الفصل الخامس

240 28 15
                                    

أطبقت جفنيها بقوّة لا تستوعب ما يحدث .. ها قد أعلن صكّ ملكيته عليها بتوقيعه المتقن الذي لمحته ... حينما جاء دورها في امضاء القبول .. ترددت في بادئ  الأمر ممسكة بالقلم و الضّياع يرتسم في مقلتيها الواسعة ..  الخوف ونسيها الآن .. فكيف لها أن تتعايش مع شخص مثله ؟! كيف ستتعامل معه بجفائه .. فوضت أمرها للخالق و هي تخطّ أحرف اسمها بعشوائية كتشتّت عقلها و بعثرة قلبها ... أصبحت على ذمّة الوقح كما تنعته ..

حاولت أن تتماسك في تلك اللحظة الّتي سلّمها والدها له مردّدا خلف المأذون بفرحة تغمر صوته "زوَّجتك ابنتي " شعرت بأنها حقّا تنسلخ عن هذه الحياة مع كلّ لحظة تقترب فيها من هاوية الارتباط به

أمسكت " جيهان " بيدها تضغط عليها بحنان .. فكانت تراقبها منذ دلوفها .. تعلم بأنّ هناك حلقة مفقودة في هذا الزّواج .. كيف له أن يتمّ بهذه السّرعة ؟! و دون أي سابق إنذار ؟! .. و مَن هذا الشّخص الغريب !؟ .. بينما تجلس " أريج " على مقربة منها في الجهة الأخرى .. فهي وصلت قبل لحظات مع " يوسف " و كردّة فعل منها وقفت متصلبة في مكانها ما إن لمحت الأجواء .. تنظر لهم بعدم فهم ..

- بارك الله لكما و بارك عليكما و جمع بينكما في خير -

جملة صرّحها المأذون كانت كفيلة بطعن روحها  .. نظرت إليه و هو يحتضن أباها بابتسامته الجذّابة .. لكنّها تراها كابتسامة الأشباح المخيفة التّي تظهر في أفلام الرعب المحرمة  .. أقسمت بأن لا تُظهر ضعفها أمامه .. ستواجهه بقوّة و تقف له بالمرصاد .. لن تدعه يقترب منها شبرا واحدا ..  و إن فعل فستكون نهايته على يدها

أصبح النّظر إليه حلالا .. لن تكذب ! .. فرغم عجرفته إلا أنّه وسيم بحقّ .. انغمست في رحلة استكشافها لملامحه ..  أنفه المستقيم و غمازته الّتي تزداد في التعمق بوجنته مع اتّساع ابتسامته ..

رفعت بصرها إلى عينيه الحادّة .. و المصيبة الّتي أفجعت قلبها أنه غمز لها .. اللعنة !! .. كان يراقب نظراتها ..

أحسنتِ " بتول " الآن ماذا سيقول عنكِ المعتوه !؟ .. هتفت بها في نفسها كنوع من العتاب ... .. من المستحيل أن تعجب بشخص مثله .. ما هي إلا صفقة و ستنتهي .. تشعر بأنها في دوامة
تتساءل عن سبب وضع نفسها في هذه المعركة ..

خطوط  حمراء   || Red Lines ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن