رهان بلا رابح الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار الفصل الثالث عشر

142 7 2
                                    

تريدين سماعها..
أعلم أنك ترغبين..
تظنيني أبخل عليك بها..
لا تعلمين أني أتمناها أكثر مما تتخيلين..
بالنسبة لك مجرد أربعة حروف لطمئنة قلبك الغالي ورسم ابتسامتك..
لكني أعلم أنها عهد لا ينكسر..
وليس كسر العهد ما يخيفني..
****
وقفت أمام المرآة تتأكد من مظهرها قبل الخروج ورغمًا عنها شرد تفكيرها في ذاك الغائب منذ يومين.. تنهدت ليان بينما تجلس على الفراش وتضع يداها على الفراش بجوارها وهي تتشبث بالشراشف وقلبها يؤلمها ليس لأنه تجاهل كل اتصالاتها خلال اليومين الماضيين فعلى الرغم أنه أرسل أحد رجاله الغرباء الذين يتبعونه بكل مكان ليخبرها أنه اضطر للسفر لقضاء أمر هام إلا أنها شعرت بالغضب لبعض الوقت لفهمهما أنه بالتأكيد رأى اتصالاتها ولم يرد.. لكن سرعان ما تبدل هذا بخوف وتوتر دون سبب واضح.. تنفست بعمق وأغمصت عيناها محاولة إراحة بالها لثوانٍ وعدم التفكير بأي شيء.. لكن أول ما ارتسم خلف جفونها المغلقة كانت صورته هو وعقلها يردد نفس الجملة الغبي
-:"إنه يتهرب منك.."
هزت رأسها بعنف واتكأت بمرفقيها على ساقيها وهي تضع رأسها بين كفيها تحاول نكران الأمر لكنها لم تقدر فقد شعرت بهذا منذ تركها هذا اليوم دون أن ينظر لها حتى وبعدها اختفائه الغير مبرر.. حاولت العثور على سبب أن تكون أزعجته أو أغضبته لكنها لم تجد.. عادت نظر للمرآة لكن ليس لصورتها المنعكسة بل للهاتف الموضوع على طاولة الزينة وقلبها يحثها على الاتصال به ومحاولة فهم ما حدث وسبب اختفائه.. لكن عقلها ولأول مرة منذ رأت يزيد ينتصر لمنعها من الاتصال به..
***
تنفس بعمق وهو ينظر للهاتف بينما يجلس بهدوء على فراشه.. ابتلع لعابه وتنهد مسندًا رأٍسه للخلف مغمضًا عيناه.. لقد نجح بإبعادها فعلا كما أراد أن يفعل.. لكنه فشل بالسبب الذي جعله يفعل هذا.. فهو لم يصل لحل واضح.. فبعد الحادث عاود التفكير يملأه والأسئلة تدور بباله عن رد فعلها عندما تعلم كل شيء عنه والأهم هل هو مستعد لإقحامها بكل هذا.. لكنه لم يجد حلا فعقله رفض تمامًا التفكير حتى بتركها.. فهو يستحيل أن يحنث بكلمته كما أنه لا يريد تركها.. هو يرغبها ولا يمكنه إنكار هذا لكن..
تلك الـ لكن المعلقة بباله دون أن يكملها.. فقط صورتها هي ما تتجسد بعدها.. ليان بوجهها الناعم وابتسامتها العذبة وعيناها المتجمرتان النابضتان بالحياة والأمل.. كل هذه الأمور الرائعة هل ستدوم.. فرغم رقتها ولطافتها هو يعلم كيف ستراه.. كيف ستنظر له.. ورغم هذا لا يعلم ردة فعلها..
استقام بالفراش وأنزل ساقيه على الأرض وهو ينظر للدرج المجاور لفراشه ودون أن يشعر ارتفعت أنامله تتحسس مقبضه ثم تمسكه لسحبه.. لكنه توقف وسواد عيناه يزداد قتامة ولثوان بقي يحدق بالفراغ دون أن يرمش قبل أن يتنفس بعمق ويتخذ قراره بلا تراجع.. سينالها وستصبح له.. ولن يتوانى عن فعل أي شيء لإبقائها بين قبضته..
***
كان يجلس على طاولة الفطور بينما يتفحص الأخبار عبر جهازه اللوحي إلى أن شعر بدخول أحدًا ما فرفع عيناه وابتسم قائلا: "صباح الخير عمي.."
رد له صالح الابتسامة ورد: "صباح النور بني.."
ثم اتخذ مقعده على رأس الطاولة بينما نظر بدر لمعالم الحزن المرتسمة على وجهه رغم محاولته لإخفاء الأمر إلا أن هذا كان جليًا تمامًا كالسبب ورائه.. نظر بدر لخارج الغرفة ليتأكد أن والدته لم تتبعه كما اعتادت كل صباح ثم تنهد بأسى والتفت له قائلا: "رفضت النزول اليوم أيضًا.."
زفر بحزن وهو يهز رأسه نفيًا فأكمل بدر: "إنها تحب يزيد للغاية عمي وهذه ليست المرة الأولى التي تكتئب بهذا الشكل لأجله.."
أومأ له ورد: "أعلم بني وهو أمر لا يغضبني على الإطلاق.. أنا فقط خائف على صحتها.. بالكاد تتناول أي طعام.."
ترك بدر الجهاز اللوحي جانبًا وقرر أن يتدخل وكاد أن يستئذنه للصعود والحديث معها لكنه سمع خطوات تقترب مع صوت ضحكات هادئة ومرحة وما هي إلا ثوانٍ وجد لولا تدخل وهي تعتقل ذراع والدته بينما تتحدث معها وما أن وصلت لوالدها قالت بتفاخر: "أرأيت؟.. أخبرتك أنها لن تقاوم سحري ودلالي تمامًا كالجميع.."
ابتسم والدها وأمسك يدها يربت عليها بينما تقدمت والدته لتجلس أمامه بجوار عمه وهي تنظر له بابتسامة عريضة رغم ارتسام الحزن والإرهاق على ملامحها وهي تقول: "صباح الخير عزيزي.."

بالكاد استطاع انتزاع عيناه عن تلك الهرة المشاكسة التي تداعب والدها ورد بهدوء: "صباح النور أمي.. كنت على وشك الصعود للاطمئنان عليك.."
اتخذت لولا طريقها وجلست بجوارها وهي تقول: "كفاها كسلاً.. أنتما تدللانها كثيرًا.."
التفتت لها وفاء وردت: "لم يكن الكسل أبدًا من صفاتي يا فتاة.."
بدأت لولا بسكب الشاي لنفسها بينما تقول بمشاكسة: "أثبتي هذا إذًا.. فلن أصدق إلا عندما تعودين لنشاطك.."
ضحكت وفاء بخفوت وعادت تنظر له وقبل أن تسأل قال: "لقد حادثت الطبيب فأنت تعلمين طفلك المدلل الكتوم يابس الرأس لن يخبرني إن كان يشعر بالألم.."
حدجته بنظرة صاعقة وهي ترد بحدة: "لا تقل هذا عنه.."
التفت لصالح وقال: "أرأيت عمي؟!.. أخبرتك أنها تفضله علي.."
اكتفى صالح بالضحك قبل أن ترد وفاء: "دعك من هذا بدر وأخبرني بكلام الطبيب.."
أمسك بكوب الشاي وهو يرد: "أخبرني أنه ولله الحمد أنقذ الإصابة من ابنك وأنه أصبح مستعدًا للعودة لإفساد حياتنا.."
تنهدت وفاء براحة وبدأت بتناول الطعام بينما بدر ينظر لها ثم للولا التي انشغلت عنهم بهاتفها كالعادة وعندها ابتسم وقال: "كنت أفكر بما أن حالة يزيد استقرت فبإمكاننا السفر لقضاء عطلة ما رأيكم.."
وكما توقع لم يكد يكمل جملته وجد رأٍسها ترتفع نحوه بحدة وهي ترد بحماس: "إلى أين؟.."
قال: "ألم أعدك بركوب اليخت.. لنسافر ولنقضي عطلة صيفية على الشاطيء.. ما رأيكم؟.."
-:"لكن لدي عمل بدر.. أنت تعلم نحن بصدد افتتاح المعرض.."
قالها صالح باعتراض فرد بدر: "يمكن لرجلين أن يهتما بالافتتاح والنفقات لحين عودتنا كما أننا لن نتأخر.."
التفت صالح ينظر للولا التي بتلقائية نظرة له بشفاه مزمومة وعينان متسعتان كالقطة التي تستجدي مالكها بعض المرح ولم يكن ليلوم السيد صالح على رده التالي فحتى هو كان ليمنحها أي شيء إن نظرت له بهذه الطريقة..
تنهد صالح وقال: "حسنًا لا بأس مادام الجميع موافق.."
التفتت لولا لوفاء التي قالت سريعًا: "لا مانع عندي مادام هذا سيسعدك.."
عندها نهضت لولا وصفقت في الهواء وهي تهتف بحماس: "وقت إعداد الحقائب.."
ودون أن تفكر بدأت بالتحرك لكن بدر أوقفها قائلا: "انتظري.."
التفتت له فأكمل: "لدينا دعوة لعيد ميلاد سالي الليلة هل نسيتي؟.."
توقف عقلها لثانية قبل أن ترد: "أجل بالفعل نسيت لثانية.."
قال: "حسنًا سأمر لآخذك في الثامنة.. لن نمكث هناك طويلا وبصباح الغد نغادر.."
أومأت بابتسامة ثم خرجت تركض من الغرفة بينما نظر هو لساعته قبل أن ينهض حاملا مفتاحه وجهازه اللوحي ثم تحرك لطبع قبلة على رأس والدته قائلا: "سأغادر للعمل أمي.." نظر لها وأكمل: "تناولي طعامك ولا تقلقي عليه إنه بخير.."
أومأت له بينما تربت على كفه فالتفت لصالح وقال: "أراك بالمساء عمي.."
رد: "تصحبك السلامة بني.."
تحرك بعدها ليغادر وما أن خرج وجدها تتحرك من ناحية المطبخ لتصعد الدرج وهي تقول: "أسرعي سميرة فلا وقت لدينا.."
تحرك عندها وهو يقول: "تناولي فطورك أولا يا مجنونة.." لكنه علم أنها لن تنفذ طلبه..
بينما كانت وفاء تراقب الموقف بابتسامة ظفر وعقلها يأخذها بالتفكير لمكان بعيد لم يعيدها منه سوى صوت صالح وهو يقول: "أود سؤالك أين ذهبت بخيالك؟.."
التفتت له وهي تبتسم وترد: "ولكنك تعرف بالفعل.."
***
تحركت رحمة بنشاط ناحية مكتب مازن وهي تنتوي دعوته على الغداء بعد الانتهاء من عملهم بذاك المطعم اللطيف الذي رأته صباح اليوم أثناء قدومها للشركة.. وقفت تنظر لمكتب مساعدته الخاوي وتلفتت تبحث عنها بعينيها لكنها لم تجدها.. فهزت كتفيها بلامبالاة وفكرت أنها بالتأكيد ذهبت لقضاء شيء ما ثم تحركت ناحية الباب وطرقته وما أن سمعت الإذن بالدخول فتحت الباب بابتسامة واسعة وقبل أن تفتح فمها لإلقاء تحية الصباح تجمدت ابتسامتها وجسدها بأكمله وهي تنظر للجالسة أمام مكتبه.. كانت فتاة بشعر أحمر لامع ترتدي تنورة قصيرة وقميص ضيق بلا أكمام ولم تلتفت لها حتى فقد كانت تحدق بمازن بابتسامة مغوية بينما تتحدث بدلال واضح وبلكنة فرنسية واضحة..
-:"تعالي رحمة.."
قالها فأيقظها من سهام نظراتها التي صبتها على تلك الشعلة المدللة وهي تفكر بإلقاء كافة دروس الأرستقراطية والتحضر عرض الحائط وسحبها من شعرها وإلقائها خارجًا.. إلا أنها تمالكت نفسها واقتربت منه فوجدته ينهض ويقترب منها وما أن وقف بجوارها ابتسم بهدوء فجعلها تهدأ قليلا فهو كان يبتسم بعملية بينما يحادث تلك الغريبة على عكس الدفء الذي يشيعها به الآن فجعلها تبتسم بتلقائية وهو يشير للجالسة قائلا بالإنجليزية: "هذه الآنسة سيلي وهي مساعدة السيد ماركو عميلنا الجديد الذي سنمضي العقود معه الليلة.."
أومأت له بتفهم واضطرت مرغمة النظر لها بينما يقدمها: "آنسة سيلي هذه الآنسة رحمة شريكتي.."
ابتسمت ابتسامة طفيفة جعلتها ترغب بصفعها فهي تعلم هذه النظرة جيدًا وتعلم معناها ألا وهو: "وجودك ليس مرحبًا به.."
إلا أنها فضلت التماسك والتحمل حتى لا تحرج مازن فهو تعب كثيرًا للحصول على تلك الصفقة لذا تنهدت وقالت بعملية: "تشرفنا.."
نهضت واقتربت تقول: "شكرًا آنسة رحمة.."
ثم التفتت لمازن تكمل: "هلا غادرنا الآن فلا أريد التأخر عن ماركو.."
اتسعت عيناها والتفتت له سريعًا فقال: "طلبت من مساعدتي إحضارك حتى أخبرك أن تتولي إعداد العقود ومراجعتها والاهتمام بعملي لأني سأخرج مع الآنسة لأريها شاحنات النقل وأطمئنها على سلامة منتجاتهم.."
فقط تلك اللهجة العملية هي ما ساعدتها أن توميء بصمت وهي ترسم ابتسامة متكلفة على شفتيها ولثوانٍ بقيت بمكانها تراقبه بينما يلتقط سترته ويتحرك مع تلك المرأة التي بقيت تضحك بغنج دون سبب واضح.. وما أن خرجا تحركت تجلس على مقعده وهي تضع ساقًا فوق الأخرى وتعقد حاجبيها وذراعيها في محاولة مستميتة لتهدئة نفسها لكنها لم تقدر ونفثت النيران الناشبة في صدرها وهي تكز على أسنانها وتهمس: "لم أكد أستحوذ على اهتمامه لتظهر تلك الغبية.. ما هذا الحظ العثر الذي يرافقني.."
طرق الباب عندها ودخلت مساعدة مازن وما أن وقفت أمامها قالت: "صباح الخير آنسة رحمة.. لقد كنت أبحث عنك في الشركة.."
أومأت لها بصمت بينما تحاول أن تبتسم.. ولكن الفتاة لم تمهلها وقتًا لرد التحية فوضعت ملفًا أمامها وهي تقول: "هذه الأوراق الخاصة بصفقة شركة السيد ماركو.."
قدمت ملفًا آخر بينما تكمل: "وهذه نسخة عن العقود.."
ثم التفت حول المكتب تفتح الجهاز اللوحي وتقدمه لها وهي تردف: "وهذه بعض الصور من المكان الذي ستتم به عقد الصفقة.. لقد طلب مني السيد مازن انتقاء مكان مناسب وهذا واحد من أفضل المطاعم بلندن يقدم وجبات إيطالية رائعة وقد اخترت واحدة من الطاولات المجارة للنوافذ المائلة بالطابق الثاني.."
تذكرت عندها أنه أخبرها بشيء مماثل البارحة لكنها كانت مشغولة ونسيت تمامًا فالتفتت لها وسألتها: "هل موعد العشاء الليلة.."
أومأت لها بلطف بينما ترد: "أجل.. والسيد مازن أخبرني أنك ستقومي بالتأكد أن كل شيء يسير على أكمل وجه.. وأنا مستعدة لإجراء أية تعديلات.."
ابتسمت رحمة عندها وهي ترتاح بمقعدها.. لقد واتتها الفرصة أخيرًا وعليها اقتناصها.. ثم التفتت لها ونهضت بحماس تقول: "حسنًا ماذا ننتظر؟!.. لنشرع بالعمل فورًا.."
ثم تحركت بنشاط ترسم خطتها بوضوح.. فأولا عليها الانتهاء من مراجعة الأوراق والعقود بأسرع وقت.. ثم الذهاب للمحامي للتأكد من أنه راجعها أيضًا وتأكد من كل البنود.. بعدها تذهب للمطعم مع مساعدة مازن للتأكد من أن المكان ملائم وتتأكد من وجود قائمة ملائمة من الطعام.. وأخيرًا عليها الذهاب إلى بوند ستريت لاقتناء ثوب خاص للسهرة..

***
ما أن ولجت لداخل غرفة الإدارة اتجهت لمكتبها تضع عليه حقيبتها ولكنها توقفت مشدوهة وهي ترى باب غرفة مكتبه مفتوحًا.. كانت تعلم أن لا أحد يدخل إلى غرفته دون أن تكون هي موجودة خلال الأيام الماضية وحتى بوجودها فالجميع بلا استثناء إن أرادوها بشيء يتحدثون من على الباب أو يطلبوا منها الخروج لأخذ بعض الأوراق.. ولم تعلم السبب وراء ذلك الخوف البادي من أعينهم أثناء حديثهم أو وقوفهم بقرب المكتب.. عادت لأرض الواقع واقتربت من باب المكتب بهدوء وما أن وصلت نظرت للداخل.. فاتسعت عيناها وارتسمت ابتسامة على محياها وهي تراه واقفًا أمام مكتبه يتفحص بعض الأوراق.. كاد عقلها أن يحكم السيطرة على اندفاعها وهو يطلب منها التعامل ببرود ويذكرها بتجاهله لها طيلة اليومين السابقين.. لكن كل شيء تجمد ما أن لاحظت ذراعه المجبر وعندها لم تفكر فقط وجدت ساقيها تندفعان للدخول دون استئذان حتى..
كان يزيد ينظر لها وهو يحاول كتم ضحكته فقد دخلت قبل ثوان وما أن وقعت عيناها على إصابته.. اتسعت عيناها وبقيت تحدق به بصدمة دون اي كلمة وقد اعجبه هذا فمن جهة يمكنه التمتع بالنظر لعينيها الجمريتين الساحرتين.. ومن جهة يملؤه هذا الشعور الرائع وهو يرى التوتر والقلق عليه ينبضان من كل قسمات وجهها.. لم يحاول التحدث لقطع تلك اللحظة فقط تحرك ليقف بالقرب منها وهو يتمتع بكل لحظة تمر وهو يتشرب ملامحها البريئة التي اشتاق إليها.. ولا يعلم الآن كيف تمكن من احتمال الأيام الماضية دون رؤيتها..

رفعت نظراتها له أخيرًا وهي تفتح فمها وتغلقه عدة مرات قبل أن تتمكن من النطق قائلة: "ماذا.. ماذا حدث؟.."
أشار لذراعه قائلا: "تعنين هذا.. إنه حادث بسيط.."
انعقد حاجباها بشدة وهي ترد: "لا يبدو بسيطًا لي.. وجهك أيضًا مصاب هل تشاجرت مع أحد.."
إتكأ على المكتب وقال بثقة: "لو كان شجارًا لما كان أصابني خدش واحد.."
ابتسمت رغمًا عنها وهي تستمع له ثم عاودها القلق وهي تنظر للضماد وتسأل: "هل كان حادثًا بالسيارة إذًا.."
اكتفى بالإيماء بصمت فاقتربت منه وأكملت بعتاب: "لهذا لم ترد علي.. كان عليك إخباري لأزورك بالمشفى.."
ابتسم لها ورد: "كنت بالمنزل فأنا لا أحب المشافي وأيضًا إصاباتي لم تكن تستدعي بقائي بمشفى.. لكني كنت نائمًا معظم الوقت.."
رغم شعورها بشيء غريب بداخلها يخبرها أن هناك خطئًا ما.. إلا أنها لم تكترث وابتسمت بسعادة وهي تقول: "حمدًا لله على سلامتك.. المهم أنك بخير.."
ابتسم وهو ينظر لعيناها قليلا قبل أن يرد: "إذًا أين فطوري.."
اقترب منها برأسه وهمس بحرارة تلفح وجهها لتجعل الدماء الحارة تُضخ بجسدها: "لم أتناول الفطور خلال الأيام السابقة فقد اعتدت وجودك معي أثناء تناوله.."
كانت أطرافها ترتعش بينما وجنتاها تحولتا للون الأحمر ودقات قلبها تطن بأذنيها بينما تبتسم وتقول بحماس: "سأطلبه في الحال.."
ثم التفتت تتحرك برشاقة وقد ملأها النشاط على عكس ما كانت عليه قبل دقائق.. بينما يزيد ينظر بأثرها وهو يعدد الكذبات التي ألقاها على مسامعها ورغم شعوره بالأسف إلا أنه تجاهله وقرر المضي قدمًا بما انتواه..

رهان بلا رابح - الجزء الأول من سلسلة غرباء جمعتهم الأقدار - ريم الحسينيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن