يبلغ زيستو من العمر عشر سنوات، ما يعني أنه أصغر بعشر سنوات من كيوني. خلال السنوات الثلاث الماضية، كان زيستو يعمل بجدّ أيضًا، تمامًا مثل كيوني، فقد اعتبره قدوته في الحياة ، وكانت علاقتهما مبنيةً على الاحترام، حتى أن بعض الناس تعجّبوا من تلك الصداقة التي كانت تجمعهما.
في إحدى الليالي استيقظ كيوني مضطربًا، ولم يستطع العودة لفراشه، وفي الصباح نال منه التعب و قرر عدم الخروج للعمل.
مكث كيوني في المنزل قلقًا و منزعجًا، وفي المساء ، قبل غروب الشمس بقليل، سمع طرقًا على الباب. لقد كان زيستو، و راح يسأله عن سبب غيابه عن العمل طوال اليوم.قال كيوني:
"أنا آسف جدًا يا زيستو ، لم أكُن على ما يرام هذا الصباح".ثم سأله زيستو:
"هل أنت مريض أم ماذا؟ أتريد أن أستدعي طبيباً؟".أجابه كيوني قائلًا:
"لا أعتقد أن الطبيب يمكنه مساعدتي في هذه الحالة".قال زيستو:
"أنا لا أفهم ما تقصد!".ساد الصمت للحظة ، ثم سأل كيوني زيستو قائلاً:
"تخيّل أن تستيقظ ذات يوم وتكتشف أن الجميع قد تخلّوا عنك، ألن يزعجك ذلك؟".
فوجئ زيستو من ذلك السؤال و قال:
"ظننتُ أنك طويتَ صفحة الماضي! أتذكُر عندما سألتُك عن عائلتك وقلتَ أنك نسيت أمرهم و أنّ الموتى لن يعودوا إلى الحياة؟"."صحيح ، لقد قلتُ ذلك. لكن الليلة الماضية أيقظني حلم سيء، رأيت والدي ، لا أتذكر وجهه بوضوح، لكنني أعلم أنه كان هو، وكان يطلب مني أن أبحث عنه".
قال زيستو مازحا:
"إذًا عليك أن تذهب إلى الجحيم لتجده".انزعج كيوني و صاح:
"لكنني أقول الحقيقة، لقد كان والدي، ومنذ الليلة الماضية كنت أفكر في الأمر ، قد يكون على قيد الحياة و يريدني أن أبحث عنه".ثم قال زيستو:
"اسمعني يا كيوني ، لو كان والدُك حياً بالفعل ، لكان قد عاد إلى هنا، ولو كنتُ مكانك ، لما اهتممت بأمرهِ حتى لو كان حياً"."لكن..."
و قبل أن ينهي كيوني كلامه قاطعه زيستو قائلاً:
"لقد عشتَ حياةً صعبة بسبب عائلتك التي تخلّت عنكَ، لذا عليك أن تنسى أمرهم أيضًا، أنت تعمل الآن و تكسب ما يكفيك من المال، عليك أن تكون ممتنًا على الأقل، كيوني".سكت كيوني لبرهة ثم قال:
"لا بأس يا زيستو، أعتقد أنك على حق، حقًا يجب أن ننسى الموتى".ثم قال زيستو مبتسمًا:
"هكذا عرفتُك يا كيوني، باردَ القلبِ كعادتِك".ابتسم كيوني، ثم عادت النظرة الحادّة إلى وجهه وقال:
"تأهّب اذن، سنذهب للصّيد".اندهش زيستو وصرخ:
"ماذا ؟! في هذا الوقت؟! ".