الفصل الأوّل

774 36 15
                                    

قد حُرّم عليّ جمال صوتكِ .. وعيناكِ التّي نالت نصيباً لا أذكر مقداره بقلبي .. نعومة يديكِ و ملمسها فلا تُفسّري عِشقي لكِ جفا .. فما ليَ بابٌ أطرُقه إليكِ إلاّ الحلال (:

**************************************

في احدى الشركات العالمية و التي يتنافس عليها مديري الأعمال

يجلس ذلك الشّاب الثّلاثيني في مكتبه .. و معالم الارهاق بادية على ملامحه الرجوليّة .. عيناه الرّمادية الّتي تنافس الزّجاج في حدّته و خصلات شعره اللّيلة .. أنفه الشّامخ بكبرياء .. لحية خفيفة تزيّن ذقنه مع غمازة تظهر كلّما شقّت ابتسامته السّاحرة شفتيه .. حتّى باتت الفتيات تتساءل اذا ما كانت لديه أصول أجنبية ليحمل هذا القدر من الجاذبية

إنّه " إياد حيدر " من أشهر و أكبر رجال الأعمال عبر العالم لشركة صنع الألماس .. معروف بذكائه و جديته في العمل كما أنّه قد حققّ انجازات أضافت لمسة في هذا المجال .. فمن يسمع اسمه يرغب في اشباع فضوله عن شخصيته الغامضة

طرقات خفيفة على الباب لا تكاد تُسمع إلاّ إذا أمعنْت فيها .. و لكنّه التقطها نظرا للهدوء المخيّم على المكان .. أذن للطّارق بالدخول بعد أن صفّى حلقه

دلف رجل تظهر عليه خطوط الزّمان يجرّ قدميه بثقل ملحوظ   ملقيًا عليه السّلام بحنان 
واقفا أمامه يمسح قطرات العرق المتصببة من جبينه  بمنديل أبيض مرافقا له دومًا  قائلاً بتنهيدة عميقة  :

- جئتك قاصدًا بنيّ و أرجو أن لا تخيّب ظنّي -

إنّه العمّ " مصطفى " رجل طيّب دائما ما يلقاه بابتسامة حانية  ..  كأن ّ الحياة  لم تعصف به يوما بأمواجها و ريحها العاتية  .. و لكن لحظة  ما الأمر الذّي يجعله بهذه الحالة .. كأنّ روحه منهكة

أجابه  " إيّاد " مشيرًا إليه بالجلوس على احدى المقاعد المريحة :

- تفضّل يا عمّ " مصطفى " ما الأمر الذي يدعو إلى قلقك هكذا ؟! -

استدار إليه الأخير بملامحه العبوس قائلاً بعد أن استجاب لاشارته :

- ماذا أقول يا بنيّ إنّما الأعمار بيد الله .. و لا أحد يعلم متى سيكون القبر مسكنه .. فجئت إليك أطلب  معروفًا -

لاحظ علامات الاستفسار على ملامح الأخير مما حثّه على الاسترسال  :
- قبل أيّام ذهبت إلى المستشفى لأُجري بعض الفحوصات الضّرورية .. نظرًا لنوبات الاغماء الّتي تداهمني .. فأخبرني طبيبي بأنّه .. أنّه لديّ ورم في أعلى الرّأس و هو في مراحله المتطورة.. و أحتاج إلى عمليّة لا أعلم إذا ما ستنجح أم لا و لكن الحمد لله .. فجئت أطلب منك أن تمنحني اجازة أستعدّ فيها للعمليّة -

مسح "إيّاد " وجهه بتأثر مبتسما في نفسه بسخرية .. الآن فقط كان يحسده على ابتسامته الدّائمة .. و الآن يكشف له أوراقه خلفها .. من قال أن الحياة عادلة .. يا لها من مهزلة حقّا 
أجابه بابتسامة صغيرة :

خطوط  حمراء   || Red Lines ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن