتها لي في الثامنة عشر لأني كنت أشعر بالغيرة أن صديقتي حصلت على واحدة وأنا لا.. ولازلت أذكر ذلك المطعم الشعبي المميز الذي كنت تأخذني إليه من وقت لآخر وذاك المطعم الموجود على الطريق العام.. كلها أشياء مميز كنت تقوم بها معي فقط.. وأنا لا أهتم سوى بهذا.. سأكون سعيدة فقط لوجودك بقربي واهتمامك بي.."
ابتسم لها ثم رد: "لكن لازلت مصرًا على إلباسك إياه إلا إن كنت تقولين كل هذا لأنه لم يعجبك وتريدين التهرب من ارتدائه.."
ضحكت بخفوت وهي تحرك عيناها عدة مرات لتنفض تلك الدموع بعيدًا قبل أن تسلمه العلبة وبعدها تقدم يدها منه فأمسك بأصابعها وتلك اللمسة الخفيفة الناعمة صنعت بجسدها الأعاجيب ورغم محاولتها المستميتة ألا ترتجف إلا أنها لم تقدر بالذات مع دفعه ذاك الخاتم بإصبعها الأوسط وبعدها رفع يدها ليطبع قبلة رقيقة عليها جعلتها تتشبث بيده بشدة في محاولة أخرى منها لتحاول تصديق أن ما يحدث ليس حلمًا آخر من نسج خيالها المتعلق به تمامًا كقلبها وعقلها وكل جزء منها.. بينما أغلق هو العلبة ووضعها على الطاولة وهو يقول: "سألبسها لك بنهاية السهرة فهي هدية عيد مولدك وأفضل إلباسها لك مع دقات الساعة الثانية عشر.."
ضحكت بخفوت وحاولت مداراة توترها وهي ترد: "أنت رومانسي للغاية الليلة على عكس طبعك يا ابن الجنوب.."
حرك رأسه بينما يضم شفتيه علامة تفكير قبل أن يسحبها ناحية الساحة الفارغة وما أن وقفا زاد خفوت الإضاءة وهو يقترب منها ليحيطها بذراعه بينما يهمس بشجن ونبرة مميزة وابتسامة ساحرة: "لنقل أني لا أريد إظهار الليلة سوى طابع العاشق المتيم لك فتاتي الفاتنة.."
ومع انتهاء جملته تجمدت لثوانٍ بنفس اللحظة التي انسابت بها ألحان الأغنية الأجنبية التي بدأت هادئة ومنسابة بصوتين مميزين قبل أن ترتفع وتيرتها بنفس اللحظة التي وصلت الإشارات لعقلها تؤكد لها أنه قالها بالفعل.. أنه يحبها بالفعل.. أن ابن الجنوب اعترف لها وتمرد على كل شيء لبعض الساعات ليسعدها فقط وها هو الآن يؤكد لها تحقق ما تمنته بإحاطته لها بهذا التملك بينما يحيطها بنظراته الآسرة المحطمة لكل كيانها الصلب ليصل لما أسفله.. لفتاته التي تصرخ به ألا يتركها أبدًا.. بينما تبتهل بداخلها ألا تذهب تلك السعادة مجددًا أبدًا..
..

رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - ريم الحسينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن