رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - الفصل السادس عشر

133 8 0
                                    

قلبي هو من اختار..
فيا لسخرية الأقدار..
كل تلك الأماني..
كل تلك الأحلام..
في النهاية أمست سراب..
بسبب ذاك الاختيار..
صدق من قال قديمًا..
احذر مما تتمنى وانتبه مما تختار..
لكنه لم يذكر كم الألم والرعب..
المترتب على خطأ القلب وعمى الأفكار..

****
كانت تجلس بجواره في السيارة متجهين للمطار بعد أن خرجا من منزله.. كانت تشعر بسعادة من تقاربهما رغم خجلها من اندفاعها نحوه بهذه الطريقة.. إلا أنها كانت تثق به ومستعدة لفعل أي شيء لأجله مع تأكدها أنه أبدًا لن يؤذيها أو يرتكب في حقها أي خطأ.. لكن بنفس الوقت كانت تشعر بتردد بإخباره ما بقلبها.. ولكنها لم تستطع لذا التفتت إليه وفتحت فمها لتتحدث لكن بكل مرة كانت تغلقه مجددًا وهي تحاول البحث عن الجملة المناسبة.
-:"يمكنك التحدث دون خوف
"
لم يلتفت لها بينما ينطق تلك الجملة وعندما لم تتحدث لثوانٍ بعدها أدار نظراته لها وهو يبتسم مطمئنًا إياها بينما يكمل: "لا تخافي وتحدثي فقط بما بقلبك
"
شعرت ببعض الشجاعة وتنفست بعمق قبل أن ترد: "بتلك الليلة التي سبقت سفرنا أنا أخبرتك أني سأتحدث مع عبدالله لأطلب منه أن يتفهم قراري وأني لن أعود عنه
"
مط شفتيه بضجر وقال بخفوت: "لابد أنه لم يتفهم فهو لا يملك شيئًا ليفهم به
"
ضغطت شفتيها معًا قبل أن ترد: "هو أخبرني أنه تفهم قراري.. لكنه أعقب حديثه بإخباري عن شيء عنك أزعجني وضايقني لدرجة أني أغلقت الهاتف بوجهه ورفضت اتصالاته بعدها
"
سألها: "وما هو هذا الشيء؟
"
ابتلعت لعابها بصعوبة وردت: "أخبرني... أخبرني أن لديه صديق يعمل مع ذلك الرجل المدعو محروس الذي حاول سرقتك بواسطة حسان.. وأن صديقه أخبره بشائعات تتردد عن... عنك وعن عائلتك وعملهم
"
ضحك بسخرية وهدوء جعل عيناها تتسعان بينما يسألها: "وماذا أيضًا؟
"
رغم دهشتها ردت: "أنا لم أستمع للمزيد لأني متأكدة أنه كاذب
"
التفت لها لثانية ثم عاود النظر أمامه قائلا: "ألهذا سألتني إن كنت أتعاطى المخدرات
"
كانت تشعر بالخوف رغم أنه كان يسألها برفق واضح لكنها قررت البوح بما في قلبها وردت: "يزيد أنا أقسم أني لم أصدقه.. لكن لن أخفي عليك أني خفت وشعرت بتوتر لازمني طيلة الفترة الماضية.. لقد أخبرتك أن ما دمر أبي عدا دلال والدته المفرط كان تعاطيه لتلك الأشياء التي لازال يتعاطاها رغم كل ما سببته له
"
التفت لها بنظراته الغامضة التي يصعب عليها تفسيرها.. إلا أنها أكملت ببساطة محاولة كبت تلك الدموع وإبقائها بعينيها بينما تفتح فمها وتقول: "لا أريد أن ينظر لك طفلنا كما أنظر لأبي
"
رأت شحوب وجهه وتشتت نظراته قبل أن يعاود تركيزه على القيادة وبعد ثوانٍ من الصمت وجدته يرد: "أنا أعلم دافعك ليان ولا داعي لتبرري
"
ابتسمت بهدوء وهي تتنهد براحة وتعاود الجلوس بمقعدها وقد أحست ببعض الهدوء غافلة عن اشتعال جسد ونظرات ذاك الجالس بجوارها.. وأمامه تتشكل صورة طفلته الصغيرة بفستانها الزهري الذي اشتراه لها بنفسه ليصبح كفنها فيما بعد.. لكنه هز رأسه معاودًا التركيز على الطريق وعينيه تضيقان تزامنًا مع ارتسام ابتسامة خفيفة على شفتيه بينما يهمس لنفسه: "لدي عدة زيارات لأنهيها ما أن أصل
"
***
كانت لولا تجلس بجواره بالطائرة وهي تشعر ببعض الإرهاق التفتت له عندها وجدته يمسك بطاقة لدعوة ما فسألته: "ما هذه؟
"
رد: "إنها دعوة زفاف لصديق لي يدعى داغر
"
ابتسم وقالت بحماس: "هل يمكنني الحضور؟
"
نظر لها يرد: "بالطبع سنذهب معًا لكن هذا بعد عودتي من زيارة جدتي
"
التفتت له بكامل جسدها وسألته: "لم تخبرني عن سر تلك الزيارة
"
تنفس بعمق وقبل أن يقول أي كلمة عاجلته هي: "هل ستطلب منها القدوم لطلب يد ليان لابن عمك؟
"
ابتسم بسخرية ورد: "شيء من هذا القبيل
"
ابتسمت وحركت كتفيها وعادت ترتاح بمقعدها وقبل أن تحاول النوم سمعته يهمس: "أتمنى أن يكون الأمر بهذه البساطة
"
***
بعد ساعات
أوقف سيارته أمام مدخل شارعها كالعادة والتفت ينظر لها وتلقائيًا ابتسم وهو يرى استرخائها بمقعدها بينما ترفع ساقيها عليه وتضمهما مع ذراعيها لجسدها.. كانت قد نامت قليلا بالطائرة وما أن هبطوا واتجهوا للسيارات عادت للنوم فورًا.. بقي لثوانٍ يطالعها قبل أن تمتد أصابعه دون إرادة منه لترفع خصلاتها عن وجهها وأفلتت من صدره تنهيدة حارة.. لم يسبق أن شعر بهذه الرغبة تجاه أي شيء أو شخص.. لكن بمجرد وقوع عينيه على تلك الفاتنة بعيونها المتجمرة انقلب كل شيء بحياته رأسًا على عقب.. لم يعد بإمكانه الابتعاد عنها أو التوقف عن التفكير بها.. لا يعلم ماهية كل هذا.. لكنه يعلم أن الأمر لن يطول قبل أن يحقق رغبته..
مد يده وربت على كفها وهو يناديها بخفوت لتستيقظ.. تململت قليلاً قبل أن تفتح عينيها وتنظر له لثوانٍ قبل أن تتحرك بتعب وهي تنظر حولها.. استقامت بعدها في جلستها وهي تتمطأ وتتثاءب فضحك بخفة قائلاً:

رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - ريم الحسينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن